أفاد التقرير الاستراتيجي للمعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية لسنة 2016 بأن خريطة علاقات التعاون والشراكة التي بلورتها المملكة جعلتها اليوم في قلب الرهانات الدولية الكبرى. وأضاف التقرير ، الذي قدمه مدير المعهد محمد توفيق ملين خلال لقاء نظم اليوم الخميس بالرباط، أنه إذا كان اختيار السياسة الخارجية للمغرب يتميز بوجاهته فإنه يتعين على المملكة ، مع ذلك ، العمل باستمرار على إعادة ملاءمة آليات تفعيل سياستها الخارجية مع التحولات المتسارعة على الصعيدين الاقليمي والدولي وذلك لمواكبة تغيرات عالم الغد. وأبرز التقرير الذي صيغ تحت عنوان "بانوراما المغرب في العالم .. العلاقات الدولية للمملكة" أنه يتعين ، في ما يتعلق بالعلاقات الدولية ، تدعيم الشراكة التي أرساها المغرب والعمل على تنويعها لملاءمة خريطة تحالفات المملكة مع الواقع الجيوسياسي العالمي، وتوسيع مجال التعاون الثنائي ليشمل فضاءات جغرافية ذات الاهتمام المشترك وإدراج العلاقات مع الدول الشريكة في إطار عالم تطغى عليه العولمة أخذا بعين الاعتبار تحديات التنافسية والتنمية المستدامة والامن والهجرة. كما دعا الى جعل التعاون جنوب- جنوب محددا لانتشار السياسة الخارجية للمملكة وإلى تفضيل مقاربات التعاون الثلاثي التي تجمع المغرب والدول الشريكية ، من جهة ، وإفريقيا واوروبا ، من جهة أخرى . كما شدد التقرير ، الذي يعد الثاني بعد التقرير الذي أصدره المعهد سنة 2015 ، على ضرورة إعادة كتابة التاريخ المشترك مع دول الجوار وبصفة خاصة إسبانيا فضلا عن استباق التوترات المحتملة عبر وضع آليات دائمة للتشاور والتنسيق، إلى جانب النهوض بالتعاون بين الفاعلين الاقتصادين لتوسيع مجال الفوائد الاقتصادية . وبخصوص فضاءات الانتماء، دعا التقرير إلى مواصلة لعب دور مهم في مجال الوساطة السياسية وفي مسلسل السلام والامن في العالم العربي ، والحفاظ على موقع الريادة بإفريقيا الغربية لتعزيز تموقع المملكة في الاجندة الاستراتيجية للقوى الكبرى، وتوسيع التعاون ليشمل فضلا عن الدول الناطقة بالفرنسية والعربية، الدول الناطقة بالانجليزية والبرتغالية ، وجعل من إفريقيا الوسطى والشرقية اولوية بالنسبة للسياسة الخارجية للمغرب. كما دعا التقرير الى إرساء رؤية للشراكة الاورو متوسطية يتعين إدراجها في إطار مشروع حضاري يدمج الاوجه الحضارية والثقافية والمؤسساتية . وشدد التقرير على ضرورة جعل جنوب الاطلسي فضاء للتعاون المشترك وذلك عبر خلق أرضية للحوار والتشاور تضم دول افريقيا وامريكا الجنوبية المطلة على الاطلسي ، وتحسين موقع المغرب في أمريكاالجنوبية من خلال جعل العلاقات الممتازة القائمة بين المغرب والدول الرائدة بهذه القارة مفتاحا لدخول المجموعات الاقتصادية الاقليمية لامريكا الجنوبية، مشيرا إلى أنه يتعين ايضا إرساء شراكة اقتصادية دينامية ومستدامة مع آسيا . وفي المجال الديبلوماسي ، حدد التقرير الأبعاد التي يتعين الاشتغال عليها وحصرها في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والامنية والبيئية ، إلى جانب الدبلوماسية الموازية والدبلوماسية الثقافية ، داعيا في هذا الاطار إلى الاهتمام بالتواصل من خلال الاعتماد على استراتيجية تواصلية فعالة تشتغل على صورة المغرب والتي يجب أن تكون متنوعة حسب القارات للتعريف بالمنجزات التي حققتها المملكة في جميع المجالات مع محاربة الصور النمطية والاحكام المسبقة السلبية . يشار الى ان هذا التقرير خصص لدراسة العلاقات الدولية للمغرب استنادا على التوجيهات المتضمنة في الرسالة الملكية بتاريخ 30 غشت 2013 والتي حثت المعهد على تركيز جهوده في مجال العلاقات الخارجية للمغرب والدبلوماسية على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والبيئي. وقد أبرز التقرير أسس السياسة الخارجية للمغرب انطلاقا من الرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس .كما تطرق إلى علاقات المغرب مع بلدان الجوار وخصص ثلاث محاور لفضاءات الانتماء الثقافي للمملكة المتمثلة في العالم العربي والاسلامي وإفريقيا والحوض الاورومتوسطي وعلاقات المغرب مع كل من قارة أمريكا وآسيا.