شدد المشاركون في أشغال المنتدى الإفريقي للأمن 2017، التي افتتحت أمس الاثنين في الدارالبيضاء ، على أن الاقتصار على المقاربة الأمنية لمعالجة مشكل تدفق أمواج المهاجرين غير الشرعيين، غير كاف، مبرزين أن المقاربة الشمولية تبقى هي الحل الناجع و الكفيل بتحقيق الاستقرار و التنمية المستدامة المنشودة في البلدان المصدرة للهجرة . واعتبروا ، في مداخلاتهم خلال جلسة تمحورت حول موضوع " التحديات التي تفرضها موجات الهجرة و الجريمة العابرة للحدود" أنه في ظل توالي مآسي غرق المئات من اللاجئين والمهاجرين السريين في مياه المتوسط ،وهم في طريقهم نحو "الفردوس الأوروبي"، يتعين وضع استراتيجية إقليمية في مجال تدبير تدفقات الهجرة، تقوم أساسا على التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلدان المصدرة لهؤلاء المهاجرين، بدل الاكتفاء بالمقاربة الأمنية وحدها، والتي أثبتت عدم كفايتها ونجاعتها في تدبير إشكالية الهجرة ووضع حد للجريمة العابرة للحدود. و في هذا السياق ، انتقد اليكس فينس ، الخبير البريطاني في معهد (شاتام هاوس) المقاربة الامنية التي تنهجها مجموع الدول الاوربية عند تعطيها مع ظاهرة الهجرة السرية ، معبرا عن استغرابه من موقف التحفظ الذي تعتمده دول الشمال ،وعدم ايمانها العميق بحتمية مساعدة دول الجنوب اقتصاديا و اجتماعيا. و أعرب الخبير البريطاني عن اعتقاده أن معالجة ظاهرة الهجرة السرية، التي تقض حاليا مضجع الدول الاوربية ، تمر عبر انخراط هذه الدول ، وبطريقة فعلية وغير مشروطة في تقديم مختلف اشكال الدعم الاقتصادي و الاجتماعي و اللوجستكي سواء للدول المصدرة وبلدان العبور لمساعدتها على تجاوز الاسباب الرئيسية لهذه الظاهرة المتفاقمة. بدوره يرى الاكاديمي الايفواري وليام أسانو ، الباحث في معهد الدراسات الامنية الافريقية، أن ظاهرة الهجرة السرية معضلة مركبة يجتمع فيها الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي و الثقافي ، ويتجاوز حلها حدود الوطن، مشيرا الى أن تسويتها يتعين أن تكون في إطار اقليمي ووفق حلول جدرية تأخد بعين الاعتبار الاسباب و ليس النتائج. وبعد ان أبرز العلاقة السببية بين ظاهرة الهجرة السرية و الجريمة العابرة للحدود ، أكد الخبير الايفواري أن الاوضاع الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية و البيئة المرتبطة اساسا بالتغيرات المناخية ، تحول دون تفعيل اي استرتيجية محلية لتسوية الاشكاليات الاجتماعية المطروحة ، داعيا الى اعتماد تعاون متبادل شمال – جنوب يكرس شعار التنمية المستدامة كواقع و ليس كشعار . ومن جهته، سجل الأكاديمي المغربي عبد الكريم بلكندوز، الباحث في قضايا الهجرة أن التناول الإعلامي لظاهرة الهجرة السرية ساهم في نشر صورة حول اكتساح بلدان الشمال من قبل ساكنة الجنوب مما يضفي الشرعية على السياج الذي تقيمه أوروبا حول نفسها، معربا عن أسفه لبعض مظاهر العنصرية التي تعكسها مضامين عدد من المنابر الصحفية تجاه المهاجرين المنحدرين من بلدان إفريقيا عقب مجموعة من الأحداث الارهابية التي شهدتها بعض البلدان الاوربية في الاونة الاخيرة . وشدد الخبير المغربي على أن معالجة هذه الظاهرة يتعين ان يتم وفق مقاربة شمولية متعددة الابعاد ،و في اطار تصور حقوقي انساني ، تحترم فيه المواثيق و المعاهدات الدولية لحقوق الانسان. واعتبر أن استراتيجية المغرب في مجال الهجرة واللجوء، وهي الأولى من نوعها على الصعيد العربي والإفريقي، جاءت نتيجة تفكير معمق من شأنه تقديم أجوبة عن أبرز القضايا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية المرتبطة بإشكالية الهجرة. ويشمل برنامج هذا المنتدى، الذي ينظمه مركز أطلانتيس للبحوث والدراسات الجيو استراتيجية ، والمنتدى الدولي لتكنولوجيا الأمن ، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، عقد لقاءات وحوارات ، تسلط الضوء على أهمية التعاون الإفريقي من أجل مكافحة الإرهاب في حلته الرقمية، وأمواج الهجرات.