تصور الإسلاميين للتلفزيون المغربي، كما تجسده دفاتر تحملات مصطفى الخلفي، يثير القلق، عدد من الوزراء السابقين في القطاعات المتصلة بمجال السمعي البصري ينتفضون في وجه هذا التصور وينتقدون دفاتر التحملات التي ألزم بها وزير الاتصال الحالي القطب العمومي الوطني بمختلف قنواته وإذاعاته. وزير الاتصال الأسبق العربي المساري بدا متحفظا في التعليق عندما اتصلت به أمس «الأحداث المغربية»، ورغم اعترافه للوزير الخلفي بالحق في اتخاذ جميع التدابير التي يراها مناسبة في تدبير القنوات والإذاعات الوطنية، ألقى العربي المساري الوزير الأسبق في الاتصال بالكرة في ملعب الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري على اعتبار «أنها هي المخولة قانونا من أجل الموافقة على إجراء كهذا». من جانبه وزير الثقافة الأسبق محمد الأشعري كان أكثر جرأة عندما اعتبر أن في الأمر «توجيه إيديولوجي متحكم» مشددا على ضرورة التمييز بين دفاتر التحملات في هذا المجال وبين شبه البرامج. وأوضح الأشعري أن دفاتر التحملات لا ينبغي أن يتجاوز مداها التركيز على سير المرفق العمومي وأن «لا تصل إلى حد فرض توقيت البرامج ومحتوياتها الدقيقة بشكل يعكس وجود توجيه إيديولوجي». معطيات جعلت وزير الثقافة الأسبق يتساءل عن «إمكانية وجود حرية الإبداع والتفكير اللتين تشكلا دعامة حياة وتطور الأنظمة الديموقراطية»، موضحا في تصريح ل«الأحداث المغربية» بأن «المغاربة لطالما انتظروا إقرار استقلالية وسائل الإعلام الوطنية في حين أن مثل هذه الأعمال من شأنها أن تبعدنا أكثر عما كنا نطمح إليه». «أنا مع وجود دفاتر التحملات كآليات مؤطرة لعمل هذا النوع من المرافق العامة، خاصة من خلال الدفاع عن الهوية الوطنية والتعددية بكل أطيافها بالإضافة إلى الحرص على الجودة واحترام التنافسية» يضيف الأشعري مشددا على ضرورة أن « لا يؤثر ذلك على استقلالية مهنيي القطاع وكونهم هم المسؤولون عن إعداد شبكة البرامج ومحتوياتها بناءا على ما تحدده دفاتر التحملات». المهنيون كشفوا بدورهم عن توجسهم من إجراءات الخلفي، حيث عبرت النقابة الوطنية للصحافة في بلاغ لمجلسها الفيدرالي عن تخوفها من أن «يغلب الهاجس الأيديولوجي في تطبيق بعض التزامات دفاتر التحملات على القنوات والمحطات العمومية بدل الانكباب أكثر على تطوير المضمون واحترام التعددية الفكرية وحرية الإبداع والانفتاح اللغوي والثقافي». النقابة سجلت في بلاغ توصلت «الأحداث المغربية» بنسخة منه الصعوبات العديدة التي تواجه تطبيق عدد من المشاريع المتضمنة فيها التي «تتطلب إعادة النظر في تنظيم الموارد البشرية وفي العلاقات مع القطاعات الثقافية والفنية، منتقدة تجاهل دور المهنيين والمجتمع في مراقبة وتقييم تنفيذ هذه الدفاتر». ردود أفعال تتواصل منذ أن أعلن مصطفى الخلفي وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة بداية أبريل الجاري عن دفاتر تحملات تلزم مكونات القطب العمومي الوطني بمختلف قنواته وإذاعاته بمقتضيات جديدة تشدد من تحكم الوزارة الوصية في تفاصيل عملها. دفاتر شملت مقتضيات من قبيل إعطاء الأولوية للإنتاج السمعي البصري الوطني وللموارد البشرية المغربية، لكنها فرضت بث برنامج أسبوعي تفاعلي ومباشر وبصفة منتظمة، لا تقل مدته عن 52 دقيقة يعنى بتبسيط مفاهيم ومقومات وتعاليم الدين الإسلامي وأهميته في توجيه وتحفيز الاجتهاد والإفتاء في القضايا المعاصرة، وأيضا برنامجا شهريا يعنى بالاجتهاد والتجديد الديني بشأن القضايا المجتمعية الراهنة، مع المحافظة على سلامة اللغتين العربية والأمازيغية وأن الدبلجة ينبغي أن تكون باللغة العربية أو الأمازيغية.