من يكون صاحب (ة) هذا الموكب الجنائزي؟ سؤال كان يتردد على طول المسار، الذي اتخذه الموكب الجنائزي الخاص بوالدة رئيس الحكومة المعين، عبد الإله بن كيران، لالة مفتاحة الشامي. وذلك انطلاقا من بيته الكائن بشارع جان جوريس بحي الليمون، وسط العاصمة الرباط، مرورا بشارع ابن تومرت ووصولا إلى مقبرة الشهداء. وظل الناس يستوقفهم الفضول حينما يعرفون هوية الفقيدة ليتراصوا على جنبات الطرقات ومعاينة الموكب، وبالتحديد تفحص وجوه الشخصيات. وعلى الأقدام سار المصاحبون للراحلة إلى مثواها الأخير، يتقدمهم ابنها عبد الإله بن كيران مرفوقا بأخويه حماد وعبد العزيز، وابنيه والعديد من أفراد العائلة ومجموعة كبيرة من قياديي حزبه العدالة والتنمية، وحركة التوحيد والإصلاح. وحده وزير السكنى وسياسة المدينة في حكومة تصريف الأعمال، والأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، نبيل بنعبدالله، اختار مرافقة عبد الإله ابن كيران مشيا على الأقدام، فيما اختار آخرون من وزراء سابقين في الحكومة السابقة، أو أمناء عامون للأحزاب اللحاق بالموكب إلى مسجد مقبرة الشهداء مستعملين سياراتهم. عزاء بتقاليد فاسية مرعية بخلاف ما قد يتبادر إلى الأذهان، خضعت مجريات عزاء الراحلة لالة مفتاحة الشامي للتقاليد الفاسية، بما يسمها من انفتاح، أكثر من أي اعتبارات أخرى. وفي خضم العزاء، تخلى ابن كيران، عما قد يكون عادات عائلته السياسية بوصفه أمينا عاما لحزب «إسلامي» وانغمس في عادات عائلته الطبيعية. وعكس المعزون من أفراد العائلة الممتدة لابن كيران وزوجته نبيلة، التي هي ابنة عمه، سيما النساء منهم والشباب تمسكهم بالانفتاح ومواكبة العصر، كسمتين أساسيتين لنمط عيش العائلات الفاسية العريقة. وطغت لغة موليير على الأحاديث الجانبية والجماعية لأفراد العائلة. وفي السياق ذاته، لم تهتم الكثيرات من المعزيات من قريبات عبد الإله ابن كيران وزوجته نبيلة لوضع وشاح على رؤوسهن، لتغطية خصلات شعر أشقر ذهبي مصفف بعناية، أو أسود منطلق على سجيته. وإذا كان الرجال من عائلة ابن كيران وزوجته، اختاروا ملابس عصرية عملية، في حين ارتدى عبد الإله بن كيران وأخواه جلابيب مغربية، فإن النساء ارتدين الجلابيب، وبدين في كامل الأناقة في لحظة فراق صعبة وجدانيا. هؤلاء لفتوا الانتباه بدا لافتا خلال الجنازة، الحضور الوازن للمستشارين الملكيين إذن كانت الجنازة الوحيدة التي رافقها خمسة مسشتارين ملكين وحضر دفنها أربعة منهم هم عمر القباج، وعبد اللطيف المنوني، وعمر عزيمان، وعلي الفاسي الفهري، فضلا عن أندري أزولاي، الذي مشى وراء موكب الجنازة واختار الانسحاب مبكرا دون حضور مراسيم الدفن وظل وزير العدل والحريات، مصطفي الرميد، تحت أنظار فضول الحاضرين، هو الذي كان مرفوقا ب4 حراس. وذلك سواء عند حضوره إلى بيت عبد الإله بن كيران صباحا، أو إلى مقبرة الشهداء عند العصر، للمشاركة في أداء صلاة الجنازة وتشييع جثمان الراحلة إلى مثواها الأخير. وفي كل مرة، كان يحضر الوزير وحده في سيارة خاصة، به متبوعا بسيارة ثانية يمتطيها حراسه الخاصون. وقد حظي الوزير بحماية لصيقة حتى داخل المسجد. وبدوره أثار عضو حزب الأصالة والمعاصرة والنائب باسمه، فوزي الشعبي، الانتباه بسبب لباسه غير المألوف. فالنائب البرلماني، عند وصوله إلى مقبرة الشهداء، وهو الذي حضر متأخرا بعض الشيء عن مراسيم الدفن، كانت يرتدي جلبابا قصيرا وحذاء جلديا يشبه أحذية رعاة البقر بكعبه العالي وجلده المعرق اللامع. وشارك في مراسيم الدفن سفير تركيا المعتمد بالرباط، أدهم بركان أوز، فبالرغم من أنه قدم عزاءه لرئيس الحكومة ببيته شأنه في ذلك شأن نظرائه سفراء كل من الباكستان ندير شودهري، وروسيا فالري فوروييف، وفرنسا جان فرانسوا جيرو، وأندونيسيا سياريفسيا مسوري، فإن سفير تركيا حضر أيضا صلاة الجنازة ومراسيم الدفن.