واصلت الندوات المنظمة في إطار مهرجان فاس للثقافة الصوفية مناقشاتها بطرح موضوع "الحضور النسائي في التصوف"، وذلك خلال جلسة احتضنتها ، أمس الأحد ، المدرسة البوعنانية بالمدينة العتيقة لفاس، بحضور مثقفين من المغرب وخارجه. وتناولت الجلسة الدور الأبرز الذي مثلته رابعة العدوية في حركة التصوف وهي التي ينسب لها مؤرخو الصوفية البدء بالحديث عن "الحب الإلهي". كما تم التطرق لجوهر التصوف الذي "يستند إلى القلب كمحور للكشف والمشاهدة التلقائية من غير نظر ولا استدلال"، هذا القلب هو واحد ، مذكرا كان أو مؤنثا ، يصل بالصوفي الى العلم والى الحب الأسمى. وطرحت تساؤلات حول مدى اختلاف التجربة الصوفية النسائية وخصوصيتها، ونظرة الصوفية للمرأة، وبالدور الذي لعبته المتصوفات عبر العصور التاريخية المختلفة. وكيف لا يوجد مستوى للتصوف يصل إليه الرجل ولا تصل إليه الأنثى، وكون الممارسات الاجتماعية عبر التاريخ هي التي أضرت بدور المرأة ومكانتها. وتتميز النسخة ال11 من مهرجان فاس للثقافة الصوفية التي تتواصل الى غاية 27 أكتوبر، بانفتاحها على الأصوات النسائية عبر استضافة نساء صوفيات وفنانات يستلهمن أعمالهن من التراث الصوفي سواء بالمغرب أو بالخارج. ويسعى المنظمون من خلال اختيار "الحضور الصوفي" كشعار للمهرجان، إلى إبراز الأوجه المتعددة للثقافة الصوفية، وحضورها بصيغ مختلفة في مجالات إبداعية عديدة، في مقدمتها الأدب والشعر والفلسفة. وتتضمن فقرات الدورة ندوات تتمحور حول "الصوفية نموذجا للحضارة"، و"الصوفية بصيغة النسوة"، و"الصوفية والفن المعاصر"، و"ابن عباد الروندي والنموذج الروحي المغربي الأندلسي"، و"التيجانية والإسلام في إفريقيا". ويحفل البرنامج كذلك بأمسيات فنية مفتوحة للعموم في السماع لمختلف الطرق والطوائف المغربية، منها الطرق البودشيشية والدرقاوية والشرقاوية والوزانية والريسونية والصقلية. وتهدف (جمعية مهرجان فاس للثقافة الصوفية) ، بهذا الموعد السنوي ، إلى "إتاحة الفرصة للمغاربة لاكتشاف أو إعادة اكتشاف ثقافتهم، وتمكينهم من الوصول إلى الغنى الفني والفكري والروحي"، وكذا التعريف ، على الصعيد الدولي ، بالصورة الإيجابية للإسلام عبر اختيار الصوفية كقناة لتحقيق الإشعاع المطلوب، بفضل طابعها الروحي ولغتها العالمية، ودعوتها للانفتاح والسلام. وقد أضحى المهرجان مع توالي الدورات يستقطب العديد من المفكرين والباحثين إلى جانب عشاق الموسيقى الصوفية من المغرب والخارج، مما يدعم وضعية المغرب في الحوار بين الثقافات عبر بناء صلات وصل بين الشرق والغرب.