نفسها المعاناة تتكرر في كل الدواوير الموجودة على مرتفعات الأطلس المتوسط. مع انخفاض درجات الحرارة تتجمد الحياة بهذه المناطق، لكن ساكنتها تستمر في مقاومة صعوبة التضاريس والطقس القاسي. في أيت بوعريف وأيت عثمان التابعين ترابيا لجماعة أم الربيع دائرة مريرت بإقليم خنيفرة وأيت بوزيان قبيلة أيت إلياس دائرة أزرو بإقليم أفران، تمة عزلة قاتلة فرضتها صعوبة المسالك ورداءة الطرق، وهي صعوبات تزيد من معاناة السكان في توفير الأعلاف لماشيتهم التي تعتبر المورد الوحيد لدخلهم، لاسيما أنهم لا يستفيدون من أي دعم للأعلاف بهذه المناطق النائية. حياة المرتفعات المتجمدة
المعاناة تنتقل أيضا إلى توفير الحطب لبث قليل من الدفء في بيوتهم الطينية التي لا تقيهم من برودة الطقس، حيث تنخفض درجة الحرارة إلى ما دون العشرة تحت الصفر، مما يجعل العيش بقمم هذه الجبال أشبه بالمستحيل. فتوفير الحطب يدفع بالمواطن الباحث عن الدفء إلى الاصطدام بمصالح المياه والغابات التي تمنع جلب الحطب من الغابة. وبما أن المناطق مهمشة والبنى التحتية منعدمة، فإن وسيلة النقل الوحيدة التي يستقلها الجبليون هي البيكوب التي تحشر العشرات من الآدميين في ظروف جد قاسية وفي محنة، معرضة بذلك حياة مواطنين مغاربة، أجبرتهم الظروف للعيش بالجبال، للخطر. معاناة تنضاف إلى تفاقم نسبة الأمية داخل هذه الأوساط حيث تبعد المدارس والمؤسسات التعليمية بعدة كيلومترات تجعل أطفال المدارس ينقطعون عن التعليم لأيام، بل في بعض الأحيان لشهور لكثرة التساقطات المطرية والثلجية، مما يجعل منحنى الهدر المدرسي في ارتفاع. وبهذه المناطق أيضا يغيب التطبيب فيلجأ الجبليون إلى وسائل تقليدية للتداوي أو قطع العشرات من الكيلومترات في مسالك وعرة حاملين المرضى على الأكتاف للوصول إلى أقرب مركز صحي. معاناة تتكرر كل سنة ومعها تتكرر الحلول الترقيعية التي لا تجدي نفعا.