قال رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني إن مكافحة الفساد " معركة الجميع من حكومة وهيئات مختصة ومجتمع مدني ومواطنين". وأكد العثماني على أن "محاصرة الفساد، وإضعافه، وإغلاق منافذه، والحد منه، سينعكس إيجابا على المدى المتوسط والبعيد في تحسن المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية". وأوضح العثماني، الذي كان يتحدث في افتتاح أشغال الدورة الثالثة لمؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، الثلاثاء 7يناير 2020بالرباط، أن " تحقيق النجاح في مكافحة الفساد، مع كسب الانخراط الفعلي لشرائح واسعة من المواطنين، من شأنه أن يسهم في تحقيق التنمية المنشودة، والرفع من مستوى عيش المواطنين، وتقوية اقتصاديات البلدان وبث الثقة بين المواطنين في المؤسسات الوطنية". وفي معرض كلمته، قدم رئيس الحكومة مختلف الإصلاحات ومجموع التدابير الإجرائية، التي اعتمدها المغرب للتصدي للفساد وتوفير مناخ الشفافية والحكامة والنزاهة وفي مقدمتها الاستيراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد، التي تم اعتمادها في 2015 . وأوضح العثماني أمام الحاضرين أن " المغرب يشهد انخراطا وطنيا واسعا وجهودا تشريعية وإجرائية معتبرة" في مجال التصدي للفساد. وإذ ثمن العثماني النتائج الأولية، التي ترتبت عن جهود المغرب في مكافحة الفساد، ممثلة على سبيل المثال في تحسن ترتيب المغرب على مستوى المؤشر العالمي لإدراك الفساد لمنظمة الشفافية الدولية وكذا ترتيبه ضمن مؤشر "ممارسة الأعمال"، فإنه شدد قائلا : " هناك انعكاسات إيجابية على عدد من المؤشرات غير أننا لا زلنا نطمح إلى المزيد". واستطرد العثماني مؤكدا :" هذه النتائج الأولية، وهذا التحسن، وإن كان مشجعا فإنه غير كاف، ونطمح إلى المزيد، ونحن عازمون وملتزمون بمضاعفة الجهود لتحقيق تحول ملموس وأكثر أثرا على حياة المواطن والمقاولة. إن محاربة الفساد التزام لا رجعة فيه، أمام شعوبنا وضمائرنا وتاريخنا". وشدد العثماني على ضرورة تكثيف الجهود والتنسيق وضمان التقائية المبادرات والمخططات في مجال مكافحة الفساد. إذ اعتبر رئيس الحكومة أن الكلمة المفتاح لإنجاح محاربة الفساد هي العمل الجماعي والتكامل والتنسيق والتعاون . وأوضح العثماني في هذه السياق أن الحكومة المغربية، "وضعت بصفتها السلطة التنفيذية، محاربة الفساد أولوية في برنامجها، ووضعت لذلك خطة عمل واضحة وبرنامج عمل مدققا، تعمل على تنزيله وتطبيقه، مع الحرص على تحقيق أعلى مستوى ممكن من الالتقائية والتنسيق بين مختلف القطاعات والمتدخلين الحكوميين". وزاد مؤكدا "لكن ذلك سيبقى ناقصا دون الانخراط الكلي لباقي السلط والهيآت والمؤسسات المعنية، وإسهامهم في محاربة الفساد، كل بحسب اختصاصاته وفي مجال تدخله". كذلك، نبه العثماني إلى أن المواطن يظل دعامة أساسية لكسب رهان محاربة الفساد حيث قال : "وتبقى الحلقة الأدق والأكثر تأثيرا، والتي عليها المعول أولا وأخيرا، هي المواطن الواعي والمنخرط. فهو صاحب الدور الأساسي في مكافحة الفساد، وفي الامتناع عن الاستجابة لإغراءاته، وفي فضح مرتكبيه والتبليغ عنهم، والتثبت عند نقل الأخبار وترويجها، وفي إطلاق دينامية إصلاحية ونفس إيجابي شامل، يدعم ويقوي الثقة الجماعية". ودعا العثماني المشاركين في المؤتمر إلى" الرفع من نجاعة الإطار العملي التشاركي المعتمد، والعمل على التطوير المستمر لمنهجية اشتغال مؤتمر الأطراف واستفادته من الممارسات والتجارب الفضلى على الصعيد الدولي". وتنعقد الدورة الثالثة لمؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، على مدى يومي 7و8يناير 2020بالرباط، وقد اختارت موضوعا " الشراكة والشمولية والعمل المندمج كأساس لفعالية الاستراتيجيات الوطنية لمكافحة الفساد". وقد انعقدت الدورة غداة اليوم الوطني بالمغرب لمحاربة الرشوة، الموافق لسادس يناير من كل سنة. وقد خُصص اليوم الأول من الدورة الثالثة لمؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، المنظمة بشراكة بين جامعة الدول العربية والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، التي تترأس الدورة الثانية للمؤتمر، لفعاليات منتدى عربي حول موضوع : "الاستراتيجيات الوطنية لمكافحة الفساد، مقاربة تشاركية، شاملة ومندمجة، ضامنة للفعالية والتأثير الأمثل"، بمشاركة رؤساء وممثلين عن سلطات وهيئات مكافحة الفساد بالدول العربية، فضلا عن القطاعات والمؤسسات الوطنية المعنية ومؤسسات جهوية ودولية، ومجتمع مدني وخبراء وباحثين مختصين في مجال النزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها. أما اليوم الثاني من الدورة، فشهد مواصلة وفود الدول الأطراف في الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، من الأردن والبحرين وتونس والجزائر والسعودية والسودان والعراق وسلطنة عمان وفلسطين وقطر والكويت ومصر والمغرب، لأشغال الدورة، بحضور وفود دول عربية أخرى من اليمن وليبيا وموريتانيا، بصفة ملاحظ، وكذا مجموعة من المنظمات القطرية والدولية، التي تحضر المؤتمر بصفة مراقب. وانصبت أشغال الوفود العربية على متابعة تنفيذ القرارات الصادرة عن المؤتمر الثاني للدول الاطراف في الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، المنعقد بمقر جامعة الدول العربية في دجنبر 2017، بالإضافة إلى مناقشة تقرير وتوصيات الاجتماع الثالث للجنة مفتوحة العضوية المكونة من الخبراء الحكوميين للدول الأطراف في الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد.