أردت الشرطة في ستراسبورغ، مساء الخميس، الفرنسي شريف شكاط الذي نفّذ الثلاثاء هجوماً مسلّحاً استهدف السوق الميلادية في المدينة الواقعة في شرق فرنسا على الحدود مع ألمانيا. وشكاط الذي طارده على مدى يومين المئات من عناصر الشرطة أردته الشرطة في نودورف، الحيّ الواقع في جنوب ستراسبورغ والذي ترعرع فيه ولجأ إليه بعد أن نفّذ اعتداءه الذي أوقع ثلاثة قتلى و12 جريحاً. وما أن لقي شكاط مصرعه برصاص الشرطة الفرنسية حتى تبنّى تنظيم الدولة الإسلامية الهجوم، وذلك عبر وكالة أعماق الدعائية الناطقة باسمه. وقالت «أعماق» بحسب ما نقل عنها مركز «سايت» الأميركي لرصد المواقع المتشددة، إن «منفّذ هجوم مدينة ستراسبورغ شرقي فرنسا مساء الثلاثاء هو من جنود الدولة الإسلامية ونفّذ العملية استجابة لنداءات استهداف رعايا دول التحالف». من جهته، قال مصدر أمني لوكالة فرانس برس، إنّ شكاط «أطلق النار على وحدة من قوات الأمن العام التي ردّ عناصرها» بإطلاق النار عليه مما أسفر عن مقتله. وأتى مقتله في ختام نهار ناشدت خلاله الحكومة الفرنسية متظاهري «السترات الصفراء» عدم التظاهر السبت، وذلك لتمكين قوات الأمن من تركيز جهودها على مطاردة شكاط. وقال بنجامين غريفو المتحدث باسم الحكومة: «حتى الآن لم نقرر منع التظاهرات» المقررة السبت والتي يستمر بعض المحتجين في الدعوة إليها. لكنه طلب من المتظاهرين الذين يحتجّون منذ نحو شهر ضدّ السياسة الاجتماعية والضريبية للحكومة تحكيم العقل بعد اعتداء ستراسبورغ. وأضاف المتحدث أن الحكومة استمعت الى المحتجين وتجاوبت معهم، في إشارة إلى الإجراءات التي أعلنها الإثنين الرئيس إيمانويل ماكرون لرفع القدرة الشرائية للعاملين والمتقاعدين من أصحاب الدخل المحدود. وفي بروكسل، دافع ماكرون عن قراره قائلاً: «لن يحقق أي بلد التقدم إذا لم يستمع إلى هذا الغضب المشروع». وأضاف أنه يعتبر أن رد الحكومة «كان مشروعاً ومهماً لفرنسا لكنه لن يعيق بأي حال الرغبة في ضبط نفقاتنا (...) والاستمرار في الإصلاحات». وقال إن هذا «الغضب» يعبر عنه في «كل مكان في أوروبا من خلال التصويت للأحزاب المتطرفة ومع بريكست». وقد يتعين على ماكرون الرد خلال القمة الأوروبية بشأن التدابير التي تبلغ كلفتها عشرة مليارات يورو التي أعلنها الإثنين، وقد تكبد ميزانية فرنسا عجزاً قدره 3,4% في 2019 بدلاً من 2,8%. وفي فرنسا، بدا أن العديد من منظمي حركة الاحتجاج يواصلون الحشد من أجل تظاهرة السبت، رغم أصوات معتدلة قالت إن الوقت قد حان للحوار. وقال مكسيم نيكول للصحافيين في فرساي، إن «السترات الصفراء» «يحشدون أكثر من أي وقت مضى». وكانت تقف بجانبه بريسيلان لودوسكي التي بادرت بنشر العريضة المعترضة على زيادة ضريبة الكربون التي أطلقت شرارة التحرك. وشدد غريفو ومسؤولون آخرون على أن قوات الأمن الفرنسية بذلت جهوداً «هائلة» خلال الأسابيع الماضية، وأنها منهكة. وكانت الشرطة الفرنسية دعت مساء الأربعاء كل من لديه معلومات لابلاغها عن شكاط، صاحب السوابق المعروف لدى السلطات. وجاء في بلاغ الشرطة «انتباه.شخص خطر. لا تتدخلوا بأنفسكم». ووصفت الشخص شكاط بأنّه رجل طوله متر و80 سنتم «بشرته داكنة» و «بنيته عادية» مع «علامة على الجبهة»، مضيفةً أنّه على كل شخص يملك «معلومات تتيح تحديد مكانه» الاتصال برقم 197 المخصص للغرض. وشكاط فرنسي من مواليد ستراسبورغ ومدرج على لوائح جهاز الأمن بسبب تطرّفه. وهو صاحب سوابق كثيرة جداً ودين قضائياً 27 مرة على الأقلّ في فرنساوألمانيا وسويسرا في جرائم حقّ عام، وفي سجلّه 67 سابقة عدلية. وأطلق شكاط النار مساء الثلاثاء في شوارع تجارية بوسط مدينة ستراسبورغ التاريخي على بعد أمتار من شجرة الميلاد الشهيرة بالسوق. وبعد ذلك تبادل شكاط الذي كان مسلّحاً بمسدس وسكين إطلاق النار مع قوات الأمن التي أصابته بجروح في ذراعه. وفي ملابسات لا تزال غامضة، تمكّن شكاط من الصعود الى سيارة أجرة توجّه بها إلى حيّ قريب حيث وقع تبادل آخر لإطلاق النار مع الشرطة قبل أن يفر الجاني. وقال شهود إنّهم سمعوه يُكبِّر وتمّ تكليف قسم مكافحة الإرهاب في النيابة العامة في باريس بالقضية. وعادت الحياة ببطء الى ستراسبورغ الخميس حيث فتحت المدارس أبوابها بعد غلقها الأربعاء. ووضع مارّة زهوراً وشموعاً في مكان الاعتداء تعبيراً عن التعاطف مع الضحايا. وبقي سوق الميلاد الذي يجتذب سنوياً مليوني زائر مغلقاً الخميس، لكن ستتمّ إعادة فتحه غداً الجمعة، كما أعلن وزير الداخلية كريستوف كاستانير.