الوصول إلى تسكارت، يكشف عن إيقاع حياة قاسية وصعبة، حيث الساكنة تواجه ثالوث الفقر والحرمان وقساوة الجغرافيا، بعيدة عن "حظوة" أهل المدن، الذي يعانون من موجة الصقيع والبرد، في ظل ظروف حياتية أرحم من العيش تحت حصار جارف لا يرحم. الحياة تحت الصفر! الثلوج الكثيفة تعزل قبيلة تسكارت، التي تبعد عن مدينة خنيفرة بحوالي 34 كيلومتر عن العالم الخارجي، معلنة عن أيام طويلة تحت الحصار الابيض، الذي يحيل عيش الساكنة إلى معاناة اجتماعية ونفسية شديدة. موجة البرد والصقيع، التي لم يسبق لها مثيل منذ سنوات عديدة، أفضت إلى عزل تسكارت عن محيطها الخارجي بسبب محاصرتها من طرف الثلوج الكثيفة التي سدت جميع الطرق والمنافذ المُتاحة للوصول إليها، بسبب التهاطل الاستثنائي للثلوج. هشاشة وتهميش! خشونة العيش، جعلت من ساكنة تسكارت، تواجه الجغرافيا الظالمة بصبر غريب، الناس هنا ألفوا التعامل مع هذه الظروف الصعبة، وأصبحوا في حالة "تطبيع" دائم مع العزلة والتهميش والهشاشة، حيث الاقتصار على القليل من المأكل والمشرب والملبس.. بتسكارت ومناطق أيت براهيم وخداش والصفصاف وأيت كردان وأيت يعزا، يجدون أنفسهم في أوضاع معيشية صعبة، خلال التساقطات الثلجية الموسمية، حيث يفقدون قطعان مواشيهم ويلقون صعوبات في توفير حطب التدفئة. أين المسؤولين؟ المستوصف الذي تم بناءه حديثا مغلق، "فين غادي يمشيو هاذ الوليدات اللي مراض دابا؟"، يتساءل أحد السكان بنبرة متحسرة، من دون أن يفارقها الأمل، "هذه منطقة مهمشة بعيدة عن اهتمامات المسؤولين، لذا نطالب عامل إقليمخنيفرة ومندوب وزارة الصحة من الاطلاع على أحوالنا والرفق بنا ومن مد يد المساعدة لمواطنين مغاربة في حالة عزلة.. لم نتوصل بحطب وأفران التدفئة؟.. مسؤولي الجماعة والمجلس الإقليمي غائبين!". العزلة القاتلة! تسكارت و"الحصار الأبيض"، هي حالات إنسانية، تبقى متمسكة، رغم قسوة الطبيعة، بحقها في حياة أفضل. مواطن آخر من تسكارت، تساءل بدوره عن "الجحيم" الذي تعاني منه، مخلوقات تسكارت من بشر وشجر وحجر وحيوان، "وسائل الإسعاف الأولية غير متوفرة.. نعيش حالة عزلة في ظل الطرق غير المعبدة والمسالك الوعرة، ورغم مراسلاتنا العديدة لمصالح العمالة، ما زلنا ننتظر.. المستوصفات الصحية مغلقة ومدارس بأسقف متداعية، وجدران مهترئة.. ندعو المسؤولين إلى زيارتنا للوقوف على حجم المعاناة التي نعيشها ".