بعد مرور ثلاثة أشهر على الاعتداءات الدامية التي استهدفت بروكسل في 22 مارس الأخير، لا تزال بلجيكا تعيش على وقع التهديدات الإرهابية، حيث يظل مستوى الإنذار في الدرجة الثالثة في سلم من أربع درجات. فبعدما بدأت العاصمة البلجيكية تستعيد حياتها الطبيعية، عادت التهديدات الإرهابية لتخيم على المدينة من جديد بعد القيام بمداهمات وتوقيفات كشفت عن وجود مخططات لهجمات محتملة. ففي ليلة الجمعة السبت، تم توقيف 12 شخصا مشتبه فيهم بالتخطيط لاعتداء وذلك بعد القيام بحوالي أربعين عملية مداهمة خاصة في بروكسل. وقد تم اعتقال ثلاثة أشخاص بتهمة محاولة القتل في إطار إرهابي والمشاركة في أنشطة مجموعة إرهابية. وكشفت التحقيقيات أن الإرهابيين المحتملين لهم علاقة بالأخوين البكراوي وكذا نجيم الشعراوي الذين فجروا أنفسهم في 22 مارس الماضي بمطار بروكسل ومحطة (مالبيك) لميترو الأنفاق. وكان الأشخاص الثلاثة المعتقلين يعتزمون، حسب تسجيلات مكالماتهم الهاتفية، القيام بعمليات إرهابية في عطلة نهاية الأسبوع، وخاصة وسط بروكسل حيث كان يتابع البلجيكيون النقل المباشر للمباراة بين بلجيكا وإيرلاندا في إطار كأس أوروبا. وهمت هذه المداهمات، 16 بلدية من بينها (مولنبيك)، التي أصبحت توصف " بالقاعدة الخلفية " للإرهاب، وشملت 152 مرآبا للسيارات، غير أنه لم يتم حجز أية أسلحة أو متفجرات حسب النيابة العامة البلجيكية. كما جاءت هذه المداهمات بعد نشر الصحف البلجيكية لمعلومات تفيد بتوزيع مذكرة على الدوائر الأمنية تحذر فيها من أن مقاتلين من (داعش) غادروا مؤخرا سوريا لارتكاب عمليات إرهابية ببلجيكا. كما أفادت الصحف المحلية السبت الماضي بأن وزراء فيدراليين بلجيكيين، وعائلاتهم وضعوا تحت حراسة مشددة منذ الجمعة بعد تقييم للتطورات الجديدة للوضع الأمني من قبل هيئة التنسيق لتحليل مخاطر الإرهاب. ويتعلق الأمر بالوزراء المرتبطين بتدبير ملف الإرهاب، وخاصة الوزير الأول شارل ميشيل، ووزير الشؤون الخارجية ديديي ريندرز، ووزير الداخلية يان يامبون ووزير العدل كوين غينز. وأشارت هيئة التنسيق إلى تهديدات مؤكدة دون الإفصاح عنها. وقد تم اتخاذ إجراءات أمنية استثنائية منذ مساء الجمعة الماضي، واستمرت اجتماعات خلية الأزمة طيلة اليوم. وفي نفس اليوم، عقد المجلس الوطني للأمن اجتماعا بمكتب الوزير الأول شارل ميشل، أكد خلاله هذا الأخير الحفاظ على حالة الإنذار في مستواها الثالث. وقال الوزير الأول " سنتخذ إجراءات أمنية آنية، لكن من الضروري ألا نعلن عن هذه الإجراءات " داعيا السكان إلى الهدوء. ويرأس المجلس الوطني للأمن الوزير الأول ويضم وزراء العدل، والدفاع، والداخلية، والشؤون الخارجية ويوم الأحد، تم إخلاء محطة القطار المركزية ببروكسل لأسباب أمنية بسبب العثور على حقيبة يجهل صاحبها. وقد أوقفت حركة القطار بأمر من الشرطة ما بين المحطة الشمالية ومحطة (ميدي) لتعود الأمور إلى طبيعتها بعد ذلك. كما تم إغلاق مجموعة من محطات ميترو بروكسل، بأمر من الشرطة منذ السبت لأجل غير مسمى. من جهة أخرى، يواصل الجيش نشر عناصره في مختلف شوارع وأزقة العاصمة وحول الأماكن العمومية، والمؤسسات الأوروبية، والنقط المحورية في العاصمة وباقي المدن البلجيكية. وكانت بروكسل قد تعرضت في 22 مارس الأخير لاعتداءات إرهابية استهدفت المطار ومحطة لميترو الأنفاق وخلفت 32 قتيل وعشرات الجرحى. وقد تبنى هذه الهجمات تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي. (*) و م ع