(مراد الخنشولي) - بروكسل 27/دجنبر/2016/ومع/ في بلجيكا، هناك ما قبل وما بعد 22 مارس 2016. فبعد أشهر عن الاعتداءات الإرهابية التي استهدفت مطار زافنتم ومحطة (مالبيك) لميترو الأنفاق، والتي خلفت 32 قتيل و340 جريح، اعتادت بلجيكا العيش في ظل التهديدات الإرهابية التي أصبحت جزءا لا يتجزأ من المعيش اليومي. وعلى الرغم من تطمينات السلطات السياسية والقضائية بأن الوضع تحت السيطرة، فإن الهاجس الأمني لا يزال حاضرا في ذهن البلجيكيين الذين يلتزمون بمزيد من الحذر، وهو ما أكدته غالبية المواطنين في استطلاعات الرأي عندما أيدوا تعزيز الإجراءات الأمنية التي قامت مختلف السلطات، وجعلت الحرب على الإرهاب على رأس أولوياتها. وعموما، همت الإجراءات التي اتخذتها السلطات البلجيكية لمحاربة الإرهاب مستويين رئيسيين : أولا تعزيز الإجراءات الأمنية، القضائية والتشريعية، وكذا محاربة التطرف في صفوف الشباب وهي ظاهرة جعلت بلجيكا من بين البلدان الأوائل التي انطلق منها المقاتلون في صفوف المجموعات الإرهابية في سوريا والعراق. وهكذا، أصبح الجيش جزءا من المشهد اليومي للمدن الكبرى في بلجيكا، حيث ينتشر ألف و200 جندي في الشوارع وأمام الإقامات والمواقع الاستراتيجية لدعم الشرطة الفدرالية. ويشكل هذا الإجراء واحدا من بين سلسلة من الإجراءات أعلنت الحكومة عنها غداة الأحداث المأساوية ليوم 22 مارس. وقد دخلت العديد من هذه الإجراءات حيز التنفيذ، من بينها إمكانية القيام بمداهمات في أي وقت، وتمديد آجال الحراسة النظرية إلى 72 ساعة بالنسبة للحالات المتعلقة بالإرهاب، وتوسيع التنصت على المكالمات الهاتفية وأيضا تجميد أرصدة الإرهابيين وخلق بنوك مشتركة للمعلومات بمختلف الأجهزة التي تعمل في مجال مكافحة الإرهاب. وفي علاقة بهذه النقطة، أكدت السلطات البلجيكية عزمها تحسين التعاون البلجيكي – البلجيكي في مجال محاربة الإرهاب، حيث تم الوقوف على ضعف التنسيق في هذا المجال بسبب بنية مؤسساتية معقدة. وتروم هذه المقاربة دعم الوقاية من الإ رهاب من خلال تبادل المعلومات، وضمان رد ملائم في حالة وقوع هجوم إرهابي والتقليص من المخاطر حول الأهداف المحتملة، خاصة وأن بلجيكا تحتضن مقرات المفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي والبرلمان الأوروبي وحلف شمال الأطلسي. وبالموازاة مع هذه المبادرات، تأمل السلطات البلجيكية القضاء على التطرف في صفوف الشباب من منابعه أو على الأقل التقليص من خطورته. وفي هذا الصدد، أطلقت الحكومة مخططا ضد التطرف والتطرف العنيف ويشمل سبع بلديات ببروكسل من بينها مولنبيك. ويتعلق الأمر بالأساس بالبلديات التي انطلق منها وعاد إليها " المقاتلون الأجانب ". ويركز هذا المخطط، الذي تنقسم إلى أربعة محاور وقائية وأمنية وقضائية ووقائية، على تتبع المرشحين للذهاب نحو سوريا والذين عادوا منها، وكذا الأنشطة الإجرامية والاقتصاد الغير الشرعي الذي يدعم الإرهاب، وكذا محاربة التطرف. وعلى الرغم من أهمية هذه المبادرات، فإن على بلجيكا أن تعتاد على العيش في ظل التهديد الإرهابي كباقي البلدان الأوروبية الأخرى. فالأمر لا يتعلق ببث الخوف في صفوف المواطنين كما يقول عدد من المسؤولين السياسيين والقضائيين، لكن بتحذيرات تأخذ بعين الاعتبار واقعا يفرض نفسه على الجميع، والذي يجب مواجهته بعزم كبير ونفس طويل.