يُعد التقرير السنوي الصادر عن مؤسسة وسيط المملكة بالمغرب مرآة عاكسة للوضع الإداري بالمملكة، حيث يسلط الضوء على مدى استجابة الإدارات لشكاوى المواطنين وتعاملها مع قضاياهم، خاصة مغاربة العالم الذين يمثلون شريحة أساسية من النسيج الوطني. التقرير يُبرز التحديات التي تواجه مغاربة العالم في تعاملهم مع الإدارة المغربية، ويقدم توصيات عملية لتحسين هذا الواقع، استجابة للتوجيهات الملكية السامية. تعامل الإدارات مع مغاربة العالم رغم الجهود المبذولة لتحسين الخدمات المقدمة لمغاربة العالم، يشير التقرير إلى وجود تحديات ما زالت تؤثر سلبًا على تجربتهم في التواصل مع الإدارة المغربية. أبرز الإشكاليات التي يعانون منها تشمل: – البيروقراطية: تعقيد المساطر الإدارية، خاصة في استخراج الوثائق الرسمية أو متابعة القضايا العقارية. – ضعف الرقمنة: نقص الخدمات الرقمية يعيق إنجاز المعاملات عن بُعد، ما يجبر العديد منهم على السفر لتحصيل حقوقهم. – التواصل غير الفعال: قلة الاهتمام بشكاوى مغاربة العالم، وتأخر الرد عليها من قبل بعض الإدارات. – المعاملات التمييزية: أحيانًا، يُنظر إلى مغاربة العالم على أنهم مصدر للعملة الصعبة فقط، دون مراعاة احتياجاتهم كمواطنين مغاربة. مغاربة العالم وعزوفهم عن الاستثمار في المغرب تشير المعطيات الواردة في التقرير إلى تزايد عزوف مغاربة العالم عن الاستثمار في وطنهم الأم. يعود ذلك إلى مجموعة من الأسباب المرتبطة بالتعامل الإداري، من بينها: – التأخير في معالجة الملفات الاستثمارية: يؤدي إلى فقدان الثقة في كفاءة الإدارة. – تعقيد الإجراءات: يجعل من الصعب عليهم الشروع في مشاريعهم دون مواجهة عراقيل متعددة. – عدم توفير ضمانات قانونية كافية: مثل الحماية القانونية للمستثمرين وحقوقهم. – غياب الشفافية: في تدبير العقود والمشاريع الاستثمارية، ما يخلق انطباعًا بعدم المصداقية. هذا الوضع دفع العديد من مغاربة المهجر إلى تفضيل الاستثمار في بلدان إقامتهم بدلًا من مواجهة الإحباط في المغرب، وهو ما يشكل خسارة اقتصادية كبيرة للوطن. توصيات التقرير لتحسين الوضع تضمن التقرير السنوي لمؤسسة الوسيط مجموعة من التوصيات لتحسين العلاقة بين مغاربة العالم والإدارات المغربية. وأبرزها: 1. تبسيط المساطر الإدارية: عبر تخفيف الإجراءات وتعزيز الشفافية في التعامل. 2. توسيع رقمنة الخدمات: لجعلها متاحة عن بُعد وتقليل الحاجة للحضور الشخصي. 3. تعزيز قنوات التواصل: تخصيص وحدات إدارية خاصة بمغاربة العالم لتحسين سرعة وفعالية الرد على شكاواهم. 4. تأهيل الموارد البشرية: تكوين موظفي الإدارة للتعامل بمهنية وحساسية مع خصوصيات مغاربة المهجر. 5. تحفيز الاستثمار: عبر توفير ضمانات قانونية واضحة، ومواكبة المستثمرين من مغاربة العالم بمساعدة مكاتب متخصصة. توجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة عيد العرش الأخير، ركز جلالة الملك محمد السادس على أهمية تحسين العلاقة بين الإدارات ومغاربة العالم، ودعا إلى: – حماية حقوق مغاربة العالم: عبر تمكينهم من التمتع بحقوقهم الوطنية بشكل كامل. – الارتقاء بالخدمات الإدارية: من خلال جعلها أكثر كفاءة ومرونة. – تعزيز الانتماء الوطني: عبر توفير بيئة إدارية تشجعهم على الانخراط في تنمية بلدهم. – تنشيط الاستثمار: من خلال تيسير المساطر الإدارية لتحفيزهم على ضخ استثماراتهم في مختلف القطاعات الاقتصادية بالمغرب. خاتمة إن عزوف مغاربة العالم عن الاستثمار في المغرب يُعد مؤشرًا مقلقًا يستوجب التدخل الفوري لتدارك الوضع. التقرير السنوي لمؤسسة وسيط المملكة يضع بين أيدينا خارطة طريق لتحسين العلاقة بين الإدارة ومغاربة العالم، استجابة لتوجيهات جلالة الملك. ورغم وجود تحديات، فإن الإرادة السياسية والتوصيات المطروحة تُعدّ فرصة حقيقية لبناء علاقة أكثر إيجابية تعكس روح المواطنة والتضامن بين الإدارة وجميع المغاربة، سواء داخل الوطن أو خارجه.