يمنح اليوم العالمي للتوحد، الذي يصادف الثاني من أبريل من كل سنة، الفرصة لتوطيد الإجراءات والبرامج التحسيسية الساعية لتيسير الاندماج الاجتماعي وضمان التكفل بالمصابين بالتوحد. جهد التوعية وإثمار نتائج إيجابية يفت إن لم يدمج البعد التربوي والتكنولوجي المتصل بالمرض، مع إيلاء الأهمية اللازمة للتجربة التي راكمتها القطاعات والمؤسسات العمومية، بالإضافة إلى الجمعيات والمجتمع المدني، والتي تعمل على ضمان اندماج الأشخاص المصابين بالتوحد في بيئتهم التربوية والسوسيواقتصادية. ويعني مرض التوحد أو اضطرابات طيف التوحد، حسب منظمة الصحة العالمية، مجموعة من الاضطرابات المعقدة في نمو الدماغ. ويتناول هذا المصطلح الشامل حالات من قبيل مرض التوحد واضطرابات التفكك في مرحلة الطفولة. وتتميز هذه الاضطرابات بمواجهة الفرد لصعوبات في التفاعل مع المجتمع والتواصل معه، ومحدودية وتكرار خزين الاهتمامات والأنشطة التي لديه. أولى الصعوبات التي تنتصب أمام آباء الأطفال المصابين بالتوحد تتجلى في إجراء التشخيص وضمان التكفل الناجع. ويلزم المختصون بعيد رصد إصابة الطفل بداء التوحد، التوفر على المعلومات القيمة، والتوجه نحو المصالح المختصة، مع ضمان مساعدة تنسجم مع احتياجاتهم. فعلى المستوى الوطني تم تسجيل تقدم ملحوظ من خلال مشروع مخطط العمل الوطني من أجل النهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، وعبر سياسات عمومية تعمل على حماية هذه الشريحة، من صميمها التنصيص على عدم الميز على أساس الإعاقة. وفي هذا الإطار يشتغل ائتلاف جمعيات التوحد بالمغرب بتؤدة لفائدة إدماج الحقوق الأساسية للأشخاص المصابين بالتوحد، وتضمينها في مخططات عمل وطنية وإقليمية، مع إيلاء العناية اللازمة للتحديات والعراقيل التي يواجهها الأشخاص المصابون بالتوحد. وبالفعل تستدعي احتياجات الأشخاص المصابين بالتوحد المعقدة رزنامة من الخدمات المندمجة، كالخدمات الصحية والعلاجات، وخدمات إعادة التأهيل بالإضافة إلى شراكات مع قطاعات من قبيل التربية والشغل والعمل الاجتماعي. وفي هذا السياق، أعلنت كلية الطب والصيدلة إحداث أول ديبلوم جامعي خاص بالتوحد في المغرب والدول المغاربية. ويأتي هذا البرنامج ليستجيب للتحديات التي يطرحها التوحد وتهم الكثير من الأسر المغربية، حيث يصبح التكوين الجيد للأطر أفضل سبيل لتقديم الدعم والحلول للأطفال الذين يعانون من صعوبات التوحد وكذا عائلاتهم. وجاء إطلاق البرنامج بمبادرة مشتركة من كلية الطب والصيدلة في الدارالبيضاء وائتلاف جمعيات التوحد المغرب والمركز الوطني محمد السادس، ويتوخى البرنامج تكوين 20 مهني توحد في السنة. وبالنسبة لسمية العمراني، عضو ائتلاف الجمعيات العاملة في مجال التوحد بالمغرب، تقدر منظمة الصحة العالمية على أن ولادة جديدة من 100 تحمل أعراض الإصابة بداء التوحد، فما لا يبديه التفشي العالمي هو أن الرقم مقبل على الارتفاع ليصل ولادة من 60 أو حتى من 50. وبشأن البرامج التربوية المستهدفة لهذه الفئة، يلح الائتلاف على التقنيات والمقاربات المؤشر عليها علميا، بالإضافة إلى الوسائل الملموسة والمتخذة ميدانيا وليس فقط النظرية منها. وكانت وزارة الصحة قد اعتمدت، وفق المخطط الوطني حول الصحة والإعاقة 2015-2021، برنامج شراكة يروم تحسين التكفل بالأشخاص المصابين بإعاقة ومن ضمنهم الأشخاص المصابون بداء التوحد. واشتغلت الوزارة لإنجازه مع ائتلاف الجمعيات العاملة في مجال التوحد، قصد تنظيم دورات تكوينية سنويا لفائدة 120 مستفيدا من ضمنهم مهنيو الصحة، والمربون التابعون للجمعيات وعائلات المصابين بداء التوحد. كما أرست مخطط التوحد من أجل إنجاز وتحيين المعارف حول الداء بصفة منتظمة، بالإضافة إلى تحديد احتياجات الأشخاص المصابين بالتوحد، مع تحسين تكوين المهنيين في مجال الكشف والتكفل المبكر بالداء.