اعتبر ممثل النيابة العامة في ملف المتهم «توفيق بوعشرين»، القاضي «محمد مسعودي»، أن «ما قد يحس به المتهم من ألم بالسجن بسبب حرمانه من حريته، مبرر قانونا بموجب قرار اعتقاله طبقا للقانون، وبموجب العقوبة القانونية الصادرة عن محكمة الدرجة الأولى في حقه، التي هو الآن بصدد قضائها»، إلى أن يصدر قرار غرفة الجنايات الاستئنافية في الموضوع «بالتأييد أو الإلغاء أو التعديل». ممثل النيابة العامة الذي كان يرد خلال آخر جلسة من محاكمة ناشر جريدة «أخبار اليوم»، على الملتمسات والطلبات الأولية والدفوع الشكلية التي تقدم بها دفاع المتهم، من قبيل ما جاء على لسان المحامي محمد زيان الذي طالب ب «إخضاع المتهم لخبرة طبية عامة»، مدعيا «تعرض المتهم لتعذيب نفسي»، وزاعما أن «حالته النفسية جد خطيرة»، حيث قال ممثل الحق العام إن «الصكوك الدولية المعناة بموضوع التعذيب تنص على أن الألم أو العذاب الناشئ فقط عن عقوبات قانونية أو الملازم لهذه العقوبات أو الذي يكون نتيجة عرضية لها، لا يعتبر تعذيبا». لكن بالمقابل أشار القاضي مسعودي أن «بروتوكول اسطنبول» يشير في صفحته 78 إلى «التعذيب الجنسي بما في ذلك الاغتصاب كصورة من صور التعذيب...»، حيث تساءل عمن «هو أحق في هذه الحالة بحماية بروتوكول اسطنبول الذي أشهره الدفاع في وجه النيابة العامة، هل هو المتهم السليم عرضه أم هن الضحايا المجني عليهن في القضية، المغتصبات والمهتوكة أعراضهن والممتهنة كرامتهن الانسانية...؟». وعن ظروف اعتقال المتهم بوعشرين بالسجن استند ممثل النيابة العامة في رده على جواب مدير السجن المحلي عين البرجة، الذي أوضح خلافا لما يدعيه المتهم أنه «يتوفر كسجين على كافة الحقوق التي تخولها له القوانين الجاري بِها العمل»، وبالتالي فإن «حقوق المتهم كسجين محفوظة ومصانة»، «اللهم إذا كان يطالب بتمييزه عن باقي السجناء ومنحه امتيازات لم تنص عليها القوانين والنظم الجاري بِها العمل في المؤسسات السجنية»، يقول ممثل النيابة العامة. وحول طلب استدعاء بعض الشهود، في شخص كل من: المنظفة بمقر جريدة أخبار اليوم، بحكم طبيعة عملها الذي يسمح لها بالاطلاع على محتويَات المكتب، وحسن طارق سفير المملكة المغربية لدى الجمهورية التونسية، فيما ادعاه المتهم من علمه بخبر ايقافه، ومصطفى حيران، لكتابته تدوينة شخصية تصب في اتجاه ما يزعمه المتهم من فبركة للقضية، وتقني الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، ليشرح للمحكمة طريقة تفريغ الفيديوهات من القرص الصلب الخارجي في ظرف 12 ساعة عوض 15 ساعة، حيث اعتبر ممثل النيابة العامة أن «المطلوبة للشهادة تربطها علاقة تبعية بالمتهم، وهِي علة كافية لوحدها للقدح في مضمون شهادتَها، بما للمطلوب الشهادة لفائدته من نفوذ معنوي ومادي عليها بحكم أنه مشغلها ومصدر رزقها، وبالتالِي كيف نتصور أن تكون شهادة التابع لفائدة المتبوع موضوعية ومحايدة وعادلة ونقية من أية مظنة للمحاباة أو المجاملة..؟»، معتبرا أن «ملف القضية به ما يغني عن الاستماع للشاهدة من وسائل اثبات تؤكد ملكية المتهم واستعماله للمحجوزات المتعلقة بمعدات التصوير والتسجيل...»، ورغم ذلك أشار ممثل النيابة العامة، باعتبارها خصما شريفا، فإنها «لا ترى مانعا في استدعاء الشاهدة..». وبخصوص طلب استدعاء حسن طارق أكد ممثل النيابة العامة أن «الشخص المطلوب استدعاؤه لا ولن تعتبر شهادته على الاطلاق مفيدة ومنتجة لعدالة المحكمة» بدليل أن: «الثابت من وثائق القضية أن المطلوب شهادته لا علاقة له بمسرح الجريمة (مكتب المتهم) لا من قريب ولا من بعيد، حتى تكون شهادته منتجة للقضية، لأنه من غير المستساغ، لا عقلا ولا منطقا، أن تطلب سماع شهادة شخص لا علاقة له بموضوع القضية، ولا دليل على أنه سمع أو شاهد الجريمة بعناصرها التكوينية في حق 11 ضحية»، كما أن «المتهم لم يدلِ بأي اثبات يعزز به طلبه بخصوص المراسلة التي يدعي أنه توصل بِها من طرف الشخص الذي طلبه للشهادة، والتي تبقى محض مرويَات يريد من خلالها المتهم بأي شكل تقويض أركان القضية بأي ثمن ولو على حساب العدالة والحقيقة بغية التملص من مسؤوليته الجنائية والمدنية. وقد التمس القاضي محمد مسعودي من المحكمة «رفض الطلب لكونه غير ذي موضوع». وبخصوص طلب استدعاء مصطفى حيران، اعتبر ممثل النيابة العامة أن «الطلب ورد مجملا وعاما دون تحديد أو بيان...»، وأنه «لا يمكن الارتكان في طلب استدعاء الشهود إلى كل من كتب تدوينة شخصية معينة لسبب من الأسباب الكامنة في نفسه وشخصه»، و«إلا سنستدعي كل من كتب حول قضية بوعشرين عبر شبكة الأنترنت في مواقع التواصل الاجتماعي، إيجابا او سلبا، منذ انطلاق فصول القضية في 23 فبراير 2018»، وهذا «سيكون من ضرب العبث والخيال العلمي...»، يقول ممثل الحق العام، الذي التمس «رفض طلب استدعاء حيران لكونه غير ذي موضوع». وعن استدعاء هشام جليلات، تقني من الدرجة الثالثة بالفرقة الوطنية للشرطة القضائية، والذي يعتبر موظفا بالضبط بمصلحة الجريمة المعلوماتية، قال ممثل النيابة العامة إن «عون الشرطة المطلوب استدعاوه للشهادة، بدعوى الرغبة في أن يشرح للمحكمة طريقة تفريغ الفيديوهات من القرص الصلب الخارجي المحجوز بمكتب المتهم، حاضر أصلا بالمحاضر المنجزة في ملف القضية، بصفته أحد عناصر الشرطة القضائية التي باشرت الإجراء المذكور، ومساعد لضابط الشرطة القضائية، كما هو مشار إلى صفته في نفس المحضر الذي تضمن بتفصيل كافة عمليات الانتقال والمعاينة والتفتيش والحجز وأمهر بتوقيع ضابط الشرطة القضائية وتوقيع المعني بالأمر نفسه»، وأن «النيابة العامة باعتبارها الجهة التي أشرفت على البحث المنجز من طرف الشرطة القضائية بضباطها وأعوانها وتحت سلطتها، تبقى كفيلة بالجواب عن جميع ما قد يعتري هذه المحاض من غموض في نظر الدفاع تحت رقابة المحكمة». ومن أجل هذا اعتبر القاضي مسعودي أن «الغاية من استدعاء الشاهد تبقى منعدمة»، ملتمسا «رفض الطلب لعدم ارتكازه على أساس سليم من القانون والواقع».