اعتبر خالد الزروالي، والي بوزارة الداخلية مكلف بإدارة الهجرة ومراقبة الحدود، أن طرح إشكالية الهجرة في صيغة أزمة أمر مغلوط. واشار إلى أن 80 في المائة من المهاجرن يوجدون في وضعية سليمة قانونيا،وفقط 20 في المائة منهم ييوجدون في وضع غير قانوني. وقال "الأمر إدن يتعلق بمعالجة الآثار السلبية لهؤلاء الذين لا يمثلون سوى نسبة 20 في المائة من المهاجرين". وأوضح أن الحديث عن أزمة غير وارد بهذا الصدد لأن هذه الآثار معروفة وقابلة للمعالجة. غير أنه أشار إلى التداخل الذي وقع في الساحل بين الجماعات الإرهابية وتدفقات المهاجرين. وأوضح أن الأمر بدأ عندما شرعت القاعدة في إرساء أسس فرعها في الساحل، وكانت تحتاج إلى تمويلات باهضة لذلك، قدرت بنحو 2 مليون دولار في الشهر. عندها بدأوا باختطاف السياح الأجائب للمطالبة بفدية، ثم سيطروا على طرق الهجرة التي تحولت إلى بقرة حلوب. ففي اليوم الواحد يعبر 4000 مهاجر عبر حدود المنطقة التي تراقبها القاعدة، وكلهم يؤدون مبالغ مالية مقابل ذلك، تنضاف إلى ذلك مداخيل تجارة البشر وتهريب المخدرات. وأوضح الزروالي أن المغرب كان سباقا إلى التنبيه إلى هذه المخاطر، وتعامل معها مند البداية بحزم عبر تأمين حدوده الجنوبية والشرقية بأنظمة رصد تكنولوجية جعلتها في منأى عن التسربات. وقال الزروالي "اليوم هناك إشكالة عودة المقاتلين للقيام بعمليات"، مشيرا إلى ارتفاع مخاطر تسلل الجهاديين العائدين من سوريا وغيرها من البؤر، خاصة بين أفواج اللاجئين. وقال "هناك فضاءات للتطرف في مخيمات اللاجئين، والتي تتطلب رصدا وتتبع لإجهاض الخطط الإرهابية". وبخصوص معالجة المغرب لمعضلة الهجرة، أوضح الزروالي أن المقاربة المغربية انطلقت من أن على الدولة، من أجا ضمان أمنها وأمن مواطنيها، أن تضمن أيضا أمن المهاجرين الموجودين على أرضها. وفي هذا السياق أشار الزروالي إلى مبادرة جلالة الملك محمد السادس في سنة 2003 إلى تسوية أوضاع المهاجرين في المغرب. وأشار إلى العمل الذي يقوم به صاحب الجلالة كرائد للهجرة في إفريقيا، والذي سيتمخض عن ورقة طريق سيقدمها الملك محمد السادس للقادة الأفارقة خلال القمة المقبلة. ومن جانب آخر أوضح الزروالي أن المغرب يعمل أيضا على صعيد المغاربة المهاجلارين في الخارج، وذلك لتثمين القوة التي يشكلونها باعتبارهم مغاربة كرافعة لنشر الإسلام المعتدل والمتسامح وإشاعة روح التضامن والسلام عبر العالم، مشيرا أن الفكر المتطرف غريب عن البيئية المغربية وأنه جائها من الخارج. من جانبه أكد باولو ماغري، نائب رئيس ومدير المعهد الإيطالي للسياسات الدولية، موافقته على رأي الزروالي بضرورة تأطير المهاجرين، مشيرا إلى أن الآلاف يفقدون حياتهم خلال تنقلهم. واشار إلى أن إيطاليا لم تتعرض لهجمات إرهابية، غير أن ما يدور في ليبيا يقلقها، خصوصا وأن ليبيا أرض عبور للمهاجرين الأفارقة في اتجاه إيطاليا، وبالتالي تتخوف من تسلل الإرهابيين. وأضاف أن العمليات الإرهابية الأخيرة التي عرفتها أوربا بينت تورط الجيل الثاني والثالث، مشيرا إلى أن إيطاليا الحديثة العهد باستقبال المهاجرين لا توجد لديها بعد هذه الأجبال. وقال "حدرونا بأننا نحن أيضا سنتعرض لنفس العمليات عندما يصير لدينا الجيل الثاني والثالث". واشار إلى أن الإشكالية التي تطرحها هذه الظاهرة هي مسألة الإدماج، وفشل النماذج المتبعة في بعض البلدان الأوروبية في هذا المجال. ويرى شيدوأوساكوي، مدير عام الهيئة النيجيرية للمفاوضات التجارية، أن الإشكالية تتعلق بالتوازن الصعب بين الأمن والهجرة والاقتصاد، وقال "في نظري يجب ترجيح كفة الإقتصاد والتجارة". واشار إلى أن التنمية وخلق فرص الشغل للشباب والتةسع التجاري وحدها يمكن أن تحد من تدفقات المهاجرين، معتبرا أن عسكرة الحدود وبناء الأسوار العالية لن يجدي. وفي نفس الإتجاه أكد الجنرال ماجور بار سيغين، مدير الاستراتيجيات والبرامج لدى القيادة الأمريكية لإفريقيا (افريكوم)، أن القلق الأمني الذي تمثله الهجرة غير الشرعية لا يجب أن يحجب إشكاليات الأمن البيئي والإجتماعي في البلدان التي يغادرونها، لأنها هي الأساس. واضاف "كعسكري من الطبيعي أن أولي أهمية خاصة للبعد الأمني. لكن من الضروري اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد ومعالجة أسباب الهجرة".