لأنه مهرجاننا الذي تمنينا و سنتمنى نجاحه.. في كل مهرجان سينمائي عالمي، هناك صالح و هناك طالح، و هناك تألق يكون مرفوقا بهفوات، و هناك جد لا يمكن أن تغطي عليه تفاهات لها جمهورها في كل البقاع. مهرجان مراكش السينمائي الدولي يحمل أحيانا أكثر مما يحتمل، و كثير من دعاة الرقي بالذوق، هم أول المتخلفين عن مشاهدة أفلام المسابقة و غيرها التي تعرض، و هم أكبر الغائبين عن نقاشات مهنية تحضرها نفس الوجوه تقريبا منذ سنوات. من له النية للقيام بتقييم حقيقي، لن يتوقف كثيرا على نتائج مهرجان سينمائي عالمي بلجنة تحكيم مكونة من أناس يشهد لهم العالم بالمهنية. كل لجنة لها اختياراتها، و كل اختيار يكون الموضوعي فيه حاضرا، و أحيانا قد يثير الأمر استغرابا مؤقتا يليه عبور للاطلاع على العناصر الأهم التي تحكم على مستوى كل موعد سينمائي. مهرجان مراكش كان و لا يزال يجلب نجوما عالميين، و كان و لا يزال يمنح متنفسا لأهل الميدان عندنا للاطلاع على تجارب عالمية، و التواصل مع أصحابها بدون كثير تعقيدات. لأنه مهرجاننا الذي تمنينا و سنتمنى نجاحه.. لن يماري عاقلان بأن مهرجان مراكش السينمائي أمامه الكثير ليحقق توازنات مطلوبة على مستوى البرمجة، و جلب أعمال إفريقية و عربية في عرض عالمي أول. أن نضع في كل موقع، الشخص المناسب و القادر على أن يضع لمسته بأقصى سرعة. المهمة ليست بالسهلة كما يمكن أن يعتقد للوهلة الأولى كل متابع غيور على موعد يقام على أرضه، لكنها كما قلت و رددت منذ سنوات ليست مستحيلة نهائيا إذا تم الاعتماد على كفاءات. الطريق لتحقيق هذا المطلب غير معبدة، و من الضروري التعاون مع أشخاص يملكون المفاتيح منذ مدة طويلة، و التفكير مجددا في افتتاح سوق للفيلم و هو رهان كبير و أساسي. التفاصيل الصغيرة، كانت و ستبقى صغيرة و لن تنقص من مجهودات فرق مغربية تشتغل في مهرجان له نجاحاته التي تتخللها أحيانا بعض من أخطاء. الأخطاء تحدث و يتكرر حدوثها حتى في كل المهرجانات العالمية التي أتابعها عن قرب منذ خمس عشرة سنة، و في "كان" قبل سنتين بدأ عرض الفيلم الكوري "أوكجا" ل"بونغ جون هو" و لعبت دوره الأول "تيلدا سوينتون" التي رأست لجنة التحكيم في مراكش. توقف العرض في القاعة الكبرى في قصر مهرجان "كان" بعد ثمان دقائق بسبب مشاكل تقنية، رغم أننا نتحدث هنا عن الموعد السينمائي الأول عالميا. ما يهمني أولا، هو أن مهرجان مراكش السينمائي، يمر منه طلبة يتعلمون السينما، و بعد سنوات تعثر عليهم في المسابقة الرسمية و من ضمنها علاء الدين الجم. ما يهمني ثالثا هو تطوير تجربة ورشات أطلس لأن الفكرة تستحق التشجيع، و ما يهمني ثالثا، تريث و اعتماد على الكفاءات لتحقيق مزيد من مكتسبات في مهرجان يتوفر له ما يغيب عند غيره، و هي حقيقة لا تحتمل أي تشكيك. لأنه مهرجاننا الذي تمنينا و سنتمنى نجاحه.. في كل مهرجان عالمي، كل ما تبحث عنه، يبحث عنك. و السجاد الأحمر في برلين أو كان أو البندقية، لا يمر يعبر منها نجوم السينما لوحدهم، بل يمر من فوقها أيضا أناس ليسوا بالضرورة من المدعوين. عندهم أيضا، يسخرون من أشخاص يحصلون على دعوات بطرقهم الخاصة، و يصير من حقهم سلك نفس الطريق المخصصة لصناع و نجوم السينما. عندهم أيضا يسخرون منهم، لكنهم يعبرون للاطلاع على الأهم. عندنا حين يتعلق الأمر بعبور شخص بعيد على الميدان من السجاد الأحمر، تجد الناس يركزون عليه و على تصرفاته. ينتقدونها، و يعبرون بسلاسة ليشكلوا القاعدة المساندة لهذه الفئة المنتقدة. في كل مهرجان، كل ما تبحث عنه، يبحث عنك. هناك لقاءات إعلامية جادة مع فاعلين سينمائيين حقيقيين، و هناك أيضا لقاء مع عارضات أو سيدات كفاءتهن الوحيدة إقامة دائمة في الانستغرام و بقية وسائل التواصل الاجتماعي. عندهم أيضا الحوارات مع الفئة الأخيرة، تحقق أكبر الأرقام و تحظى بمتابعة أكبر، و عندهم أيضا هناك منددون كثر في كل دورة. الفرق الوحيد، أن من يتابع عندهم هذه الفئة المتطفلة على السينما، لا يغفل أيضا متابعة تحركات أهل السينما الحقيقيين في هذه المهرجانات. الفرق يكن فقط في كيفية التعامل مع كل الضيوف، كل حسب قدره و ارتباطه بالسينما. لأنه مهرجاننا الذي تمنينا و سنتمنى نجاحه.. من اللازم أن نستمع لبعضنا أحيانا، و ننصت لكل من له إضافة حقيقية و معرفة بالمجال عن قرب، و الاعتماد على الكفاءات. أن نؤمن رغم اختلاف 0رائنا أحيانا بأن مطرب الحي الذي يطرب، لا يهدم. مطرب الحي الذي يطرب، حين يوجه ملاحظات مهنية، فهو يبني بطريقته التي يجب أن يستوعبها البعض و إن لم يرقهم الأسلوب. من اللازم أن ننوه ببعضنا، و أن لا ننتظر دائما تنويها من ضيوف أجانب بطريقة اشتغالنا حتى يصفق لنا أبناء جلدتنا. التجارب الميدانية تقطع شك المشككين، بيقين مفاده بأنك إن منحتني عشرا من دقائق في لقاء إعلامي مع نجم من النجوم، سأجعله موفقا على كل الأصعدة، و ماريون كوتيار و تيلدا سوينتون و روبير دو نيرو قبلهما أكدوا هذا الكلام. إن منحتني حصة كاملة مع هند صبري، سأجعلها تفصح بأنها أجرت واحدا من أفضل الحوارات في مشوارها، و بأنك إن أعطيتني فرصتي لمحاورة إيليا سليمان سيفضي أمام المغاربة بما لم يفض به من ذي قبل. من الضروري أن نستمع لبعضنا فقط، و أن نشتغل جميعا من أجل هدف وحيد هو إنجاح مهرجاننا مراكش.. لأنه مهرجاننا الذي تمنينا و سنتمنى نجاحه.. كتبت هذا الركن و أعبر مثلما يعبر زملاء 0خرون على قلتهم للتعلم، لأن هذا المجال يتطلب من الإنسان أولا و قبل كل شيء أن يتعلم و يواصل التعلم قبل أن يتكلم. كتبت هذا الركن، و أتمنى بأن ينطلق الاشتغال من ال0ن على كل التفاصيل التي ذكرت سلفا لأنها تفاصيل مهمة ستسهم في جعل مهرجاننا مراكش يربح نقاطا كثيرة يستحقها. عاش مهرجان مراكش السينمائي الدولي، و عاشت كل المواعيد الكبيرة التي تحتضنها هذه الأرض التي نحب.