احتفلت دول العالم يوم الاثنين 2 أبريل ، بفعاليات اليوم العالمي للتوحد، الذي صادقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة ، ليشكل بذلك يوم 2 أبريل من كل سنة، يوما عالميا للتحسيس بإعاقة التوحد، وذلك ابتداء من سنة 2008، وبذلك تكون هذه السنة هي الرابعة للاحتفال بهذا اليوم العالمي. الحدث شكل مناسبة لجمعية إدماج للتوحد بالدارالبيضاء وتحديدا بمنطقة الحي المحمدي، لتنظيم لقاء تواصلي تحسيسي مع الاعلاميين لفائدة أطفال التوحد وأسرهم، حيث التقت «الاتحاد الاشتراكي» الأستاذ ادريس مهني رئيس الجمعية، الذي أجرت معه الحوار التالي، لنقل واقع مرض التوحد والتوحديين إلى قرائها، ومعرفة حجم التطور الذي يمكن أن يكون قد تم تسجيله في المغرب لمواجهة هذا المرض ودعم المصابين به، والذي جاء على الشكل التالي : - لماذا يوم عالمي للتوحد من كل سنة ؟ - إن اعتماد 2 أبريل ، كيوم عالمي للتوحد، لم يأت كرغبة ذاتية أو من فراغ، وإنما كضرورة ملحة لحث جميع الدول والحكومات للتعامل بجدية مع هذه الإعاقة الغريبة والمعقدة، وذلك من خلال التشخيص الدقيق والتدخل المبكر لفائدة الأطفال عبر العالم. - على بعد 4 سنوات من المصادقة على تخليد هذا اليوم العالمي، كيف هي الأرقام التي تتحدث عن التوحد ؟ - تجدر الإشارة إلى أن عدد الأطفال والأشخاص الذين يعانون من حالات التوحد، هو آخذ في الإرتفاع على مستوى مختلف دول العالم، إذ تقدر الإصابة بإعاقة التوحد ، حسب الإحصائيات لسنة 2008 في الولاياتالمتحدة ، بطفل واحد من بين 150، وببريطانيا بطفل واحد من بين 85 (آخر الإحصائيات ببريطانيا تقدر عدد المصابين بحوالي 600.000 حالة). وفي الوقت الراهن وعبر جميع أنحاء العالم ، يعد التوحد من أكثر الاضطرابات النمائية تأثيرا على المجالات الرئيسية كالتفاعل الاجتماعي، والتواصل اللغوي، والمجال الإدراكي، بحيث جذب هذا الاضطراب اهتمام الاختصاصيين والباحثين والأسر المكتوية بهذه الإعاقة الغريبة والصامتة. ووفقا لجميع الإحصائيات الرسمية، تعتبر اليوم إعاقة التوحد من أكثر الإعاقات انتشارا في العالم وبدرجة تطور جد سريعة تتراوح ما بين 10 إلى 17% سنويا. ومن الملاحظ أن عدد الأطفال الذين يعانون من التوحد هو في تزايد مستمر، مما أثار نقاشا واسعا ومكثفا حول أسباب هذا التزايد، فهل تحسنت طرق التشخيص المستخدمة؟ أم زاد الوعي باضطراب التوحد بين عامة الناس من جهة وبين الأخصائيين الطبيين والنفسيين والتربويين من جهة أخرى ؟ أم أن هنالك أسبابا أخرى؟ فالإحصاءات الحديثة التي أصدرها المركز القومي لبحوث ودراسات اضطراب التوحد بالولاياتالمتحدة، تؤكد أن نسبة الانتشار تبلغ حالة واحدة لكل (110) حالة ولادة تقريبا حسب آخر الإحصائيات لسنة 2011 . - ماهي أسباب هذه الاضطرابات النمائية التي تميز الطفل التوحدي ؟ - هذه الاضطرابات لاتزال مثارا للجدل من حيث أسبابها، التي تم طرح بعض منها كالتلوث البيئي، انتشار الفيروسات، والتلقيح والوراثة. فكل هذه العوامل تساعد على ظهور التوحد بالإضافة إلى عوامل أخرى مازالت في طور الأبحاث. - هل هناك وعي كافٍ بالمرض، سواء لدى المواطنين عموما أو الجهات المختصة تحديدا ؟ - بالرغم من هذه الخطورة التي يكتسيها مرض التوحد وتداعياته على المصاب، وأسرته/محيطه، والمجتمع ككل، فإن مستوى الوعي بهذه الإعاقة ببلادنا لا يزال متدنيا حتى من طرف المسؤولين عن قطاع الصحة العمومية أنفسهم، ولذلك يكتسي الاحتفال السنوي باليوم العالمي للتوعية بإعاقة التوحد، أهمية كبرى باعتباره فرصة للتعبئة من أجل التحرك وتقديم المساعدة، وتوعية المجتمع بماهية التوحد، وأسبابه، وتشخيصه، بالإضافة إلى تصحيح المفاهيم الخاطئة والشائعة عن التوحد، والتي تسيء كثيرا إلى صورة بلدنا. وبالتالي، فإن وزارة الصحة مدعوة ، أكثر من أي وقت مضى، للقيام بالإجراءات الضرورية لإسعاف الأشخاص المصابين بالتوحد، واتخاذ التدابير اللازمة للكشف المبكر، والتشخيص الدقيق، حسب المقاييس العالمية المتعارف عليها دوليا. وتجدر الإشارة إلى أنه قد صدرت عدة توصيات من الجمعية العامة للأمم المتحدة تقضي بضرورة التوعية بالإعاقة، وضرورة استعمال طرق ووسائل وأشكال الاتصال المعززة والبديلة المناسبة، والتقنيات والمواد التعليمية لمساعدة الأطفال المصابين بالتوحد. وهناك كذلك توصية إعلان «سلمنكا» الصادر في يونيو من سنة 1993 الذي اتفق من خلاله ممثلو حكومات ثمانية وثمانين بلدا على أن ذوي الإحتياجات التربوية الخاصة يجب أن تتاح لهم فرص الإلتحاق بالمدارس العادية التي ينبغي أن تهيء لهم تربية محورها الطفل وقادرة على تلبية تلك الحاجيات. وبالفعل فقد نجحت عدة دول، ومنها بعض الدول العربية الخليجية، في وضع برامج تعليمية رائدة من خلال إنشاء مراكز جد متطورة يديرها مجموعة من الاختصاصيين في عدة مجالات. { هل هناك من علاج لمرض التوحد ؟ منذ التعرف على التوحد سنة 1943 من طرف الطبيب الشهير «ليوكانير»، ثبت أن بعض المحاولات للبحث عن علاج للتوحد ، كانت غير واقعية في ظل الفهم الحديث للاضطرابات المتواجدة على صعيد الدماغ، وإذا كان المقصود بالعلاج من منظور طبي هو ضمان الصحة والسلامة، فإنه لا يتوفر حتى الساعة علاج للاضطرابات التي تحدث في الدماغ، والتي تنتج عنها الإصابة بالتوحد. إلا أننا اليوم في وضع أفضل من حيث القدرة على فهم هذه الإعاقة والاضطرابات المصاحبة لها، وبالتالي مساعدة المصابين بها على التكيف معها من خلال إحداث تغيير إيجابي في أنماط السلوك. ومن بين العلاجات المتوفرة حاليا، هناك بعض الأدوية التي لا تخص علاج إعاقة التوحد، وإنما تستعمل للتخفيف من حالات النشاط المفرط لدى بعض الأطفال أو الاكتئاب والخمول لدى البعض الآخر، ولحد الساعة، لم يعط أي علاج بالدواء نتائج إيجابية يمكن الاعتماد عليها للحد من إعاقة التوحد. إلا أن أغلب المختصين يقرون بعلاج واحد وأوحد، وهو التربية والتكوين. { كيف يمكن أن يكون للجانب التربوي انعكاسه الايجابي على مرضى التوحد ؟ من الجدير بالذكر ، أن الأفراد الذين يعانون من التوحد عادة ما يساء فهمهم من قبل الآخرين، حيث يعد قيامهم بالعديد من السلوكيات الغريبة والنمطية أمرا محيرا للمختصين وهو يؤدي بالآخرين غالبا إلى سوء تفسير ما يمكن أن يصدر عنهم، وبالتالي ينظرون إليها على أنها تمثل تحديا متعمدا لهم ولما يمكن أن يواجهوه من تعليمات أو أوامر أو نواهٍ. وقد تزايدت في السنوات الأخيرة الكتب والمقالات التي تتحدث عن التوحد، ما بين منشورات أكاديمية وتجارب شخصية من قبل بعض الأشخاص، ولا تزال المكتبة العربية والمغربية على الخصوص، بأمس الحاجة إلى توفير مزيد من المراجع العلمية والدراسات المتخصصة التي يعمل عليها المتخصصون في هذا المجال. وقد انعكس هذا الاهتمام على فتح واستحداث برامج ومراكز جديدة تخدم فئة الأطفال التوحديين في عدة بلدان غربية وأخرى عربية، وعلى المستوى الأكاديمي فقد تم افتتاح برامج الدبلوم المهني في التوحد، وكذلك فتح مسارات جديدة في عدد من الجامعات العربية تحت مسمى «الاضطرابات السلوكية والتوحد»، بكل من الإمارات والسعودية والكويت والأردن ، وهذا من شأنه أن يساعد على توفير وإعداد الأطر المؤهلة للعمل مع الأطفال التوحديين وإيجاد البرامج المناسبة والأدوات التشخيصية الملائمة لتشخيص الأطفال التوحديين. وهنا أود أن أؤكد على أهمية البرامج التربوية والأساسية الفعالة التي يجب أن تقدم للأطفال التوحديين. ومن خلال الزيارات التي قمت بها شخصيا إلى كل من مركز دبي للتوحد بالإمارات العربية المتحدة، مركز جدة التابع للجمعية السعودية للتوحد، والجمعية الأردنية للتوحد، التي تربطنا بها شراكة على مستوى تبادل الخبرات والزيارات، لاحظت أن هذه الدول العربية تتوفر على مراكز جد متطورة وفي عدة مدن، و تحتوي على عدة وحدات تهدف بالأساس إلى تحقيق الأهداف العامة للمركز وكذلك لضمان فعالية البرامج المقدمة والمقاييس الموضوعية لتطبيقها على الوجه المطلوب. ومن ضمن وحدات هذه المراكز بكل من السعودية والإمارات هناك « وحدة التعليم وحدة العلاج النفسي وحدة خدمة المجتمع وحدة النطق والتواصل وحدة العلاج الوظيفي والخدمات المساندة». وبالإضافة إلى هذه المراكز فقد استطاعت الجمعية السعودية للتوحد ، كسبق على المستوى العربي، إنشاء الأكاديمية السعودية للتوحد، التي تهدف إلى تطوير الأبحاث العلمية وتكوين الأطر المتخصصة من أبناء البلد للعمل بالمراكز التي تعنى بالتوحد. لقد ارتأينا الإستئناس بهذه النماذج لبعض الدول العربية لنتساءل عن الوضعية الراهنة ببلدنا في ميدان التعامل مع إعاقة التوحد. ونعتقد أنه من حقنا أن نحلم بمستقبل أكثر إشراقا بالنسبة لأبنائنا، لكن مع كامل الأسف، مازلنا نفتقد لأبسط المستلزمات الضرورية لرعاية هذه الفئة من الأطفال المصابين بالتوحد، لأننا اليوم في القرن الواحد والعشرين، ليست لنا القدرة الكافية للقيام بالتشخيص المبكر من طرف الأغلبية الساحقة من الأطباء، وليس لدينا أطباء نفسانيون متخصصون في ميدان التوحد، وليست لدينا مراكز متخصصة لإعاقة التوحد كافية لاستيعاب كل الطلبات، وبالرغم من ذلك فإننا اليوم نتقدم بخطوات إيجابية، أولها تكسير حاجز الصمت، وثانيا التكتل داخل جمعيات مكونة أساسا من الآباء والأمهات للدفع بهذا الملف إلى الوجود، ورفع صوتنا عاليا ليخترق الجمود الحاصل في عدد من القطاعات الحكومية. { انطلاقا مما سبق، ماهي مجالات التدخل لفائدة الاطفال التوحديين ؟ مجالات التدخل هي متعددة ومتشعبة، تستدعي فضاءات مكيفة ومجهزة بوسائل ديداكتيكية خاصة، تراعي ما هو معرفي وما هوحركي، وما هو تواصلي، فضلا عن فريق متعدد الإختصاصات التربوية ضمنه « أخصائيون نفسانيون في مجال التوحد والإضطرابات المصاحبة أساتذة مختصون في تربية المعاقين مروضون حس حركيين اختصاصيون لمعالجة النطق والكلام». وقد أثبتت جميع الدراسات أنه كلما كان التدخل مبكرا كلما كانت النتائج حسنة تنعكس إيجابا على المستوى السلوكي والمعرفي للطفل، كما أن انعدام أو بطء التدخل يضاعف من التكلفة، وغالبا ما يؤدي إلى نتائج كارثية غير متوقعة، وذلك ما نلاحظه مع كامل الأسف ببلادنا. وحسب تجربتي المتواضعة، فإن التكفل بالطفل التوحدي يستدعي إشراك كل الفرقاء التربويين، طبقا لإتفاقية الشراكة الرباعية، بين وزارة التربية الوطنية، ومؤسسة محمد الخامس للتضامن، ووزارة الصحة، وكتابة الدولة في الأسرة والتضامن والأطفال المعاقين، الموقعة يوم فاتح أبريل 2006 تحت الرئاسة الفعلية لجلالة الملك. وقد تضمنت هذه الإتفاقية المتعلقة بتربية المعاقين، التزامات واضحة لكل قطاع، لكن أجرأتها لم تتجسد على أرض الواقع، باستثناء وزارة التربية الوطنية التي قامت بتفعيل بنود هذه الاتفاقية من خلال الدعامة 14 المادة 142 من الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وتم تجسيد ذلك على أرض الواقع من خلال إبرام عدة شراكات مع عدد من الجمعيات العاملة في ميدان التوحد، ومع ذلك تظل المجهودات مبعثرة والنتائج دون المستوى المطلوب. لذلك فإننا في إطار التحالف الوطني للجمعيات العاملة في ميدان التوحد، نرى أنه من الضروري اليوم وأكثر من أي وقت مضى، العمل على تحيين وأجرأة هذه الإتفاقية الرباعية، وتجسيدها قولا وفعلا على أرض الواقع. ومن أجل ذلك ، على وزارة التربية الوطنية أن توفر المزيد من الفضاءات الملائمة والأساتذة المختصين، مع تفعيل الدعامة 14 المادة 142 من الميثاق الوطني للتربية والتكوين والبرنامج الإستعجالي، وعلى وزارة الصحة أن توفر أخصائيين نفسانيين، ومروضين للنطق، ومروضين حس حركيين، مع العمل على تنظيم حملات تحسيسية لأطباء القطاع العام والخاص للتشخيص المبكر لهذا النوع من الإعاقة للتدارك المبكر، والعمل على إحداث مراكز حديثة ومتطورة حسب المعايير الدولية ، أما مؤسسة محمد الخامس للتضامن ووزارة التنمية الإجتماعية والأسرة والتضامن، فينحصر دورهما في تجهيز الفضاءات وتوفير الوسائل الديداكتيكية والتربوية، مع صرف أجور المربيات التابعات لجمعيات المجتمع المدني، وضمان حقوقهن الإجتماعية، كما نرى أنه من الضروري إضافة قطاع الشبيبة والرياضة لهذه الإتفاقية بالتزامات واضحة تساهم بدورها في تخفيف معاناة الأشخاص المعاقين. إن تنظيم الحقل التربوي لهذه الفئة من الأطفال يتطلب وجود إطار قانوني، تحدد فيه مهام واختصاصات جميع الفرقاء والمتدخلين، بموازاة مع التأكد من مصداقية الجمعيات النشيطة في هذا المجال، لحماية الأطفال والآباء من كل استغلال مادي أو معنوي، وكذلك التأكد من أهلية الأخصائيين النفسانيين الوافدين من الخارج، لكي لا يكون الأطفال المغاربة فئران تجارب أثبتت فشلها الذريع لسنوات عديدة، مستغلة بذلك الفراغ الحاصل في قطاع الصحة العمومية. وتجدر الإشارة إلى ضرورة حماية العاملين لكي لا يتدخل المتطفلون في اختصاص موظفي الوزارات، مع ضمان حقوق المربين التابعين لجمعيات المجتمع المدني، بتحديد ساعات العمل التربوية المعمول بها بوزارة التربية الوطنية، والتأكد من انخراطهم بصندوق الضمان الاجتماعي، وضمان حقوقهم الأساسية من طرف القطاعات الحكومية، باعتبارهم يؤدون خدمة تربوية لفائدة أطفال معاقين من أبناء شعبنا. { ما الذي استطاعت جمعية إدماج للتوحد تحقيقه في هذا الصدد، وما هي الإكراهات التي تصادفها ؟ إن التجربة التي قطعتها جمعية إدماج للتوحد بالحي المحمدي بالدارالبيضاء، بشراكة مع مدرسة طه حسين، أصبحت اليوم حافزا أساسيا على إعطاء المزيد من الأهمية لفتح أقسام جديدة ووضع برامج تعليمية ملائمة لهذه الفئة من الأطفال، تمكنهم من الخروج من عزلتهم وإدماجهم بصفة تدريجية في المسار التعليمي العادي بين أقرانهم من الأطفال العاديين. ومن أجل تجسيد هذا العمل الإجتماعي التربوي النبيل ، تعمل الجمعية ، بإمكانياتها المتواضعة، على تفعيل العمل التشاركي والتضامن المادي والمعنوي لضمان الإرتقاء إلى أبعد حد ممكن بالأهداف المتوخاة من تدعيم سياسة الإدماج المدرسي. فمنذ الموسم الدراسي 2008/2009 إلى حدود الموسم الدراسي الحالي، عملت الجمعية بشراكة مع نيابة التربية الوطنية لعين السبع الحي المحمدي، على فتح ثلاثة أقسام دراسية لفائدة 20 طفلا توحديا، وتمكنت من إدماج خمسة أطفال توحديين داخل الأقسام العادية بعد تحسين سلوكهم، وكذا التطور الحاصل في مستواهم الدراسي، بفضل تضافر المجهودات لجميع المتدخلين التربويين، وخاصة المعلمات وكذا المربيات المرافقات لهؤلاء الأطفال، والأطر التربوية بمدرسة طه حسين، والتضحيات الجسام المقدمة من طرف الآباء والأمهات بصفة خاصة. وللإشارة، فإن الأسر تتحمل لوحدها الجزء الأكبر من المصاريف الناتجة عن رعاية الأطفال التوحديين بالوسط المدرسي، والتي تقدر ما بين 2000 و 3000 درهم شهريا للطفل الواحد، تتمثل في أجرة المربية المرافقة لكل طفل، والمصاريف الجانبية المتعلقة باقتناء الأدوات البيداغوجية، والمساهمة في استعمال حافلة النقل المدرسي، والتعويضات الشهرية للإختصاصيين، واقتناء مواد النظافة وأشياء أخرى لتغطية الحاجيات اليومية للأطفال. وتساهم الجمعية بإمكانياتها المحدودة في التسيير الإداري والقيام بعدة مشاريع كالمساهمة في إصلاح الحجرات الدراسية والمرافق الصحية والأماكن المخصصة للعب والأنشطة الترفيهية والرياضية. فباستثناء المساعدات المادية المحدودة المقدمة من طرف منظمة الإعاقة الدولية المخصصة للتكوين، والمساعدات المقدمة من طرف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية (اقتناء حافلة للنقل المدرسي ، وتجهيز مطعم مدرسي ، واقتناء أدوات ديداكتيكية)، والمساعدات المقدمة من طرف نيابة التربية الوطنية لعين السبع الحي المحمدي المتمثلة في إصلاح جزء من الأقسام الدراسية وتجهيزها، فإن الجمعية لم تتلق أي دعم آخر من مجلس مدينة الدارالبيضاء، ومجلس العمالة والمصالح الحكومية الأخرى على الصعيدين المركزي والمحلي. إن استفادة جمعيات دون غيرها من أموال الدولة ودافعي الضرائب، تطرح اليوم وأكثر من أي وقت مضى علامات استفهام كثيرة، وتستدعي إعادة النظر بشكل شمولي في طرق وكيفية تمويل جمعيات المجتمع المدني، مع ضرورة وضع آليات مبتكرة لتحديد الأولويات من الفئات المستهدفة والأكثر تضررا، ومن ضمنهم فئة المعاقين المنحدرين من أسر فقيرة. إن التكاليف الباهظة التي تتحملها أسر أطفال التوحد، غالبا ما تؤدي إلى عدة مشاكل ومآس اجتماعية منها على الخصوص «إصابة أفراد الأسرة باضطرابات نفسية وأمراض عضوية التفكك الأسري الذي يؤدي في غالب الأحيان إلى الطلاق تفرغ أحد أفراد الأسرة من العمل (الأم أو الأخت أو الأخ) لرعاية الطفل التوحدي الهدر المدرسي فقدان العائلة مصدر الدخل كليا أو جزئيا».