أفريقيا النمو. أفريقيا الأمل والمستقبل . هذا ما أراد رئيس رواندا، بول كاغامي، التأكيد عليه وهو يكشف أسرار التحول الكبير، الذي تعيشه بلاده في إطار من المصالحة مع التاريخ واستغلال أمثل للمقومات والإمكانيات الواقعية، وتطلع كبير إلى مستقبل أفضل. بول كاغامي، في عشاء مناقشة خاص جمعهبنخبة مختارة من ضيوف الندوة الدولية حول السياسات، التي انعقدت نسختها ال12 بمراكش بين 12و 14 أكتوبر 2019، أكد أن الإمكانيات كبيرة لتحقيق الرخاء بأفريقيا بخلاف كل المثبطات، التي قد تبدو تشكل كوابح . وأوضح أن أكبر مقوم للنجاح هو بناء القدرة التجارية للقارة. وأوضح كاغامي أن الإرادة السياسية القوية كفيلة بأن تُحدث التغيير . وفي هذا السياق، دعا رئيس الدولة الإفريقية الصاعدة، التي أبهرت العالم بنجاحها المدهش في تحقيق التنمية بعد عقود من الحرب الأهلية الطاحنة، (دعا) القادة الأفارقة إلى تحمل مسؤولية تطوير بلدانهم ومن خلاله تطوير القارة. ولفت كاغامي إلى المستقبل الاقتصادي الواعد لإفريقيا إذ أوضح أنها القارة، التي أضحت تربطها علاقات تجارية قوية مع جميع أنحاء العالم، من أوروبا والهند وأمريكا الشمالية و الصين. واستطرد كاغمي مؤكدا على ضرورة "تحقيق المزيد من الاستثمار والتجارة مع الجميع، لأن ذلك يجعلنا جميعاً في وضع أفضل". وشدد على أن على أفريقيا عليها أن تتموقع وسطا وليس بالانجذاب لأحد الأقطاب الدولية. وهو يقول إن أفريقيا ليست "جائزة يتنافس للظفر بها المتنافسون". وأشار الرئيس الرواندي إلى أن اتفاقية منطقة التجارة الحرة الإفريقية المقرر أن تطبق في يوليوز2020 ستحدث تغييراً جذرياً في طريقة ممارسة الاقتصاد في القارة ومع العالم، وستجعل إفريقيا أكبر منطقة حرة للتجارة في العالم. ومن أسرار نجاح بلاده، كشف كاغامي عن ثلاثة مقومات أساس: تمكين النساء وتعليم الشباب وتحفيز الأجيال الصاعدة على تحمل مسؤولية بلادهم وإدماجهم في تحقيق التغيير. وفي هذا السياق، أبرز كاغامي أنه "استثمر في صحة وتعليم المرأة، إذ بدأت النساء المتعلمات في المشاركة في الاقتصاد، وكان لذلك أثر". وأشار كاغامي إلى أن 52 في المائة من سكان بلاده من النساء، وأضاف: "إذا قمنا بتهميش 52 في المائة من سكاننا فلن تكون هذه الخطوة ذكية ولن تقودنا إلى الأمام". كاغامي أكد أن وقت مغادرته قيادة البلاد سيأتي، وآنذاك سيكون على الشباب تقرير ما يجب فعله، وسيختارون في ما بينهم من يحمل المشعل. وأفاد المسؤول الرواندي أن بلاده أرسلت الشباب للدراسة في الخارج، عاد منهم 70 في المائة، وهم الذين يتولون تدبيرشؤون البلد. ولفت إلى ضرورة الاستثمار في الخلف، الذي يمكنه تحمل مسؤولية البلد والمضي به نحو التقدم . وكانت كلمة كاغامي متمحورة في جزء كبير منها حول بلاده، حيث قال إن المواطنين الروانديين، الذين وُلدوا بعد الإبادة الجماعية، يشكلون حوالي 42 في المائة، أما الذين تقل أعمارهم عن 35 سنة فيقدرون بحوالي 70 في المائة. وأكد كاغامي أن هذه الفئة الشابة هي التي تتحمل مسؤوليات التغيير في البلاد. وأوضح كاغامي: "بعد الإبادة الجماعية كنا نبحث كيفية تجاوز الوضع، وكانت سنغافورة مثالاً جذاباً لنا من نواحي كثيرة، مثل الاستثمارات والعلوم وكيفية الاستثمار في مواطنيها وتجارتها". واعتبر كاغامي أن الفلسفة وراء النموذج الرواندي يمكن تطبيقها في كل مكان في إفريقيا وخارجها. وحول تغيير العقليات، أشار كاغامي إلى أن "بلاده اعتمدت على فتح نقاشات في جميع أنحاء الوطن مع الشعب وإخباره بالمشاكل وما يمكن عمله لمعالجتها". وذكر كاغامي أن "المحن التي واجهتها رواندا كانت صعبة، وهو ما يجعل النموذج الرواندي قابلاً للعمل في العديد من الظروف"، وشدد على أنه "سينجح لأنه يعتمد على جعل الأشخاص في قلب كل شيء والعمل على إشراكهم". وأكد كاغامي على أهمية استعادة الشعور بالأمل والتفاؤل كلما ضاع، مشيراً إلى أن هذا الأمر بالغ الأهمية لنجاح أي بلد. ودعا في هذا السياق إلى نبذ نبرة الانهزامية والتشاؤم، التي قال إنها تسم النقاشات السياسية في إفريقيا وتشكل كابحا كبيرا أمام استغلال الإمكانيات الكبيرة المتوفرة والمقومات المشتركة، التي يمكن الارتكاز عليها في بناء مستقبل إفريقي . ويرى كاغامي أنه لا يمكن للدول الإفريقية الركض دائما نحو بلدان أخرى لطلب المساعدة. وقال إن ذلك ممكن قارياً مادام الأفارقة ساهموا اليوم بحوالي 125 مليون دولار في صندوق السلام التابع للاتحاد الإفريقي. مما عزز مصداقية الشراكات الأمنية في أفريقيا يقول كاغامي مضيفا انه التعاون الذي يتعين أن يستمر ويتطور . وكان كاغامي حل مساء السبت 12 أكتوبر الجاري بمطار مراكش المنارة، وكان في استقباله رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، وسفير جمهورية رواندا في المغرب ماتياس هاريبامنغو.