اعتبرت الجزائر، وصنيعتها جبهة البوليساريو، قرار حضور كل أطراف الاتحاد الإفريقي إلى القمة الأوروبية الإفريقية بأبيدجان نهاية هذا الشهر، نصرا كبيرا للجمهورية الوهمية، في حين كان توضيح الاتحاد الأوروبي بعدم الاعتراف بهذا الكيان واضحا ولا غبار عليه... النصر الذي يروج له أعداء الوحدة الترابية المغربية هو للاستهلاك الداخلي فقط، ورماد جديد تذره قيادة البوليساريو في عيون المحتجزين في تيندوف للتغطية على ما يجري في المخيمات من فساد، وما يعيشه الناس هناك من إحباط شديد بعدما تبين لهم أنهم كانوا يطاردون أوهاما غير واقعية... ما يهمنا في هذه الورقة ليس فشل جبهة البوليساريو وحاميتها الجزائر، ولا انهيار أطروحة الانفصال «الثورية» التي بدأت تتهاوى بعدما تبين زيفها، وأن المروجين لها لهم نوايا ومصالح أخرى غير مصلحة الصحراويين... ما يهم هذه الورقة هو ما وصلت إليه وضعية المحتجزين من تردي لم يعد مسموح الصمت حيالها... المحتجزون في مخيمات تيندوف في حاجة إلى رجة، تجعلهم يستفيقون مما هم فيه من استغلال بشع يمكن تصنيفه في خانة الجرائم ضد الإنسانية... هناك واقع يحس به سكان المخيمات يتجلى في كون كل الصور التي كان يروج لها قادتهم تبين أنها زائفة وغير قابلة للتحقق، بل تبين لهم أيضا أن قادتهم أنفسهم لا حول لهم ولا قوة في أي قرار، وإنما هم انتهازيون يخدمون مصالحم الشخصية ووضعوا، من أجل تلك المصالح، أنفسهم محل أدوات يحركها حكام الجزائر كدمى لا غير... معرفة هذه الحقيقة هي بداية فقط، أما ما يجب فعله فأشياء كثيرة تبدأ أولا بالعمل على إنهاء شيء اسمه مخيمات تيندوف... المغاربة اليوم سواء من الصحراويين الموجودين داخل أرض الوطن أو الموجودين في الخارج، وحتى الذين مازالوا يؤمنون بفكرة الانفصال مطالبون بفتح نقاش معمق حول القضية... هناك ضرورة ملحة لمد جسور الثقة والتوجه نحو مستقبل يضمن للجميع الكرامة والعدالة الاجتماعية... طبعا، على المستوى السياسي هناك مقترح الحكم الذاتي، والذي هو طرح معقول يمكن أن يكون قاعدة للحوار، ومنطلقا لنقاش عمومي محوره الإنسان، وليس المصالح الاستراتيجية التي تدفع فيها الجزائر... هي دعوة لكل الصحراويين الذين يجب أن يفهموا أن مشكلتهم لن يحلها إلا هم.. وهي دعوة لكل القوى الحكومية منها والمدنية والمثقفون لبداية صفحة جديدة تتوجه إلى المستقبل... كما أن المغرب حكومة ومجتمعا سياسيا ومدنيا مطالب بالتحرك في سبيل رفع الحصار عن المحتجزين في تيندوف، وجعلهم يتحكمون في مصيرهم بيدهم وليس بيد حكام الجزائر وبيادقها من قادة البوليساريو...