أكد سفير المغرب ببرازيليا، نبيل الدغوغي، أن الاحتفاء بالمغرب في كرنفال ريو دي جانيرو من خلال الاستعراض الذي قدمته مدرسة السامبا "لاموسيدادجي أندبيندينتي دي بادري ميغيل"، يشكل تعبيرا عن تقليد رائع من الانفتاح على الثقافات الأخرى، دأبت البرازيل على نهجه منذ زمن. واعتبر الدغوغي، في مقال له نشرته يومية "أغولوبو" واسعة الانتشار في البلاد، أن تكريم المغرب خلال هذه السنة في كرنفال ريو يمثل استمرارا لتقليد رائع ميز البرازيل وشعبها على الدوام، وهو التقليد المتمثل في الانفتاح على ثقافات العالم والاحتفاء بغناها الفني والموسيقي. وفي مقال تحت عنوان "تنوع المغرب محط احتفاء بريو"، أبرز الديبلوماسي المغربي الخصوصيات الثقافية للمملكة، الغنية بتراثها التاريخي والفني الذي ينهل من الهوية المغربية، مشددا على أن "هذا التكريم يحتفي ببلد معروف بكونه بوتقة تنصهر فيها الثقافات، وملتقى للحضارات وأرضا لمختلف الروافد". وحسب الدغوغي فإن الموقع الجغرافي للمملكة وتراثها التاريخي شكلا هوية الشعب المغربي من خلال تطوير مختلف أشكال الفن والعمارة والموسيقى والخط والطبخ والزي والفخار والخزف، مشيرا إلى أن الغنى الفني للمغرب سواء التاريخي أو المعاصر، تم تقديمه بكثير من الابداع من قبل مدرسة السامبا "لاموسيدادجي" من خلال "توليفة جمعت، حد الاتقان، بين المفهوم التقليدي للثقافة الذي يشمل الفلكلور الشعبي، وما هو معاصر، أي الثقافة المغربية للقرن ال21، والتي تتميز بنهضة ثقافية كبيرة وتحرر إبداعي كبير". وقال إن "المغرب يشهد اليوم دينامية ثقافية وفنية واعدة تعززها دينامية أخرى تعيشها البلاد على المستوى الديمقراطي"، مضيفا في مقاله الذي ورد ضمن صفحة الافتتاحيات، أن الدينامية الثقافية للمملكة تنهل من معين مناخ الحرية والحداثة الاجتماعية، والتعددية الثقافية وتفاعلها مع العالم الخارجي ما يسمح لها بتقبل ثقافات الآخر. وفي معرض تطرقه للشق المتعلق بالجاذبية السياحية للمملكة، أكد الدبلوماسي المغربي أن 80 بالمائة من 12 مليون سائح الذين يزورون المغرب سنويا يقصدون المملكة لاكتشاف غنى تراثها الثقافي. وأوضح أن 35 الف سائح برازيلي الذين يختارون وجهة المغرب كل سنة يكتشفون ثقافة تنهل من الروافد الأمازيغية والعربية واليهودية والافريقية والأوروبية، فضلا عن التراث المعماري الغني، من خلال المهرجانات الموسيقية المشهورة عالميا والفنون المرتبطة بالطبخ وصياغة الفضة بالاضافة إلى الزي المغربي الاصيل. وشدد على أن المغرب تأثر بمختلف الحضارات، فلربما ذلك ما يفسر، برأيه، التسامح والانفتاح اللذين يسمان روح المغاربة المدافعين دوما عن قيم التعايش بين الثقافات واحترام الأديان، مبرزا أن هذا الانفتاح تمظهر في مجال الموسيقى، عندما اكتشف موسيقيون أمريكيون من أصل إفريقي منهم عازف الجاز راندي ويستون تمازجا بين ثقافتهم الموسيقية وإيقاعات كناوة المغربية، خلال ستينات القرن الذي ولى. وفي تقدير الدبلوماسي المغربي فإن هذا التلاقح تجسد في وجود تشابه كبير بين الإيقاعات والآلات الموسيقية، حيث أن الاندماج أضحى وسيلة لإعادة ربط حبل الوصال مع الجذور، مشيرا الى ان هذا التقارب يبدو جليا في الحالة البرازيلية من خلال التشابه الكبير بين إيقاعات كناوة، وإيقاعات "أولودوم" وموسيقى "أكسي" الشعبية. وقال الدغوغي إن الحفاوة التي خص بها جمهور مدينة رو ديجانيرو المغرب، البلد المعتز بتراثه العريق والذي يسعى إلى تعزيز التعابير الفنية والثقافية الاكثر ابتكارا، يعد مصدر سعادة وفخر بالنسبة للمملكة، التي تهدف إلى تعزيز العلاقات الثقافية والانسانية مع أمة عظيمة الشأن كالبرازيل. وأشار إلى ان المغرب والبرازيل المعروفين عبر التاريخ بتنوع هوياتهما الثقافية يمكنهما أن يبرهنا أن التنوع الانساني يشكل مصدر قوة، مسجلا في هذا السياق، أن "التسامح وقبول الآخر يعد أفضل الأجوبة على كراهية الأجانب والحمائية وإقامة الحدود والحواجز". وخلص إلى أن العالم بأسره كان سعيدا بخصوص رسالة السلام والتسامح والفرح التي عبرت عنها البرازيل في اولمبياد ريو سنة 2016، مشيرا الى أن "لاموسيدادجي إنديبيندينتي دي بادري ميغيل" بعثت بدورها برسالة أكثر تفاؤلا تعزيزا لقيم الإنسانية والصداقة التي يتعين تكريسها والدفاع عنها بإيمان وعزم وثقة.