إنتخب مرشح الكرملين ديميتري مدفيديف رئيسا لروسيا اعتبارا من الدورة الأولى الأحد في ختام إنتخابات إحتج عليها معارضوه وتمهد الطريق أمام شراكة في السلطة مع الرئيس فلاديمير بوتين الذي سيتولى منصب رئيس الوزراء. واعلنت اللجنة الانتخابية المركزية بعد فرز 90% من بطاقات التصويت في مكاتب الاقتراع ان ديميتري ميدفيديف حصل على 70% من الاصوات. ويكون اقترب بذلك من النتيجة التي حققها فلاديمير بوتين الذي انتخب في العام 2003 بحصوله على 71،31% من الاصوات. "" ويتسلم الرئيس الروسي الجديد مهامه في السابع من ايار/مايو المقبل، حسب ما اعلن ليل الاحد الاثنين رئيس الادارة الرئاسية الروسية سيرغي سوبيانين وهو ايضا مدير حملة مدفيديف الانتخابية. وقال لوكالة انترفاكس ان "حفل تنصيب الرئيس الجديد سيقام في السابع من ايار/مايو" المقبل. من جهته هنأ بوتين الرئيس المقبل خلال حفل نظم في الساحة الحمراء في موسكو. وقال "ذلك يعني اننا نعيش في دولة ديموقراطية وان مجتمعنا المدني اصبح فاعلا ومسؤولا". واعلن مدفيديف ان روسيا اختارت المضي قدما مؤكدا انه سيتابع "سياسة الرئيس بوتين". وقال "لدينا كل الفرص للحفاظ على سياسة بوتين، سنمضي الى الامام ومعا سننتصر". ومدفيديف (42 عاما) سيصبح الرئيس الثالث لروسيا في حقبة ما بعد انهيار الاتحاد السوفياتي بعد بوريس يلتسين (1991-1999) وفلاديمير بوتين (2000-2008). كما انه اول رئيس لم تنطبع مسيرته بالاتحاد السوفياتي السابق لانه شهد سقوط الشيوعية عام 1991 حين كان في السادسة والعشرين من العمر. وافادت اللجنة الانتخابية المركزية ان المرشح الشيوعي غينادي زيوغانوف حل ثانيا بحصوله على 17،9% من الاصوات فيما نال المرشح القومي فلاديمير جيرونوفسكي 9،5% من الاصوات واندريه بوغدانوف المؤيد لانضمام روسيا الى الاتحاد الاوروبي 1،2%. واعلن زيوغانوف انه سيتقدم بشكوى امام المحاكم للاحتجاج على انتهاكات القانون الانتخابي. وقال "لدينا ادلة على حصول تزوير في هذه الانتخابات وسنتوجه الى المحاكم". من جهته قال جيرينوفسكي الذي يعتبر مقربا من الكرملين "لست راضيا عن النتائج لكنني اعلم تماما انه من غير المجدي الاحتجاج عليها". واضاف لاذاعة صدى موسكو "ان النتيجة التي حصلت عليها غير مرضية، انني متاكد ان عددا اكبر من الناس صوتوا لي وانه حصلت تجاوزات، لكني ليس بامكاني اثبات ذلك". يشار الى ان ابرز هيئة اوروبية تتولى مراقبة عمليات الانتخاب، منظمة الامن والتعاون في اوروبا، قاطعت هذه الانتخابات متحدثة عن قيود فرضت على مراقبيها. وتتجه كل الانظار الان الى الشراكة المستقبلية التي سيشكلها فلاديمير بوتين ومدفيديف في السلطة، وتدور تساؤلات حول ما اذا كان سيتمكن من تجاوز هذه الوصاية. وقالت يوليا لاتينينا المحللة في اذاعة صدى موسكو المستقلة "لا يمكن قول شيء الان، هل سيحل محل بوتين؟ اعتقد نعم". من جهته اعتبر الكسندر كونوفالوف الذي يرئس معهد التقييم الاستراتيجي ان "منصب الرئاسة يقوي حتى رجل سياسي ضعيف، وسيبدأ بالتخلص من هؤلاء الذين اتوا به الى السلطة". وقال ميدفيديف للصحفيين خلال مؤتمر صحفي عندما سئل عن سياساته "اعتقد انها ستكون استمرارا مباشرا لهذا النهج الذي ينفذه الرئيس بوتين." واضاف ميدفيديف الذي يعمل مع بوتين منذ اكثر من 17 عاما "نثق كلانا في الآخر وربما هذا هو الاهم. "انني مقتنع بأن عملنا المشترك..يمكن ان يعطي البلاد نتائج مثيرة للاهتمام الى حد ما وان يصبح عاملا ايجابيا في تنمية دولتنا." وقال المحامي السابق البالغ من العمر 42 عاما انه سيشكل حكومته الجديدة وادارة الكرملين بالتشاور مع بوتين الذي سيصبح رئيسا للوزراء . واضاف "سأعمل على هذا بشكل مشترك مع فلاديمير بوتين كرئيس وزراء مقبل." وعندما سئل عمن سيوجه السياسة الخارجية فقال ميدفيديف ان هذه ستكون مسؤولية الرئيس وليس رئيس الوزراء. واردف قائلا ان "الرئيس يحدد السياسة الخارجية لروسيا طبقا للدستور. "مكتب الرئيس ..هو الكرملين ومكان رئيس الوزراء والحكومة هو البيت الابيض." وقال انه سيدافع عن المصالح الروسية على الصعيد الدولي من خلال كل السبل القانونية. ميدفيديف الوجه الليبرالي للكرملين ديميتري ميدفيديف يعتني بصورته كوريث للرئيس فلاديمير بوتين وينكب على تقليد اسلوبه مجسدا صورة اكثر ليبرالية وليونة منه بعض الشيء. ولا يتجاوز ميدفيديف الثانية والاربعين. وهو صاحب وجه طفولي ناعم مختلف جدا عن وجه فلاديمير بوتين الذي يكبره ب13 عاما وتدرج في مدرسة الاستخبارات السوفياتية سابقا (كي جي بي) ومعروف بميله الى الاسلوب الصارم. وفي بلد يحظى القادة الرياضيون فيه بكثير من الشعبية، لا سيما اذا كانوا يتمتعون بصفات ذكورية واضحة مثل فلاديمير بوتين، يعمل ميدفيديف على الاعتناء بشكله، فيتدرب يوميا على السباحة، على حد قوله. وقد خسر بعض الوزن، وبات يرتدي بزات رسمية تخفي ضيق كتفيه. واكتسب الكثير من الثقة بالنفس وان كان لا يزال يتلو خطاباته بلهجة تشبه لهجة طلاب المدارس اثناء تلاوة دروسهم. وعلى غرار عرابه، يرتدي كنزات شبيهة بتلك التي يرتديها بوتين عندما يريد الظهور بمظهر اقل رسمية. ويصدم احيانا لدى الاستماع اليه بنبرة صوته التي يقلد فيها بوتين الى حد بعيد. وميدفيديف هو زعيم الجناح "الليبرالي" بين المحيطين ببوتين. وغالبا ما يقدم على انه "تكنوقراطي" براغماتي يعتبر ان العقيدة "امر مضر". ويجاهر ميدفيديف الذي عاش في كنف والدين مدرسين، بانه تدرج في ظل بوتين الذي تعرف اليه في بداية التسعينات في مدينتهما ليننغراد التي بات اسمها سان بطرسبورغ. وبعد ان درس لفترة قصيرة في كلية القانون في سان بطرسبورغ، انضم هذا القانوني الهادىء والنشيط الى "لجنة العلاقات الخارجية" في البلدية التي كانت تعتبر مهد النخب الروسية في سنوات الالفين. وعمل في المكتب خمس سنوات وبرز بعد تقديمه حلولا قانونية لملفات فساد كان يمكن ان تطال بوتين، بحسب ما تقول الصحف الروسية ومسؤولون سياسيون محليون. كما دخل قطاع الاعمال وبات عضوا في مجلس ادارة مؤسسة لتصنيع الخشب والورق "اليم بال انتربرايز" التي تملك وزنا في قطاع ينتشر فيه الفساد. وبعد انتهاء ولاية رئيس البلدية اناتولي سوبتشاك وفريقه الاصلاحي في 1996، عاد الى مركزه في الجامعة، وذلك حتى 1999 عندما استدعاه فلاديمير بوتين الى موسكو. واصبح مدير حملة بوتين الانتخابية في مارس 2000، ووصل سريعا الى ادارة الرئاسة. ثم تسلم رئاسة مجلس ادارة شركة "غازبروم" النفطية العملاقة، من دون ان يثير ضجة كبيرة في تقدمه على درج السلطة. وشهد خلال تقدمه هذا اعادة السيطرة على وسائل الاعلام وخنق المعارضة، من دون ان يعرف له دور محدد في كل هذا. واعتبارا من نوفمبر 2005 وتعيينه نائبا لرئيس الوزراء مكلفا المشاريع الوطنية الكبرى (الصحة والسكن والتعليم والزراعة)، بدأ النظر اليه على انه خليفة محتمل لبوتين. وشكل "تعيينه" في كانون الاول/ديسمبر انتصار "الليبراليين" على "السيلوفيكي"، اي قدامى ال"كاي جي بي" والجيش. ومنذ ذلك الحين، يكتفي ميدفيديف باعلان برنامج واحد هو الوفاء لفلاديمير بوتين ومواصلة عمله "من دون ان يفسد شيئا". واذا كان يقدم نفسه على انه ليبرالي في قطاع الاعمال، فانه ليس واثقا من انه تقدمي على الصعيد السياسي، لا سيما على صعيد حقوق الانسان. وهو يقول "اعتقد اننا في روسيا نملك ديموقراطية حقيقية". لا يستفيض في الحديث عن السياسة الخارجية، وخطابه يشكل صدى غالبا لرئيسه. ومما قاله "لا يمكن اجبار احد على ان يحب روسيا، الا اننا لن ندع احدا يسيء اليها"، من دون ان يذهب الى حد تبني الخطاب المناهض للغرب الذي ينتهجه بوتين، مثاله الاعلى.