رأت وكالة "بلومبيرغ" الأميركية للأنباء أنّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يسعى إلى استغلال مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي لتغيير توازن القوى في السعودية واستعادة النفوذ في الشرق الأوسط، منطلقةً من تأكيده أنّه كشف جميع التفاصيل المتعلقة بالحادثة اليوم الثلاثاء. في تقريرها، وضعت الوكالة رفض تركيا للرواية السعودية والتسريبات الإعلامية الاستراتيجية عن لسان مسؤولين أتراك وادعاء أنقرة امتلاكها أدلة تؤكد تعرّض خاشقجي للتعذيب في خانة العناصر التي يستخدمها أردوغان لانتزاع تنازلات من السعوديين وإقناع الغرب بأنّ السعودية ليست شريكاً يمكن الاعتماد عليه. ونقلت الوكالة عن ديبلوماسي غربي كبير في تركيا قوله: "هذه هدية من الله لأردوغان". واعتبرت الوكالة أنّ قضية خاشقجي وضعت العلاقات السعودية-التركية والعلاقات بين السعودية والولاياتالمتحدة بخطر، مؤكدةً أنّ هذه المسألة تطرح تساؤلات أيضاً حول ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. وفي هذا السياق، نقلت الوكالة عن مسؤول حكومي تركي كبير قوله إنّ تركيا لم تصدق يوماً المبالغة في تقدير بن سلمان، مشيرةً إلى أنّ الأتراك حذروا بشكل سري من أنّ الولاياتالمتحدة الأميركية تخاطر بأن تُحرج نفسها علناً إذا ما اعتُبرت أنها تحاول المساعدة على تمويه الظروف المحيطة بمقتل خاشقجي في عهد الرئيس دونالد ترامب. وشرحت الوكالة بأنّ الغرب اختار تركيا والسعودية تقليدياً كلاعبيْن نافذين في الشرق الأوسط، مستدركةً بأنّ اتجاه أردوغان إلى إحكام قبضته مؤخراً بما في ذلك تضييقه الخناق على الإعلام وتعاونه مع روسيا في سوريا عاملان وتّرا العلاقة مع الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي "الناتو". وفي هذا الإطار، قال آرون شتين، الباحث في "المجلس الأطلسي" إنّ تركيا استغلت الحادثة جيداً، وهو واقع يعود إلى حدّ كبير إلى "إلى عدم كفاءة السعودييين"، مبيناً في الوقت نفسه أنّ "الديناميكيات الداخلية في السعودية تبدو بعيدة عن منال تركيا، فهي مرتبطة إلى حدّ كبير بالتحركات الأميركية". وفي تعليقها، أكّدت الوكالة أنّ تركيا تدرك ذلك وتأمل في أن تجبر حملتها في نهاية المطاف ترامب على الاتصال بالملك سلمان والمطالبة باختياره ولياً جديداً للعهد، على حدّ ما نقلت عن المسؤول التركي. من ناحيته، قال سونر چاغاپتاي، مدير البرنامج التركي في معهد الشرق الأوسط لدراسات الشرق الأدنى: "أنفق أردوغان كل أمواله لدعم الإخوان المسلمين خلال ثورات الربيع العربي وخسر كل شيء"، مستدركاً: "ولكنه كوّن أعداء كثرين ومحمد بن سلمان بينهم". ختاماً، حذّر چاغاپتاي من أنّ أردوغان يتمتع بالقدرة على إحراج بن سلمان وترامب، قائلاً: "هذه فرصة له لتقويض التحالف المناوئ لأردوغان والإخوان المسلمين، لأنّ بن سلمان أصبح الحلقة الأضعف"، على حدّ تعبيره.