اسمح لي السيد رئيس الحكومة المحترم، أن أخاطبك عبر "الأحداث المغربية" التي تحترم الاختلاف وتقدره. إنني أخاطبك برئيس الحكومة لأنني متأكد أنك ستنجح في تشكيل الحكومة المغربية المقبلة، ولست من أولائك الذين يتمنون لكم الفشل في هذه المهمة لأنني مقتنع بأن سيناريو إعادة الانتخابات في الزمن السياسي المغربي، مرهق ومنهك وتكلفته غالية سياسيا ولوجيستيكيا، كما أن المشهد السياسي المغربي، غير مستعد بالمرة لسوق انتخابي آخر، على غرار ما شهدته البلاد. السيد رئيس الحكومة المحترم، ستكون رئيس حكومة المغاربة جميعا برغم المقاطعين والمشككين والناقمين، لذا أرجو أن تكون فعلا رئيس حكومة جميع المغاربة. من دون شك أعتبر أن جلالة الملك أكثر ديموقراطية منا جميعا، ووضع المغرب على سكة الدول الديموقراطية وأسس إلى عرف ديموقراطي، يتبارى فيه رؤساء الأحزاب لرئاسة الحكومة بتفويض شعبي، ويبقى التكليف مجرد اجراء دستوري. إنه تمرير آخر على مغرب ممكن، مغرب اختار لنفسه أن يكون مغايرا في محيط غير ناضج. اسمح لي السيد رئيس الحكومة، أن أخبرك أنني ما شهدته خلال ما يسميه المغاربة بالحملة الانتخابية، لا يرقى إلى هذه اللحظة الاستثنانية التي نؤسس لها. فالحملة الانتخابية، لم تصل والحمد لله إلى قيامة، غير أنها تدبر بمنطق الأعراس والحفلات والمواسم. واسمح لي أن أهنئك وحزبك على قدرة مناصري حزبك على الايمان بمشروعهم. فباستثناء فدرالية اليسار والعدالة والتنمية لم أر سوى شبابا يرمون الأوراق في الطرقات وعلى الفتيات وبعضهم كان يصرخ يا "الوردة وعليك يطيح الندى". إنها فرصتك السيد رئيس الحكومة المحترم، أن ترسل إشارة قوية إلى الشعب المغرب، وتصر على تشكيلة حكومية معقولة ومندمجة وعددها محدود. ولا حاجة لنا بوزراء سمعنا بأسمائهم ووزاراتهم ولا نعرف ماذا كانوا يفعلون. فرصتكم السيد رئيس الوزراء المحترم، أن تمنحنا زمنا سياسيا جديدا، بعيدا عن التسفيه والحلقة وأن يكون البرلمان المقبل مكانا للنقاش وممارسة السياسية بعيدا عن المزايدات و"السويقة" ولو أنني قرأت أن ربع البرلمان الموقر يتكون من التجار. كما أنني ألتمس منكم السيد رئيس الحكومة المحترم، أن تفكر في الاصلاحات الحقيقية التي تحقق قفزة في النشاط الاقتصادي المغربي، وتفتح الطريق أمام التنمية الاقتصادية الحقيقية، خاصة وأنكم الآن جمعتم من الخبرة ما يكفي لتسيير شؤون الحكم. السيد الرئيس الحكومة المحترم، أرجوك أن تفكر في شبابنا وأن تفتح لهم فرصة لأعادة التأهيل سواء على الصعيد الاجتماعي أو السياسي أو الصحي. فما رأيته لا يبشر بخير. كما يقتضي الأمر منك أن تفكر في الفئات المتوسطة، قاطرة التغيير في المجتمعات، باقرار نظام ضريبي عادل يفتح الفرص أمام الجميع، وتغيير هذا النظام الجبائي المسلط على رقاب المواطنين. إن التفكير في نظام ضريبي عادل، يجعل المرء يؤمن بأن الضريبة قيمة مضافة للاقتصاد الوطني وليس مجالا لتحصيل الجبايات وضخها في صناديق الدولة. فأحيانا "يكون خيال دافعي الضرائب أكبر من السلطة التنظيمية للمشرع" كما يقول وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله.