مداخلة صباح المنصوري في إطار مناقشة الميزانيات الفرعية لقطاعات الخارجية و الجالية المغربية المقيمة بالخارج و الدفاع الوطني و الشؤون الإسلامية برسم سنة 2013 السيد الرئيس المحترم يشرفني أن أتناول الكلمة، باسم فريق الاتحاد الدستوري، في إطار مناقشة الميزانيات الفرعية لقطاعات الخارجية و الجالية و الدفاع الوطني و الشؤون الإسلامية، و أبدأ أولا بالتنويه و التثمين للجهود التي تبذلها قواتنا المسلحة الملكية المرابطة، في سبيل حماية أراضينا من طنجة إلى الكويرة، و من أجل دوام سيادتنا و كرامتنا الوطنية عالية و قوية و ذات عزة و مروءة. كما أننا نشيد بجميع الأدوار التي تضطلع بها قواتنا المسلحة: الأمنية والإنسانية والدبلوماسية، والأعمال الجليلة التي تقوم بها لفائدة الشعوب الشقيقة والصديقة، عربيا وإفريقيا ودوليا، مما يؤكد جنوح المغرب والمغاربة إلى منطق السلم، و الحوار، و العمل الإنساني الخيري و الطبي و الاجتماعي. السيد الرئيس مازلنا نعتقد في فريقنا الاتحاد الدستوري بأن دبلوماسيتنا مطالبة بمضاعفة جهودها هنا و هناك، لتحقيق الجودة في الأداء، و النجاعة في المواقف، و القوة في اتخاذ القرار، و الحكمة في الحوار و التفاوض.. و خاصة في مجال التأكيد على مغربية صحرائنا، و سلامة اقتراحنا المبني على الحكم الذاتي، و في سياق إبراز انتمائنا القومي العربي و الإسلامي بدعم قضايا التحرر و التنمية و الديموقراطية بفلسطين و سوريا و بجميع بلدان الربيع العربي، و بدول إفريقيا و آسيا و باقي أرجاء المعمور. كما أن دبلوماسيتنا معنية أكثر من أي وقت مضى، بضرورة إشراك الأحزاب السياسية و النقابات و جمعيات المجتمع المدني في صناعة القرار الدبلوماسي، و في تعبئة الرأي العام الوطني بشأن قضاياه الجوهرية و المصيرية. السيد الرئيس في الوقت الذي كان فيه عدد مغاربة العالم يزداد سنويا بفعل الهجرة والتوالد، أصبحنا اليوم نشهد هجرة مضادة لأبنائنا و خاصة من بعض الدول الأوربية إلى وطنهم الأم، كنتيجة طبيعية للأزمة الاقتصادية العالمية، و اتجاه عدد من دول أروبا إلى خيار التقشف.. و نحن هنا نتساءل – السيد الوزير – عن طبيعة الإجراءات التي اتخذتها وزارتكم لاحتضان هؤلاء العائدين، وخاصة من إسبانيا، وذلك بعد أن فقدوا عملهم هناك وأصبحوا في عداد العاطلين ؟. ولا يخفى على أحد أن أبناء الجالية المغربية المقيمين بالخارج، يمرون اليوم بتحديات كبيرة، ليس فقط بسبب الأزمة العالمية، و إنما أيضا بسبب بعض التشريعات التي بدأت تلجأ إليها بعض الدول الأوربية للتضييق عليهم، و دفعهم بالتالي إلى العودة إلى وطنهم.. و في هذا السياق نتساءل مرة أخرى عن جهود الوزارة الوصية من أجل الدفاع عن حقوقهم ؟ و حماية مصالحهم ؟ علما أنهم لعبوا أدوارا إيجابية و ملموسة و طلائعية من أجل الدفاع عن جملة من قضايانا الوطنية المقدسة، و على رأسها قضية وحدتنا الترابية.. إننا نستحضر مثل هذه المعطيات لندعوكم – السيد الوزير – إلى ضرورة خلق استراتيجية مندمجة وفاعلة في إطار دبلوماسية خارجية، يلعب فيها مغاربة العالم دورا حاسما في التعريف بعدالة قضايانا و شرعيتها.. فما هي رؤيتكم ومجال تعاونكم مع الجالية في تحقيق الأهداف الدبلوماسية المشروعة ؟. السيد الرئيس.. إن الوزارة المعنية بالجالية، مازالت بطيئة في القيام بواجبها نحو أبنائنا في المهجر، و خاصة فيما يتعلق بربطها بجذورها التاريخية و الحضارية، و أعني هنا بطبيعة الحال، مسألة تعليم اللغة العربية، و تلقين تعاليم ديننا السمحة، و ثقافتنا الحضارية المتميزة. السيد الرئيس إن تدبير الحقل الديني يتم اليوم بأسلوب يبدو لنا مشجعا و متفائلا، لكن ذلك لا يمنع من إبداء الملاحظات التالية: * أولها أن هذا الحقل يفتقر إلى الطاقات و الكفاءات المطلوبة على مستوى التأطير و التثقيف و التكوين. * ثانيا، هذا القطاع تنقصه روح المبادرة على مستوى العمل الإنساني، و على صعيد تنزيل مقتضيات التكافل الاجتماعي، من كفالة و تعاون على البر و التقوى، و من انفتاح على المجتمع المدني بمنظماته و جمعياته المختلفة. * ثالثا، عجز هذا القطاع عن التصالح مع المواطنين، ثقافيا و إعلاميا، إذ الملاحظ أن عددا كبيرا من المواطنين يهاجرون إلى مشاهدة الفضائيات الدينية المشرقية، و إلى قراءة الكتاب الإسلامي المشرقي، و إلى الاغتراف من الفتوى المشرقية، و الاحتكام إلى الدعاة و المفكرين المشارقة.. و نحن نتساءل أين هو موقع وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية في هذه المعركة ؟ و ما هي اقتراحاتها العملية لرد الاعتبار لفهم المغاربة الإسلامي ؟ و ماذا قدمت لنا من أجل إغراء قرائنا بالإقبال على شراء و قراءة الكتاب المغربي الإسلامي التراثي و المعاصر ؟.. إنه قصور لا يغتفر، و لامبالاة لا مبرر لها. * و رابعا و أخيرا، ندعو هذه الوزارة إلى ضرورة الانكباب على إعادة النظر في منهجية تدبير مسألة الحج، لأن المنهجية الحالية تقوم على شروط مختلة، تتحكم فيها الزبونية و المصلحة و العلاقات من نوع خاص، سواء على صعيد قرعة الحج، أو على صعيد العلاقة مع وكالات الأسفار، أو على صعيد الإشراف على الحجاج المغاربة من المطار إلى الديار المقدسة. و السلام عليكم مداخلة فوزية البيض في إطار مناقشة الميزانيات الفرعية لقطاعات العدل و التشريع و حقوق الإنسان برسم سنة 2013 يشرفني أن أتناول الكلمة، باسم فريق الاتحاد الدستوري، في إطار مناقشة الميزانيات الفرعية لقطاعات العدل و التشريع و حقوق الإنسان، و في هذا الصدد، نؤكد أولا على أن قطاع العدل و الحريات، يشهد منذ مجيء هذه الحكومة حركية متصاعدة، لكن للأسف الشديد يغلب عليها الطابع السلبي أكثر منه الإيجابي، مما قد يؤدي – على المدى القريب أو المتوسط – إلى تعطيل عدد هام من مرافقه، و التأثير بالتالي على طبيعة الخدمة العمومية الواجب تقديمها في هذا المجال. و في هذا السياق قد نجتهد في وضع بعض العناوين الكبيرة للأزمة المتفاعلة في هذا القطاع، و نبدأ: * أولا بالعلاقة المتوترة التي تسود اليوم جهاز العدل التنفيذي بالقضاة، حيث خاض القضاة في سابقة لم نعهدها من قبل، وقفة احتجاج بلباسهم المهني أمام مقر محكمة النقض بالرباط، مما يعطي الانطباع على أن الأمر ليس هينا، و ليس عابرا، و لن يكون بدون تكلفة. * ثانيا بالعلاقة الصادمة بين الوزارة الوصية و كتاب الضبط، و ما نتج عنها من مواجهة هؤلاء في وقفة احتجاجية لهم، بالعنف و الهراوة، و العزم على الاقتطاع من أجور المضربين في غياب قانون تنظيمي للإضراب، و قيام بعض الجهات الحقوقية بمراسلة منظمة العمل الدولية بخصوص هذا الإجراء. * ثالثا بالعلاقة المقلقة التي باتت تؤطر لغة الحوار الدائر بين نقابات القطاع و الوزارة المعنية، حيث البلاغات النارية، و التهديدات الحربية، و ردود الأفعال الغاضبة المتبادلة بين جميع الأطراف. * . و رابعا الانسحابات المعلن عنها من الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة. في ظل هذا المناخ المشحون بالأفعال و ردود الأفعال المنفلتة أحيانا، يبقى السؤال مشروعا عن مآل الحوار الجاري حول إصلاح العدالة ببلادنا ؟. إن الحقوق السياسية و المدنية ببلادنا عرفت في العقدين الأخيرين تطورات هامة و إيجابية و مؤثرة، خصوصا على مستوى التجمعات و الاجتماعات و التظاهرات و حرية الصحافة و حريات الرأي و التعبير و التعليق و غير ذلك من مظاهر التطور و الانخراط في سلك الدول الديموقراطية.. لكن بالرغم من ذلك فإننا نلمس من حين لآخر بعض الأحداث التي يجب الوقوف في وجهها، و صدها بالتالي عن أي عودة محتملة، و منها بعض التدخلات العنيفة ضد المعطلين و ضد كتاب الضبط، و منها أيضا بعض الممارسات التي تتنافى مع منطق الحقوق و الحريات، و التي رصدها التقرير البرلماني داخل سجوننا المكتظة، أو تلك التي تحدث عنها مؤخرا المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بل و نستنكر أيضا الوضع المؤلم و الكريه التي تعرفه مصحاتنا العقلية، حيث تغيب حتى الشروط الدنيا للكرامة الإنسانية.. إنها أوضاع نأمل من وزير العدل و الحريات أن يعمل بكل ما في وسعه المادي و القانوني و الإنساني على محاربتها و إقبار أسبابها المباشرة و غير المباشرة. إن إصلاح القضاء يبدأ و ينتهي بضمان استقلالية حقيقية له. و من ثمة، فنحن نرى داخل فريقنا الاتحاد الدستوري، أن استقلال القضاء ينطلق من : * خلق بيئة قضائية ملائمة و صحية، عنوانها البارز منظومة قانونية متكاملة تؤكد و تعزز استقلال القضاء. * بناء مزيد من المحاكم المختلفة، و سد الخصاص الكبير في الموارد البشرية القضائية و الإدارية. * إصلاح منظومة تكوين القضاة، و ضمان جودتها واستمراريتها. * العمل بالمعايير الدولية في توفير الشروط الضرورية لإقامة المحاكمات العادلة. * تخليق العمل القضائي و تطهير محيطه. * ضمان معاملة إنسانية للسجناء. * تحقيق المطالب المشروعة و العادلة لمختلف مكونات العدالة، لضمان سير محاكم المملكة. * توحيد الاجتهاد و الأحكام القضائية، حيث لا يخفى على أحد أن هناك أحكاما قضائية عمرت عقودا من الزمن لم تنفذ لحد الساعة، لأسباب مختلفة منها الموضوعية، و منها غير ذلك. * خلق هيئة قضائية تناط بها مهمة السهر و الإسراع بتنفيذ الأحكام القضائية. * فك الارتباط بين وزارة العدل و المجلس الأعلى للقضاء، بما يحقق فصلا حقيقيا للسلط. السيد الرئيس كنا و مازلنا نرى أن مرفق الأمانة العامة للحكومة، قطاع على قدر كبير من الأهمية، لكونه يلعب دورا في تحريك العمل الحكومي و تجويده، غير أننا – بالمقابل – نعتقد بأنه لم يخضع بعد لعملية إصلاح عميقة، تزيد آلياته فعالية، و أوراشه قوة و مردوية. و في هذا السياق، يذهب الكثيرون من داخل هذه المؤسسة التشريعية، و من خارجها، على أن الأمانة العامة للحكومة، ماتزال تشكل مقبرة لمشاريع القوانين و مقترحاتها، و كنا قد استعملنا داخل فريقنا في إحدى الولايات التشريعية السابقة، وصف " الاعتقال التشريعي " الذي يمارسه هذا القطاع و الحكومة برمتها في حق مقترحات الفرق النيابية.. لذا نأمل هذه المرة، و في ظل الثورة الدستورية التي قامت بها بلادنا، أن تتحرر مشاريع القوانين من الاعتقال، و أن يفسح المجال للمعارضة لتبادر إلى المساهمة في حركية الإنتاجية. و من الأمور التي نستغربها، هو قيام الأمانة العامة للحكومة بإنجاز مشاريع القوانين أولا باللغة الفرنسية، و كأنها تخضع لمراقبة من طرف جهة غير ما ينص عليها الدستور ، ثم بعد ذلك تقوم بترجمتها إلى اللغة العربية.. و اللغتان كما في علم الجميع تختلفان من حيث حمولتهما التاريخية و الدينية و الحضارية، فضلا عن أن الترجمة في كثير من الأحيان لا تكون موفقة، خاصة في بعض المصطلحات التقنية. إن الأمر ذو علاقة بهويتنا أولا، و بمدى قدرتنا على إنتاج نص قانوني من بنات أفكارنا.. مع الانفتاح على التجربة التشريعية لكل الدول المتقدمة، و ليس بالضرورة الفرنسية التي تصنف مقارنة مع زميلاتها من التجارب الإنسانية الأخرى، في درجة أقل جودة و كفاءة. السيد الرئيس لا أحد يمكنه اليوم أن يتحدث عن واقع إيجابي بالسجون المغربية، لأن ظواهر السلبية و النواقص و القصور تبقى السمة الغالبة على أي عمل موجه لهذه المؤسسات التي كان من المفروض أن تلعب دورها المطلوب لإصلاح السجين، و تأهيله للعودة إلى المجتمع فردا صالحا و قابلا للإدماج.. لكننا - للأسف الشديد - لم نتوفق- لحد الساعة - في طرح مقتضيات قانونية و إنسانية جديدة، تكون قادرة على الانتقال بهذه المؤسسات من وظيفة العقاب و إهدار الكرامة، إلى وظيفة الإصلاح و التربية و التكوين و التحسيس بالإنسية و المواطنة.. و هنا نتساءل: هل هناك إرادة قوية و حقيقية لمواجهة اختلالات السجون، بدءا من الاكتظاظ، و مرورا بالتغذية السيئة، و التطبيب السطحي، و المعاملة غير المتساوية بين المسجونين، و انتهاء بمختلف المعاملات المتنافية مع أبسط مفاهيم حقوق الإنسان. السيد الرئيس مازال مطلوبا من الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان و المجتمع المدني، العمل في اتجاه عقلنة العلاقة بينها و بين المؤسسة التشريعية، و ترشيدها وفق منطق فصل السلط، بحيث نلاحظ بطء التواصل بين الطرفين، و التأثير السلبي على الأداء البرلماني من خلال مصادرة بعض الأسئلة الشفهية و الكتابية بالإهمال و التجاهل و التعطيل. كما أن علاقة الوزارة بجمعيات المجتمع المدني لا ترقى بعد، إلى ما هو مطلوب من التعاون و التكامل في خدمة مصالح الناس و انتظاراتهم العديدة.. و هنا نتساءل عما هي الرؤية الاستراتيجية التي تعتمدها الوزارة الوصية في تحديد أشكال التعامل مع الجمعيات و المنظمات غير الحكومية ؟ و الشروط التي تضعها لتحديد حجم الدعم المالي و اللوجيستيكي الموجه لها ؟. السيد الرئيس كنا نأمل من قطاع الوظيفة العمومية و تحديث القطاعات، أن يبادر إلى نشر لائحة مفصلة عن الموظفين الأشباح، و أن يقترح علينا كيفية معالجة هذه الظاهرة التي باتت تشكل عائقا لبلادنا في وجه تطوير أدائه الإداري، و مردوديته الأخلاقية و الوظيفية.. لذا نطالب الحكومة كفريق الاتحاد الدستوري بوضع تصور واقعي و عملي لتفكيك عناصر هذه الظاهرة في أفق القطع معها بصورة نهائية، و فتح الباب أمام طاقات و مواهب وطنية جديدة، قادرة على العطاء و الإنتاجية، و ذلك وفق آليات شفافة، و ضمن مقتضيات الحكامة الجيدة. لكن يبدو أن ظاهرة الموظفين الأشباح، ليس وحدها عامل إخفاق لإداتنا العمومية، و إنما هناك عوامل أخرى لا تقل خطورة و سلبية، و أهمها البيروقراطية، و غياب الرجل المناسب في المكان المناسب، و سيادة لغة الرشوة في التعامل الإداري.. هذه اختلالات نرسمها بعجالة، لنقول للحكومة إن مسيرة التغيير الإداري لم تكشف بعد عن نفسها و هويتها، و أن الذي ينتظره المواطنون لم يتحقق منه غير اليسير جدا. و السلام عليكم في مداخلة محمد زردالي في إطار مناقشة الميزانيات الفرعية للقطاعات الاجتماعية برسم سنة 2013 يشرفني أن أتناول الكلمة، باسم فريق الاتحاد الدستوري، في إطار مناقشة الميزانيات الفرعية للقطاعات الاجتماعية، وفي هذا الصدد نؤكد على أن قطاع التشغيل والتكوين المهني، لم يشكل بعد، مدخلا طبيعيا لدمقرطة واقع الشغل ببلادنا.. لماذا؟ لأننا لم ننجح بعد، في وضع الحلول البديلة، والتصورات الواقعية، والإجراءات العملية، لمواجهة معضلة التشغيل، بما يفكك عناصرها المعقدة، واختلالاتها البنيوية المتعددة، بما يضمن شفافيتها وعدالتها ودمقرطتها. إن ما ينقصنا ونحن نبحث عن حركية منتجة لمنظومتنا المتعلقة بالتشغيل، هو الالتزام بالشفافية والمواطنة.. لأن عدم القطع مع منطق الزبونية و"باك صاحبي" للحصول على منصب شغل، سيرهن هذا الورش الاستراتيجي لسنوات أخرى عديدة، من الفساد والشبهات والبيروقراطية.. وهنا نتساءل: عما هي طبيعة إجراءات الوزارة المعنية القابلة للتطبيق من أجل دمقرطة هذا الورش ؟ ثم ما هي قراءاتها المهنية والمستقبلية لتحديد مكامن الخلل بمنظومة التشغيل؟ والمخارج المقترحة لتجاوزها بما يحقق الأمن الاجتماعي لأسرنا الفقيرة والمعوزة والمتوسطة؟ حيث إن كل أسرة من الأسر المغربية تقريبا، يعاني أحد أفرادها أو إثنان على الأقل، من قساوة البطالة، و جحيم الواقع المعيشي الصعب والمرتفع التكلفة. إن الأرقام التي تفيد بانخفاض نسبة البطالة خلال سنة 2012 بما يقارب 8،1 في المائة، لا تصمد أمام واقع المعطلين من مختلف الفئات العمرية، ومن مختلف الفئات المتعلمة وغير المتعلمة.. و لا أمام واقع الأسر المغربية التي يستحيل أن لا نجد لديها معطلا أو معطلين.. كما أن تخريج أكثر من 50 ألف طالب جامعي مغربي سنويا، يجعل أي حديث عن انخفاض في نسبة البطالة ببلادنا، مجرد تسويق إعلامي لا غير.. هدفه امتصاص غضب الشارع ويأسه وقنوطه من رحمة الحكومة وليس من رحمة الله. لقد أقدمت حكومتكم في الشهور الماضية الأخيرة على اتخاذ قرار بقضي بعدم التوظيف المباشر.. وهو قرار قد نصفق له بحرارة، إذا ما توفرت له كل الضمانات الموضوعية والأخلاقية.. علما أن هذا القرار تم هتك عرضه بمجرد الإعلان عنه، حيث أقدم رئيس الحكومة على توظيف 17 معطلا بصورة مباشرة، ضاربا بذلك المسطرة والقانون والقرار والاحتجاجات وموجات السخط عرض الحائط. نحن مع أي توظيف أو تشغيل يقوم على مبادئ العدالة والمساواة والمواطنة وتكافؤ الفرص.. و نحن مع التوظيف الذي يتمخض عن اجتياز المباراة .. ولكن بأية شروط؟ وكلنا يدرك ويعلم أن أغلب مباريات التشغيل غير شفافة، وتغتصب شرعيتها التلاعبات والتدخلات والزبونية و"باك صاحبي".. لذا فنحن نقترح تحديد مقاييس علمية ومواطنة لتكريس شفافية مقبولة لهذه المباريات. إن معضلة التشغيل تحتاج إلى إرادة حقيقية، وإلى جهد مضاعف، وإلى قرارات عملية وجريئة، و إلى تنزيل فعلي لمقتضيات الدستور.. لأنه من الخطأ الاعتقاد أن المدن والحواضر هي المعنية بالتشغيل، بينما الواقع هو أن العالم القروي يبقى جهة مظلومة من حيث توزيع وخلق فرص العمل.. وهنا أنتقل إلى الحديث عن قطاع التكوين المهني الذي يبدو أنه يتجاهل بالإطلاق، هذا العالم الذي يتميز بالطاقات والمواهب والإرادات الذاتية.. ويكفي أن نشير في هذا الصدد عما أصبح يعرف إعلاميا ب"مول الطيارة". إن واقع قطاع التكوين المهني مازال ضعيفا، ويحتاج إلى رؤية متقدمة يتزاوج فيها التعليم و التربية بواقع العمل.. كما أن ضعفه مرده إلى هزالة الإمكانيات المرصودة له ماديا وماليا ولوجيستيكيا، وإلى غياب برنامج واقعي لتطويره تعليميا وبيداغوجيا ومهنيا.. السيد الرئيس إن الحديث عن واقع الصحة ببلادنا يبدو صعبا إذا ما استحضرنا المواقف الجريئة التي عبر عنها السيد الوزير في كثير من المحطات.. بل إننا نتفق على أن هذا الواقع لا يبعث على الاطمئنان، و لا يدعونا إلى التفاؤل، و يلقي بالتالي على الحكومة مسؤولية كبرى، و تحديا أكبر، و نرى في فريقنا الاتحاد الدستوري أن أعمق اختلال يشهده قطاع الصحة في بلادنا، هو ما يتمثل أساسا في وجود صعوبات من أجل ضمان الحق في الصحة. إذ لا يخفى على أحد، الحالات الكثيرة التي منعت من ولوج المستشفيات العمومية، فاضطرت إلى الولادة في الشارع. وحالات المرضى الذين أرغموا على مغادرة قاعة العمليات إلى الشارع و هم عراة (حالة بمراكش مؤخرا ). وحالات المرضى الذين لحقهم الإهمال المتعمد، فأصبحوا مجرد هياكل عظمية (حالة بفاس)، أو طالهم الموت (حالة بالحسيمة). وحالات المرضى الذين تعفنت أجساهم (حالة بالدار البيضاء). صحيح أننا نثمن القرارات البناءة التي اتخذها الوزير الوصي لتخفيض أسعار الدواء، ولمنع أطباء القطاع العام من العمل في المصحات الخصوصية، إلا أننا نطالب الوزارة المعنية بقرارات أكثر استجابة لاحتياجات المواطنين وتطلعاتهم، وخاصة على صعيد الولوح إلى الخدمة العمومية في التطبيب و العلاج و الإرشاد الوقائي. السيد الرئيس إن قطاع التضامن و المرأة و الأسرة و التنمية الاجتماعية يشهد دينامية ملحوظة، و حركية ملموسة، و إن كنا نرى في فريق الاتحاد الدستوري أن القطاع في حاجة إلى جرأة قانونية و أخلاقية و عملية، لمواجهة بعض مظاهر الاختلال التي تحول دون إحرازه و تحقيقه للأهداف المنشودة، و في هذا السياق نسجل: * استمرار اتساع رقعة الفقر وسط أغلب الأسر المغربية. * غياب مفاهيم عملية واستراتيجية لإقرار سياسة للتضامن بمعانيه الإنسانية و الحضارية. * تفاقم ظاهرة العنف الموجه ضد النساء. * غياب رؤية فاعلة لمحاربة مظاهر التشرد و التسول بمختلف المدن المغربية. * استمرار التعامل الإيجابي مع الإعاقة ببلادنا، و الإصرار على حرمان أبنائنا المعاقين من الحقوق التي تضمن لهم العيش الكريم، و تحقق لهم المواكنة الكاملة. السيد الرئيس إن قطاع الشباب و الرياضة، قطاع هام و حيوي و يحظى بأهمية شعبية لا نظير لها، لكن ما نسجله هو أن شبابنا فئة تكاد تهمش على مستويات عدة، سياسية و ثقافية و إعلامية و فنية و ترفيهية.. و يكفي أن نقوم بجولة خاطفة لأحياء بعض المدن، لتقف على حجم و اتساع رقعة الفراغ و " قتل الوقت " الذي يعيشه شبابنا المتعلم و غير المتعلم.. دون أن أدعوك إلى زيارة القرى و البوادي، لتطلع على خصوصيات الشباب القروي و أوضاعه الكارثية.. الشباب القروي يعيش الجحيم بمعانيه الحقيقية و المجازية.. شبابنا عاطل.. شبابنا لا يجد مجالات لتنمية مداركه و مواهبه.. شبابنا يفتقد المنشآت الشبابية، و الملاعب، و دور الثقافة و الترفيه و التسلية.. شبابنا لا تتوفر له ظروف السفر و اكتشاف عوالم بلده التاريخية و الحضارية و السياسية و الثقافية.. شبابنا لا تتوفر له الأسفار بأسعار رخيصة.. و لا الإقامات المريحة، و لا وسائل النقل و التجول. شبابنا – في غياب هذه الشروط، و هذه الحقوق التي تقتضيها مواطنته – يجد ذاته في الانكماش و التقوقع الذاتيين.. و في المخدرات.. و في ارتكاب الجرائم. و غياب الحلول البديلة و المحفزة و الكريمة، هي التي تدفع بالشباب إلى ارتياد عوالم مجهولة من الممنوعات و المحرمات و المهالك.. فماذا تقترح الوزارة الوصية، لتحويل هذه الطاقات، إلى عوامل إنتاج تفيد البلد، و تذهب به بعيدا عن الفقر و المرض و الهشاشة الاجتماعية و الجريمة ؟ أما قطاع الرياضة ببلادنا، فإنه مازال يبحث عن هويته، و في هذا الإطار نؤكد على أن أي برنامج رياضي يسعى إلى تطوير مختلف الأنواع الرياضية الموجودة ببلادنا لا بد أن يقوم على الأسس التالية: 1 – توفير البنية التحتية للرياضة من ملاعب بجميع مرافقها و تجهيزاتها و أدواتها التقنية و الفنية و المادية. 2 – دمقرطة الجامعات، و ضمان شفافية تسييرها و تدبير أمورها، و اعتماد الحكامة الجيدة في تطويرها و تفعيل أدائها. 3 - المضي قدما في تنزيل مقتضيات الاحتراف و التنافسية بمختلف الألعاب و الأنواع الرياضية من كرة قدم و سلة و يد و طائرة و مضرب و سباحة و عدو ريفي و ألعاب قوى و زوارق شراعية و دراجات و هلم جرا. 4 – الشروع في البحث و التنقيب عن الكفاءات و المواهب الرياضية في الأزقة و الأحياء و المدارس و الجمعيات و النوادي و الاعتناء بها و رعايتها و احتضانها، و التنقيب أيضا عنها في الخارج حيث تتوفر الجاليات المغربية في العالم على إمكانيات ضخمة و مثيرة، بحكم ما تلاقيه و تحظى به من اهتمام و عناية هناك، و على مستويات عديدة. 5 – سن قوانين و تشريعات تنظم الحقل الرياضي من كل النواحي و الجوانب.. قوانين تنشئ محكمة رياضية، و أخرى تطور واقع الرياضة ببلادنا، و ثالثة لتجريم بعض الأفعال المنافية للروح الرياضية من شغب و منشطات و عنف. 6 – ربط المسؤولية بالمحاسبة، و وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، و تحديد الاختصاصات. و السلام عليكم مداخلة الخليفي قدادرة في إطار مناقشة الميزانيات الفرعية لقطاعات الداخلية و الجماعات الترابية و السكنى و سياسة المدينة برسم سنة 2013 يشرفني أن أتناول الكلمة، باسم الفريق الدستوري، في إطار مناقشة الميزانيات الفرعية لقطاعات الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة، وفي هذا الصدد نذكر وزارة الداخلية بضرورة استحضار ما جاء في الخطاب الملكي الأخير بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء المظفرة، حيث أفرد حيزا هاما لمسألة الجهوية المتقدمة، فأطرها بتوجيهات دقيقة وحكيمة، ودعا الحكومة إلى أن تسرع بمنح أقاليمنا الجنوبية الصدارة في هذا المشروع التنموي الهام، بل دعاها إلى أن تخضع هذا الإقليم الهام والعزيز علينا لمسيرات التنمية والتحديث، حتى لا يظل أبناء صحرائنا المغربية رهائن حسابات الأطراف المناورة. ومن ثمة، فإننا نرى داخل فريقنا الدستوري، أن التعجيل بوضع اللبنات الأولى لمشروع الجهوية الموسعة و المتقدمة، و انطلاقا من صحرائنا، من شأنه أن يضع بلادنا على خط مستقيم نحو مستقبل تنموي شامل، ويربك بالتالي حسابات كل الأطراف المناوئة لحقنا في بناء نموذجنا في الحكم و الاقتصاد.. علما أن منطقة الصحراء الكبرى أضحت اليوم مصدر قلق و توتر إقليميا ودوليا. إن ورش الانتخابات الجماعية يعد من أهم الأوراش التي تساهم في دعم مسيرات التنمية والتحديث ببلادنا، لذلك نرى في فريقنا أنه وجب الانكباب للقضايا المشكلة لهذا الورش، ونخص بالذكر اللوائح الانتخابية، وطريقة الاقتراع، والتقطيع الانتخابي والإداري، و انتخاب رؤساء الجماعات الترابية، وعلاقتها بالوحدات القانونية الأخرى، ومسألة الدعم المقدم للأحزاب، وغيرها من القضايا التي نرى ضرورة إعادة فتح النقاش حولها، بما يسمح بتعديلها و تغييرها، وبما يحقق نجاعتها و جودتها. ونرفض أي تسرع قد يؤسس لمرحلة تعود بالبلاد إلى الزبونية،واستعمال المال وشراء الضمائر. عموما، فإننا في فريقنا الدستوري، نسجل بعض الاختلالات التي تخترق هذا القطاع، داعيا إلى إيلاء الاهتمام بها أكثر لتجاوزها، وأهمها: * النقص الكبير الذي تعانيه جماعات عديدة، من قلة الأطر التي تناط بها مهمة المساهمة في التنمية. * إعادة النظر في التقطيع الانتخابي لبعض الجماعات التي همشت وأفقرت شريحة كبيرة من المواطنين. * الدعم غير الكافي للجماعات الفقيرة، من أجل تحفيزها على إنجاز تنمية نموذجية ومستدامة. * إعادة النظر في تعويضات أعوان السلطة، هذه الشريحة التي تلعب أدوارا كبيرة في كثير من المجالات، نرى في فريقنا أنه حان الوقت لإدماجهم في الوظيفة العمومية، وكذا التمكين من مراقبتهم ومحاسبتهم. * الحياد السلبي للسلطة في الانتخابات . * تراجع دور السلطة في استئباب الأمن والطمأنينة ،خاصة بالمدن الكبرى و هوامشها. * تعزيز البنية البشرية واللوجيستيكية للسلطة لمحاصرة انفلات أمني وخفض نسبة الجريمة بمختلف أنواعها و تحسين التأطير الأمني لحركة السير بالشوارع المكتظة بالمحركات الميكانيكية و الراجلين. * وأخيرا حماية ذوو الحقوق الجماعات السلالية، من السطو على أراضيهم من شركات خاصة مستثمرة بأثمنة بخسة. السيد الرئيس لقد بات قطاع السكنى مدخل قلق لجميع المغاربة، خصوصا بعد أن ثبت عجز الحكومات المتعاقبة عن القضاء على مدن الصفيح، واستمرار حوادث الانهيار بالمدن القديمة، مما يدفعنا جميعا إلى القول إنهلا أحديمكنه أن ينفي وجود مشاكل معقدة ومركبة للمدينة، وهي مشاكل نرى في فريقنا الدستوري أنها ناتجة بالأساس عن كون المدينة تقع وسط تجاذبات قوية لفاعلين و متدخلين كثر.. فتعدد المتدخلين يجعل من الصعب جدا أن نضع تصورا موحدا لسياسة المدينة.. بحيث نجد لمؤسسة الوالي تصورا واختصاصات وصلاحيات تختلف عن الصلاحيات المحدودة لمؤسسة المنتخب، كما تختلف عنهما السلطات الممنوحة لبعض القطاعات الحكومية كالسكنى والتعمير والعدل والنقل والتجهيز وغيرها.. في حين يغيب دور المجتمع المدني بشكل مؤثر عن المساهمة في هذه السياسة، وهو ما يساعد للأسف الشديد على إعاقة التنمية المحلية، ويزيد من مشاكل المدينة التي تبرز في صور البناء العشوائي، الانفلات الأمني، واتساع دائرة الفقر، وتنامي مؤشرات البطالة، وتعميق الهوة بين الطبقات الاجتماعية للمجتمع المحلي. من هنا نعتقد على أنه بات من الضروري خلق منظومة شراكة بين جهاز منتخب محلي وجهوي قوي ومتمتع بصلاحيات واسعة ومؤثرة، وبين جهاز حكومي فاعل ومدعم ومراقب لفعالية سياسة المدينة، فضلا عن فاعلين خواص وجمعويين قادرين على تعويض التدخل العمومي في التصدى للمعوقات التي تحول دون تطور بنية المدينة الاجتماعية والاقتصادية. والسلام عليكم مداخلة شاوي بلعسال في إطار مناقشة مشروع القانون المالي برسم سنة 2013 السيد الرئيس: أتشرف اليوم، أن أتناول الكلمة باسم فريق لإتحاد الدستوري، في إطار المناقشة العامة لمشروع القانون المالي برسم سنة 2013. وهو المشروع الأول، الذي يحسب بالكامل لهذه الحكومة، بعدما اعتبرنا قانون المالية للسنة التي نودعها مشروعا انتقاليا، إذ كانت إسهاماتها فيه جزئية. أما اليوم فنحن أمام مشروع قانون، كان من المفروض فيه أن يشكل بديلا لما تداولناه سابقا، من وصفات اقتصادية ومالية، واختيارات تنموية، وأن يعكس طبيعة المرحلة الجديدة، التي أتت في أعقاب دستور جديد للمملكة، حمل آمالا عريضة، وطموحات كبرى للشعب المغربي، لأنه جاء بآليات الخروج به من مكامن التعثر، إلى مرحلة الانطلاق والازدهار والرفاهية. وهو الدستور، الذي انبنى على أساسه التصور الجديد للدولة المغربية الحديثة، ببرلمان له اختصاصات واسعة، وحكومة مسؤولة، إلى أبعد حدود المسؤولية، مع اختصاصات كبيرة لرئيسها، وقضاء مستقل في إطار سلطة منفصلة، ومجتمع مدني له أدواره ومكانته، ووزنه، وجملة الضمانات الحقوقية، التي تعزز كرامة المواطن، وتضمن حقوقه، وتكرس المكانة اللائقة بالمرأة المغربية، كشريك كامل للرجل في بناء الوطن الجديد. إننا نستحضر كل هذا، بمناسبة مناقشة هذا المشروع الذي كنا ننتظر منه أن يعطي توجها جديدا لواقعنا الاقتصادي، والاجتماعي، عبر تقديم منظورات، وتصورات جديدة، مواكب لها بما حملته البرامج الانتخابية من وعود وأرقام. ونجد أنفسنا اليوم، أمام حكومة، يشكل فيها الحزب الأغلبي العمود الفقري، وتشاركه ثلة من الهيئات السياسية، وقد أبدينا رأينا في سائر المراحل المتتالية والمتعاقبة، وكنا واضحين في مواقفنا، مستقلين كل الاستقلالية في اتخاذها، ومستعدين لتحمل مسؤولياتنا فيما يخص نتائجها. ونحن نقول اليوم: أن الحكومة الحالية، أخطأت المرامي الأساسية، التي كان من المفروض أن تبدأ بها، وتنطلق لطمأنة الشعب المغربي، ولترجمة روح الدستور الجديد، ولوضع سكة العمل الحكومي، في اتجاه خلق تعبئة وطنية، من أجل تنزيل مضامين هذا الدستور الواعد، وهذه المقتضيات، التي تشكل الخلاص الكبير لبلادنا من كل ما علق بها من مخلفات سنوات التعثر والفساد، وإهدار الأموال العامة. نقول هذا: نحن نتحسر على ما نلاحظه، ويلاحظه الجميع من أن هذه الحكومة تشتغل، وكأن بينها وبين الدستور الجديد مسافة طويلة، لا يبدو على الإطلاق أنها تحاول تقليصها أو تقريبها، ولقد تميز الأداء الحكومي بسلوكات أثرت بشكل سلبي، على الساحة السياسية الوطنية، وعلى الانسجام الحكومي، ولا شك أنها أثرت بشكل أو بآخر على المردودية العامة للحكومة، فلقد عشنا صراعات بين الوزراء داخل الحكومة، وبين مكونات الأغلبية، وتصريحات غير مسؤولة، وتراجعات عن قرارات اتخذت على عجل، ووقفنا على حالة خطيرة من الاختلال في تقييم الوضع الاقتصادي والمالي... وأثناء كل ذلك، غابت روح التشاور والتشارك، في وضع ملامح السياسات العمومية، في العديد من القطاعات، حتى بين مكونات الأغلبية ذاتها، كما حدث في المسألة الإعلامية المرتبطة بدفاتر التحملات، وفي ظل هذه الأجواء لا يسعنا إلا أن نتساءل باستغراب شديد: * لماذا تتحاشى بعض الأطراف الحكومية المكونة للحكومة عن الظهور وأخذ المبادرات؟ إذ يتولد لدينا انطباع، وكأننا إزاء حكومتين إحداهما "مبادرة ظاهرة" وثانيهما باهتة متوارية... * لماذا بدأت ثقافة تدبير الشأن العام، ومعالجة القضايا المصيرية، تزيغ عن مبدأ المسؤولية المشتركة، والمصير المشترك، وكأن الشعار الدستوري ربط المسؤولية بالمساءلة، دفع بالبعض إلى اختيار الطرق السهلة؟ * وإلى متى نستمر في مطاردة الأشباح والساحرات والعفاريت... كمشجب تعلق عليها الإخفاقات ومظاهر التردد، والعجز في الأداء، والبطء في اتخاذ القرارات؟. السيد الرئيس: إنها أسئلة، تتناسل في وقت تتعمق فيه عوامل الأزمة، وتنذر بركود اقتصادي، وتتصاعد فيه الاحتجاجات القطاعية، وتتنامى صيحات المحتجين، من شبابنا حاملي الشواهد العليا، مطالبة بحقها في الشغل... في الوقت الذي نتطلع فيه بصبر وأناة إلى إخراج الدستور من نصيته إلى واقعه المؤسساتي والفعلي، ويتزامن كل هذا مع ما يشهده العالم من حولنا من أزمة عميقة، فلم نعد في موقع من يريد تجنب تداعياتها فقط، بل إننا أصبحنا في قلب هذه الأزمة، ويجب الإقرار بذلك. إننا نعاني اليوم، من أزمة مالية تمثل بداية، ومدخلا للأزمة الاقتصادية تعبر عنه العجوزات الثلاث: العجز التجاري المتفاقم، يبلغ زهاء 100 مليار درهم في السنة المقبلة. عجز ميزان الأداءات: 8 % عجز الميزانية: 6,1 % وبالأرقام الحقيقية زهاء 48 مليار درهم. لذلك نتساءل في فريقنا: v هل يتعاطى هذا المشروع القانون بتدابيره التي أتى بها، مع واقع الأزمة، بشكل إيجابي لتفادي انزياحات ماكرواقتصادية، ومعالجة الثغرات التي أصابت هذه التوازنات؟ v هل يشكل منعطفا جديدا بتصورات جديدة، أم أنه ينهل من نفس الاختيارات السابقة، والنماذج المألوفة، ويسقط في طغيان العادة، وبنفس الأسلوب؟ وعلى العموم، فهذا المشروع المالي لا يشكل قطيعة، ولا منعطفا جديدا، بل يندرج في منطق الاستمرارية، هذا في الوقت، الذي نجاهر فيه من موقعنا في المعارضة، أن النموذج السابق قد استوفى شرطه، وأن المعطيات الداخلية، والدولية، قد تغيرت، وظروف التعاطي مع الأزمة، ليست هي نفسها، فشريكنا لأوروبي أصبح رسميا في وضعية ركود عميق، يهدد بانهيار منطقة الأورو، ويحتاج وقتا للخروج منها في ظل تعقيدات أوضاعه السوسيواقتصادية، والإقتصاد الأمريكي يعيش استقرارا يميل نحو التراجع، والتباطؤ بدأ يدب في أوصال الاقتصاد الآسيوي، معنى هذا أن المحيط العالمي تعتريه الأزمة، كما أن الضغوط التي نعاني منها كثيرة، فمنها: الإرتفاع المتوالي في أسعار المحروقات، والمواد الأولية والأساسية. وبناء على ما سبق، وفي ظل هذه الأوضاع، لم يعد ممكنا الإستمرار في نفس السياسات، بقدر ما سيتطلب الأمر نفسا جديدا، ومنظورا آخر، قد يحتم الإقدام على تعديلات جوهرية، تتطلب جرعات كبيرة من الجرأة السياسية، فهل يرقى مشروع القانون المالي الذي نحن بصدده إلى مستوى اللحظة التي نحياها برهاناتها، وتحدياتها، وبحجم انتظاراتها، ومتطلباتها، وما هي السمات البارزة في هذا المشروع؟ أولا: منذ البداية، يمكن القول بأننا إزاء مشروع قانون مالي، حائر وملتبس في أولوياته، ما بين الرغبة في تمويل السياسة الاجتماعية للحكومة، وما بين تقليص العجز، سواء على مستوى ميزان الأداءات، أو على مستوى الميزانية، وفي ذات الوقت البحث عن مصادر تمويلية أخرى، إنه يريد أن يتموقع في كل الاتجاهات دون أن يخلص لأي منها. ثانيا: إننا أمام مشروع قانون مالي، اختار الانخراط في الحلول السهلة التي هي في المتناول، إذ يواجه أزمة مالية هيكلية ومعقدة، بواسطة إجراءات سهلة وغير مركبة، فالرهانات الاقتصادية الحقيقية متزامنة، وتمس كلا من السيولة والعجز، وضعف النمو، بينما الإجراءات المعتمدة تظل عادية، وغير هيكلية. بل إن إجراءات الإنعاش المعتمدة في هذا المشروع، تحيل بذاتها إلى أزمة جديدة، طالما أنها تخلق نفقات تكرارية قارة بمصادر تمويل مؤقتة. ثالثا: إننا بإزاء مشروع، يفتقد القدرة على إبداع حلول، من شأنها إعطاء دينامية للنمو والاستثمار، والتشغيل، لقد اتجه نحو البحث عن المداخيل، كوسائل لتخفيف الضغط على مستوى النفقات، عبر فرض بعض الجبايات الجديدة، التي منها ما سيضر بالقدرة الشرائية لفئات معينة، في حين أن المطلوب هو مواكبة الاقتصاد، بخلق شروط تفضي إلى دينامية هذا الاقتصاد، التي وحدها تأتي بالمداخيل، وليس بالزيادة في الجبايات. رابعا وأخيرا: إننا إزاء مشروع مالي ينخرط كليا، في أغلب تدابيره، في تمديد الإعفاءات الضريبية الموجودة أصلا... بعد هذه الملاحظات الأولية، نرى أن أهداف المشروع أسست على روافد ثلاثة وهي: 1. تشجيع وتقوية مواصلة الاستثمار العام والخاص. 2. تحسين تنافسية الاقتصاد الوطني، وتنويع العرض التصديري. 3. تقوية آليات التضامن الاجتماعي. هي أهداف نتقاسمها مع الحكومة، ونتفق عموما على نوعيتها، والتي تسعى إلى تحقيقها، إلا أننا في المقابل نتساءل عن مصداقية الأهداف المرقمة، والركائز التي تنبني عليها درجات التفاؤل، بخصوص هذه الأرقام لدى الحكومة في ظل ظرفية دولية صعبة، وعلى ضوء مؤشرات الاقتصاد الوطني خلال هذه السنة. طالما أن الإجراءات والتدابير المعتمدة، لن تؤدي إلى تجاوز الوضعية الراهنة، بقدر ما ستعمل على التعايش مع هذا التراجع الهيكلي في الاقتصاد الوطني... إننا باعتمادنا لمثل هذه التدابير، في غياب استراتيجية جديدة بديلة، إنما نكرس التباطؤ في النمو الاقتصادي، بنفس القدر الذي نكرس به وضعا داخليا يهيكل أزمته. قد يقول قائل، إن وضعنا شبيه بأوضاع الآخرين... والأزمة اخترقت الحدود. وهذا صحيح، إلا أننا نعتبر في فريق الإتحاد الدستوري، مع ذلك أننا نتوفر على مجالات أخرى للتدخل من شأنها تقوية عوامل النمو في منحى إيجابي. وأهم هذه المجالات كالآتي: أولا: لا بد من الذهاب بعيدا في مواجهة اقتصاد الريع الذي يقود جزءا مهما من اقتصاد الدولة، وهو اقتصاد لا يتضخم إلا مع وجود الأزمات، ويشكل في حد ذاته، نزيفا لخيارات السيولة الممكنة... وغني عن القول: مدى الترابط الموجود بين الفساد والريع... ومواجهته لن تتأتى إلا بحزمة من الإصلاحات العميقة، والحقيقية، وليس عبر تطبيع العلاقة معه، بكشفه وإصدار اللوائح تلو الأخرى، والتي قد لا تفيد في شيء. ثانيا: لا بد من مجهود كبير، لاستيعاب القطاع غير المهيكل، الذي يعادل نسبة 40 % من الاقتصاد الوطني، إنه عبارة عن آلة اقتصادية متضخمة، خارج بنية القانون المالي، مما يضيع على بلادنا فرصا لخيارات السيولة البديلة، ولذلك، فإننا في فريق الاتحاد الدستوري لا ندعو إلى محاربة الاقتصاد غير المهيكل، طالما أنه يؤطر قطاعات ومعاش فئات واسعة من المواطنين، ولكننا ندعو فقط، إلى تنظيم هذا الاقتصاد غير المنظم، وإدماجه في الدورة الاقتصادية... حتى لا يظل في وضع يربك معه السياسة الاقتصادية للدولة، لأنه في ظل وجود هذا الاقتصاد، وفي غياب معطيات سليمة، تتعذر علينا القراءة الصحيحة للواقع الاقتصادي والاجتماعي، ويصعب معه أيضا وضع خطط مناسبة تلائم الحاجيات، وتمهد لإقلاع اقتصادي منشود. ثالثا: لا بد من الابتعاد عن الاستثمار في الواردات، والاتجاه إلى الاستثمار في النمو، ذي العلاقة بالاستهلاك الوطني الذي يثمر فرص العمل، فالأزمة الآنية تستدعي خيارات ذات مردود آني كفيل بضمان التوازن، أو على الأقل بالحيلولة دون تجدر الأزمة. لقد تم استنفاذ الهوامش المالية في الأوراش الكبرى، والآن نحن بحاجة إلى اللوجوء إلى أنشطة ذات مردود عال، خاصة في ميدان الصناعات، والمجالات ذات القيمة التصديرية. رابعا: لا بد من استرجاع النفقات الجبائية التي تصل زهاء 58 مليار درهم، عبر تحليل الجدوى من وجود أعشاش ضريبية، ودخول مرتفعة خارج الإطار الضريبي... وكان يتعين على الحكومة استهداف هؤلاء الذين يراكمون الثروة بدل استهداف بعض الأجراء الذين يمثلون شريحة متوسطة في المجتمع، وبعض المقاولات الشفافة والمهيكلة، بدعوى التوزيع العادل لثمار النمو. خامسا:لا بد من مواصلة الإصلاحات الهيكلية الضرورية، ومن بينها إصلاح الهندسة الترابية، وبنية الدولة المغربية وتنظيمها جهويا، الأمر الذي يمكن أن يفتح آفاقا رحبة في المجالات الاقتصادية، وفي النجاعة في تدبير المالية العمومية، وتنفيذ السياسات الحكومية، ومن بينها كذلك القانون التنظيمي للمالية، انسجاما وروح الدستور الجديد، من أجل وضع أسس علاقة أكثر توازنا بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، في أفق تمكين البرلمان، من سلطة حقيقية في مراقبة المال العام. سادسا وأخيرا: قد تفتح العلاقات المغربية الخليجية، آفاقا بديلة لمستوى التدبير الاقتصادي السابق، باندماج المغرب في شروط العولمة الأنجلوفونية، لارتباط هذا الاقتصاد ببريطانيا والولاياتالمتحدةالأمريكية، وجعل بلادنا قاعدة متقدمة لمجلس التعاون الخليجي للاستثمار في إفريقيا. وقد جاءت الخطوات الملكية في هذا الإتجاه، لتؤكد أن البلاد تتحرك بكل مؤسساتها من أجل هذا الهدف، الذي يعد بالنسبة إلينا هدفا استراتيجيا في ظرفية اقتصادية دولية دقيقة، وكان من ثمار هذا التحرك أن تحسن التصنيف الائتماني للمغرب، من طرف مؤسسة فيتش رايتينغ مما يفرض على الحكومة أن تظهر قدرة على خلق مناخ يشجع على الاستثمار الداخلي والخارجي، وأن تعمل على الارتقاء في التصنيف المرتبط بمناخ الاستثمار، بعد أن وقع التراجع في التصنيف الأخير. خارج هذا المنظور، وهذه العناصر التي أتيت على ذكرها، لا نرى في فريق الاتحاد الدستوري، مؤشرات حقيقية، في مشروع القانون المالي المعروض على أنظارنا للخروج من دوامة الأزمة، بل إننا نعتبر أن تداعيات السنة المقبلة، ستكون أقوى على توازناتنا المالية، والحل الذي يقدمه المشروع هو المزيد من الديون، والارتهان إلى السوق المالي الخارجي لاستدانة مليار دولار قصد التخفيف من اختناق السيولة والاحتفاظ بما تبقى من الموجودات الخارجية. وللحد المخاوف بشأن الوضعية الاقتصادية للمغرب، لا بد من الانطلاق والانكباب على الإصلاحات الكبرى والتي من بينها: أولا صندوق المقاصة: فبعد أن كان هذا الصندوق ورقة انتخابية، وسياسية، أصبح التعامل معه اليوم يتسم بنوع من الواقعية والنضج... إذ ليس من المعقول أن يتم عكس الأسعار الدولية الحقيقية، دون أن يتم إعداد الشروط المناسبة لذلك، كما أن لهذا الصندوق أبعاد اقتصادية واجتماعية وأمنية... ولذلك لا بد من معالجة هذا الموضوع، انطلاقا من منظور شمولي، يأخذ بعين الاعتبار أن كل المتغيرات، وكل المعطيات مما يجنبنا جر فئات متوسطة إلى الهشاشة، وفي ذات الوقت الحفاظ على مقوماتنا الاستثمارية في حدود معقولة... وعموما، فإن موضوع صندوق المقاصة، يتطلب حوارا وطنيا هادئا، يجعلنا نتجاوز وضعية انفجار الأسعار في حالة خيار التحرير، أو انفجار الميزانية، في حالة الإبقاء عليه كما هو عليه الآن. ثانيا: إصلاح منظومة الأجور. ثالثا: إصلاح المنظومة الضريبية. رابعا: إصلاح صناديق التقاعد. خامسا: فتح ورش الجهوية الموسعة. سادسا: التنزيل الفعلي والديمقراطي، لمضامين الدستور وللقوانين التنظيمية. وهي إصلاحات مؤجلة على صعيد هذا المشروع، وإن كانت الأدبيات المرافقة للمشروع، تشير إلى بداية التفكير الجدي لاقتحام هذه الإصلاحات التي أتينا على ذكرها... السيد الرئيس: لقد تضمن مشروع القانون المالي، عدة تدابير وإجراءات، وهي تدابير مست جوانب مالية واقتصادية، وأخرى ذات توجهات اجتماعية. فعلى المستوى المالي والاقتصادي، نعترف من باب الفضيلة السياسية، أن هناك مجهودا قد بذل في اتجاه تخفيف العبء الضريبي على المقاولات الصغيرة والمتوسطة، وفي مجال تسوية متأخرات الزيادات والغرامات، المتعلقة بالرسوم الضريبية، في إطار تصفية الأجواء بين الملزم والإدارة الضريبية، وإن كان الهاجس المتحكم، هو المزيد من استخلاص الضرائب للحاجة الملحة إلى ذلك، ونسجل كذلك، بعض الخطوات المحتشمة في اتجاه القطاع غير المنظم. إلا أنه، ومع ذلك نلاحظ بشكل عام، أن هناك توجها طاغيا إلى الرفع من الضغط الضريبي، لتمويل الميزانية، وهذا توجه ستكون له انعكاسات سلبية، على القدرة الشرائية للمواطنين، وعلى تنافسية المقاولة الوطنية. وفي إطار مواكبة السياسات القطاعية، نجد اهتماما كبيرا قد أولاه المشروع للقطاع الفلاحي، من خلال التدابير الجمركية الجديدة، الرامية إلى تعزيز تنافسية المنتجات الفلاحية، وخاصة تلك الموجهة إلى التصدير، وهي إجراءات مهمة في إطار سعي بلادنا إلى الاستفادة من اتفاقية تحرير التبادل الفلاحي، مع الشريك الأوروبي. غير أننا ندعو في فريق الاتحاد الدستوري، إلى تقييم المخطط الأخضر، على ضوء نتائجه وعوائقه، وحتى لا يظل هذا المخطط، ينسب إلى نفسه مجهودات الفلاحين والمنتجين، بينما يعاني هو من مشكلات التمويل، وعوائق ثقافية تحول دون مبدأ التجمع كمحور أساسي، استند عليه هذا المخطط. كما نلاحظ أن المشروع لم يقدم تحفيزات حقيقية لقطاع الصناعة كقطاع واعد نعول عليه، بالنظر إلى قيمته المضافة وعلى العكس من ذلك استمر في تحفيزاته الجبائية للقطاعات المعروفة باستفادتها من هذه النفقات الجبائية، في حين أن المطلوب هو تمنيع سياحتنا من الهزات الطارئة، وفي ذات الوقت نثمن الثروات البحرية، والنهوض بالقطاعات الأخرى المنتجة. أما على المستوى الاجتماعي، فقد جاء مشروع القانون بتدابير جبائية لمحاربة الهشاشة، ومواجهة الفقر، فيما أسماه بالبعد التضامني في الميزانية، وإذا كنا لا نجادل في مبدأ التضامن، لأنه بهذا المبدأ يحيا الشعب المغربي بكل مكوناته، فالمواطن المغربي متضامن يوميا مع أهله، وعشيرته في الشارع، وفي العمل، وفي كل المناسبات... وهو ما يفسر صمود وتكتل، وتكافل مكوناته إلى يومنا هذا... وقد استثمر ذلك جلالة الملك محمد السادس نصره الله، باقتدار عندما أسس مؤسسة ممد الخامس للتضامن، وجعل التطوع اختيارا جوهريا في إنجاح سياسة التضامن. إلا أننا اليوم، مع مقاربة جديدة، مقاربة تروم خلق ثقافة استرزاقية، تواكلية، انتظارية، باستهداف عوامل التنمية الحقيقية... علما أن هذه الثقافة الاسترزاقية، تتناقض ومبدأ الكرامة التي ينص عليها الدستور المغربي، إذ الكرامة المنشودة لا تتحقق إلا بخلق شروط التنمية والتوسع فيها، وخلق الثروات الضرورية لتعود عائداتها على الجميع... وليس على حساب هذه التنمية ذاتها. إن الحلول الاجتماعية، ينبغي تلمسها في الحلول الاقتصادية، وليس العكس، كما ينبغي تلمسها في المنظومة التعليمية التي لا زالت تعاني من غياب التواصل بين وزير وآخر جديد، فكل وزير يأتي يعطينا انطباعا، بأنه يبدأ من الصفر، فلا تواصل بين البرامج، والاستراتيجيات... ولا تراكم إيجابي، إننا دائما إزاء فواصل، وفراغات، فكل وزير يعتبر نفسه مصلحا، والنتيجة أصبح حقلنا التعليمي، حقل تجارب منقوصة برامج مبتورة ومتعثرة... ينبغي تلمس الحلول الاجتماعية أيضا بإعادة الاعتبار إلى التعليم الجامعي، والرفع من جودة تكويناته وإسهاماته العلمية، من أجل النهوض بأوضاعنا الاقتصادية والاجتماعية والمعرفية، والتكنولوجية، فالمعارف اليوم، أضحت بديلا لدى الشعوب المتقدمة، عن الموارد الطبيعية، وأداة حقيقية للتنمية والرقي. كذلك، ينبغي تلمس الحلول الاجتماعية بالنهوض بالقطاع الصحي، وجعل الدواء والولوج إلى الخدمات الصحية في متناول كافة المواطنين... وهو ما لا يتأتى في غياب خريطة صحية منصفة، ونظام متعثر للتغطية الصحية، وضعف البنيات الاستشفاية... ينبغي تلمس الحلول أكثر في سياسة قادرة على إنتاج مناصب الشغل في إطار تنمية قارة ومستدامة، وإعادة النظر في منظومة التشغيل الذاتي، بابتكار حلول أخرى جديدة، مثل وضع بنك خاص بتمويل الشباب الراغب في اقتحام عالم المقاولة لمصاحبته في ذلك، بذل ما نعايشه من تظلمات لهؤلاء الشباب... إزاء سلوكات الأبناك التي غالبا ما تسطو على مجهوداتهم كما حدث مع الجمعية الوطنية لوكلاء إفلوسي للتنمية والتعاون. السيد الرئيس: إن الحكامة المنشودة لن تتحقق، إلا في ظل وجود إدارة فاعلة منتجة، بوصفها آلة للتنمية، وصلة وصل تجسد القرب من المواطنين، وقضاء نزيه مستقل، في إطار سلطة قائمة بذاتها، تضمن الاستقرار في المعاملات والأمن العام، ومقاربة مندمجة متمثلة في الجهوية الموسعة والتنمية المحلية، وهو ما لا يتأتى إلا في ظل أجواء تسود فيها روح الوفاق، والحوار مع مختلف الشركاء والأطراف، وتغلب عليها ثقافة التشارك ونبذ الإقصاء، وتتميز بالوضوح وتهييء أجندة، وبرنامج متدرج لكافة الخطوات الإصلاحية المنتظرة... وللأسف فإننا عكس ذلك، نعاين أسلوب توتير الأجواء، في العديد من القطاعات، وغياب البعد التشاركي، وغياب أجندة واضحة المعالم، لترتيب الفعل السياسي... فحتى تحديد موعد الانتخابات الذي كان لغزا في الماضي... لا زال كذلك، في سياق تضارب التصريحات... وغياب منظور يستحضر كل المتغيرات، ويتفاعل إيجابا مع المستجدات الدستورية، ومع الاستحقاقات الكبرى التي تتهيأ بلادنا للانخراط فيها. السيد الرئيس... إذا كان القانون المالي يحتضن اختيارات الحكومة لتجسيد سياستها، ويفعل برنامجها الذي على أساسه نالت ثقة البرلمان، فإن المشروع الحالي فضلا عن أنه يقطع مع البرامج الانتخابية، ومع التوجهات الكبرى للتصريح الحكومي، فإنه وبالصيغة التي أتى بها نراه مشروعا ملتبسا، لن يخرج بلادنا من حالة الضعف التي تعاني منها، لأن الإجراءات المتضمنة فيه، لا تغير من واقع السمات الجوهرية للبلاد، والتي تتجلى في: - الإنتاجية الضعيفة. - ثقل النظام الجبائي. - والكلفة المطردة لميزانية التسيير التي تناهز مائتي مليار درهم. فلا بد إذن، من القطع مع بنية الإنتاج والاستهلاك الحالية، وتجاوز عقلية الريع، والإسراع لمباشرة الإصلاحات الهيكلية، وتكريس ثقافة الإنجاز والتتبع والتقديم كشرط لربح رهانات التنمية، وهي التوجهات، التي حاولنا في فريقنا أن نبث بعضا منها من خلال التعديلات التي تقدمنا بها وقد توخينا منها ما يلي: 1. تجاوز السيرورات البيروقراطية وتطبيع العلاقة بين الملزم وإدارة كل من الجمارك والضريبة. 2. حذف الضريبة على الشركات المفروضة على التعاونيات باعتبارها متعارضة مع القانون المحدث، والمنظم لهذه التعاونيات، لكونها تنتمي إلى منظومة الاقتصاد الاجتماعي. 3. تثمين الالتفاتة نحو جاليتنا في المهجر وإدراج الطلبة المغاربة ضمن المستفيدين من ذلك. 4. رفع عتبة الاستفادة، من التخفيض الضريبي على الشركات لأجل الاستجابة لانتظارات عدد كبير من الفاعلين الاقتصاديين مع ما يلي ذلك من تشجيع على تبني الشفافية والانخراط في الاقتصاد المنظم. 5. محاربة الريع الناتج عن استغلال قرارات إدارية، ومحاربة استغلال مواقع النفوذ، والامتياز، ووضعية الاحتكار وكل الممارسات المخالفة لمبادئ المنافسة الحرة. 6. العناية بالسكن الموجه إلى الشرائح الوسطى، بتوسيع قاعدة المنعشين العقاريين وتحفيزهم للمساهمة في هذا الصنف من السكن. 7. تجنيب الأجراء، تداعيات الضغط الضريبي وتشجيع المقاولات الصغرى والمتوسطة على تشغيل الأطر الكبرى. 8. العناية بتنافسية القطاع الصناعي الوطني. 9. تمكين الجهات من موارد مالية للاضطلاع بأدوارها التنموية. 10. إقرار آلية للتعويض عن تكلفة الإعاقة الحادة والعميقة بالنسبة للأسر الضعيفة والمتوسطة. 11. إحداث حساب مرصد مأمور خصوصية يسمى "صندوق تنمية التكوينية أثناء العمل". السيد الرئيس: لقد اخلفت الحكومة وعدها مع هذا المشروع، وجاءت بتدابير لهيكلة الأزمة والتي تدل كل المؤشرات على أنها ستطول...بل إن ما ننتظره سيكون أكثر وقعا على توازناتنا المالية. إننا إزاء مشروع يكرس التراجع والركود، ويغيب التقائية البرامج والأهداف، في حين أن حجم الانتظارات تزداد اتساعا. ولذلك ما أحوجنا اليوم الى سياسة واقعية، تتسم بالفعالية والنجاعة، وسرعة الفعل لدى الحكومة، بدل ما نلمسه ونعاينه يوميا من ضياع الجهد، وإهدار الوقت، في الحروب الصغيرة، بين مكوناتها. ما أحوجنا اليوم إلى استلهام روح الدستور الذي هو ثمرة لمشاركة الجميع، وصياغة مغربية صرفة، شكلت إجابة واضحة وذكية في تعاطيها مع الأحداث ومع ما يسمى بالربيع العربي، وعلى الحكومة أن تجسد هذا الذكاء المغربي للخروج من نفق الأزمة ووضع قطار التنمية على سكة الإقلاع. وتحية إجلال وتقدير لقواتنا المسلحة المرابطة في صحرائنا الحبيبة تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى شكرا السيد الرئيس