إذا صح ما يتهامس به بعض من أعضاء حزب العدالة و التنمية، فإن عبد الإله بنكيران قد يكون دخل المراحل الأخيرة لعملية استنساخ تجربة كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين و نظيره التركي طيب رجب أردوغان، من حيث أسلوبهما في الالتفاف على القوانين التي أجبرتهما، في لحظة من اللحظات، على التخلي عن مراكز القيادة لانتهاء ولاياتهما الحزبية أو الرئاسية. ما كان يتم تداوله همسا بين دهاليز الحزب صار اليوم أمرا شبه معلوم بين الناس، بعدما اختار البعض، ممن يبدو أنه لا يروقه المنحى الذي أخذه الشأن الداخلي للحزب، أن يُخرج إلى العلن الترتيبات السرية التي يتم الإعداد لها لقطع الطريق عن أسماء بعينها من الوصول إلى الأمانة العامة لحزب المصباح، و في نفس الوقت تضمن لبنكيران السيطرة على الحزب خلال المرحلة القادمة و التي تليها. فقد نقل الموقع الفرنكوفوني «مغرب أنتيليجونس» عمن وصفه بالقيادي المقرب من بنكيران، أن عبد الإله بنكيران تخلى نهائيا عن مشروع تعديل القانون الداخلي لحزب العدالة والتنمية الذي ينص على ألّا تتجاوز ولاية الأمين العام للحزب ولايتين، و ذاك ضدا على ما كان ينادي به عدد من أنصاره و حوارييه الراغبين في تمكين الرجل من ولاية ثالثة على رأس الأمانة العامة لحزب المصباح. و إذا كانت خطة تعديل القانون الداخلي للحزب لا تجد هوى في نفس بنكيران الراغب في الحفاظ على صورة البيجيدي كمؤسسة قوية بهياكلها و قوانينها الداخلية والتنظيمية، فإنه بالمقابل لا يرغب في تسليم المفاتيح لقيادة جديدة لا يرى أنها صالحة لمواصلة نهج "المسارعة و المصارعة" الذي يربط علاقة الحزب بالدولة و السلطة، و هو ما جعله يفكر، حسب ذات المصادر، في الدفع بترشيح القيادي ادريس الأزمي لمنصب الأمين العامة مع مده بالدعم الكافي و الكفيل بتمكينه من الظفر بأغلبية الأصوات. هذا السيناريو الذي أسرّ به المصدر القرب من بنكيران، يعني أن الرجل يسعى للتواري "مؤقتا" عن الأنظار، دون أن يرخي خيوط التحكم بدواليب القرار ب"مملكة البيجيدي" التي يطمح للعودة يوما لأمانتها العامة، مباشرة بعد انتهاء ولاية إدريس الأزمي التي لن تدوم، حسب ذات المصدر، سوى ولاية واحدة لا ثانية لها، مادام أن عمدة فاس قبل على نفسه أن يلعب دور "التيس المستعار" و الْمُحَلِّلَ الذي ما يتزوج المرأة إلا ليحلها لزوجها الأول. خطة الالتفاف على القانون الداخلي لحزب الدكتور الخطيب، ليست بدعة أتى بها بنكيران، بل سبقه إليها رجب طيب أردوغان الذي دفع، بعد انتهاء ولايته كرئيس للوزراء، بمستشاره أحمد داوود أوغلو ليحل محله، قبل أن يعود و يجبره، أواسط ماي 2016، على الاستقالة و يعين البرلماني بنعلي يلدرم رئيسا جديدا و "شكليا" للوزراء، بعدما قبل هذا الأخير على نفسه أن يلعب دور أراجوز في مسرحية مشابهة لتلك التي يكتبها بنكيران لأخيه الأزمي. و قبل أردوغان و بنكيران، كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد ألَّف و أخرج، بمعية رجل ثقته دميتري ميدفيديف، فصول ميلودراما لعب فيها بوتين دور رئيس وزراء للرئيس الكومبارس ميدفيديف، في مفارقة حولت الرجل الثاني نظريا إلى الأقوى عمليا بفيدرالية روسياالمتحدة. مسرحية ما لبثت أن انتهت في سابع ماي 2012 الذي صادف انتهاء الولاية الأولى و الوحيدة لميدفيديف و عودة فلاديمير بوتين لتبوأ منصبه كرئيس لروسيا، ليتم في اليوم التصويت على ديمتري ميدفيديف من طرف البرلمان كرئيس الوزراء باعتباره الترشيح المقدم من الرئيس الجديد القديم فلاديمير بوتين.