أكد التقرير الاستراتيجي 2016 للمعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية أن التموقع الاستراتيجي للمغرب في افريقيا أملته بالتحديد اعتبارات تنمية القارة. وأوضح تقرير المعهد، الذي يحمل عنوان "بانوراما المغرب في العالم، العلاقات الدولية للمملكة"، وقدم أمس الخميس بالرباط، أن اعتبارات تنمية القارة الافريقية تترجم الارادة الراسخة للمملكة في مواكبة مسلسل التقارب الاقتصادي والاجتماعي والمؤسساتي لشركائها الأفارقة.
وأبرز أن رهانات العلاقات التي تربط بين المغرب وإفريقيا تكتسي العديد من الأوجه، من ضمنها الجانب السياسي المتعلق بالخصوص بالدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة وتطوير شبكتها الديبلوماسية.
وفي المجال الأمني، تهم هذه الرهانات، حسب المصدر ذاته، مكافحة التهديدات العابرة للأوطان (الإرهاب والقرصنة البحرية والاتجار في السلاح...) وتعزيز قدرات دول الساحل في مواجهة المخاطر التي تتسبب فيها الحركات الانفصالية.
وفي المجال الاقتصادي، تشمل الرهانات تطوير وتأمين الاستثمارات المغربية في افريقيا وكذا أجرأة تموقع المغرب كمركز إقليمي في المجال الاقتصادي والمالي وفي مجال النقل والتربية والبحث العلمي.
وفي الشق الثقافي والإنساني، تتعلق هذه الرهانات بتثمين الإرث الثقافي المشترك، ونقل المعرفة والخبرة في مجال تنفيذ مشاريع التنمية البشرية، وكذا تعزيز أعمال "الديبلوماسية الروحية" في افريقيا.
وتقتضي مختلف هذه الرهانات التوطيد المتواصل لعلاقات المغرب مع القارة والتي ظلت ترتكز تقليديا، على محور غرب إفريقيا، وفقا لتقرير المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية.
وبخصوص هذا المحور، أبرز التقرير أن على المغرب تكثيف تعاونه الأمني لإحتواء انتشار التهديد الإرهابي والإجرامي بهذه المنطقة الافريقية وإدراجها ضمن إطار استجابة مشتركة.
واقترح التقرير أن يشرك المغرب الفاعلين غير الحكوميين في إرساء تعاون مستدام بالجزء الجنوبي من الأطلسي، وأيضا توسيع تعاونه مع دول غرب افريقيا ليشمل دول جنوب إفريقيا المحاذية للأطلسي، داعيا إلى تعزيز ريادة المغرب في غرب افريقيا لترسيخ تموقع المملكة ضمن الأجندة الاستراتيجية للقوى الكبرى.
وبشأن محور جنوب وشرق إفريقيا، أوصى المعهد الملكي بجعل المنطقتين إحدى أولويات السياسة الخارجية المغربية، لاعتبارات مرتبطة بالدفاع عن القضية الوطنية والحاجة الى تعبئة امكانات التعاون الاقتصادي، معتبرا أن مقاربة جديدة للتعاون، متكيفة مع خصوصيات جنوب وشرق افريقيا،"أضحت لا مناص منها".
ووفقا للتقرير، فإن هذه المقاربة يجب أن تستهدف الشركاء الذين يمثلون "مفاتيح ولوج" هذه المنطقة، وتوسيع مجال المصالح الاقتصادية وإدراج التعاون ضمن إطار متعدد الأطراف.
ومن ضمن رافعات تعزيز علاقات المغرب مع جنوب وشرق القارة الافريقية، أورد التقرير ضرورة توفر المملكة على سياسة تواصل ملائمة بشأن هذه المنطقة، من أجل "سد العجز الحاصل في المعلومات المتعلقة بالمغرب وتمرير خطاب هادىء باتجاه هاتين المنطقتين، الى جانب تعبئة فاعلي المجتمع المدني لتعزيز التفاهم".
كما ركز التقرير على توطيد التعاون العلمي والتقني، من خلال تشجيع التعاون بين الجامعات المغربية ونظيرتها بدول جنوب وشرق إفريقيا عبر برنامج حركة انتقالية للطلبة والعاملين في مجال البحث لدى الجانبين وكذا إنشاء صندوق مخصص للتعاون التقني تتم تعبئة موارده جزئيا من خلال آليات إقليمية و/أو دولية.
ووفقا للتقرير ،فإن تعزيز علاقات المغرب مع القارة الافريقية يقوم على العديد من الرافعات تشمل بالخصوص، توفير الشروط من أجل تطوير مستدام لعلاقات المملكة مع إفريقيا، وتجديد وتقوية آليات الترويج الاقتصادي للمغرب في القارة وجعله مركزا إقليميا في مجالات المالية والنقل والتكوين الجامعي والمهني.
وبهذا الخصوص، فإن مختلف الزيارات التي قام بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس لدول القارة الافريقية، بما في ذلك الجولة الملكية الحالية لشرق افريقيا، مكنت من إطلاق دينامية جديدة في علاقات المغرب مع الدول الافريقية وتعزيز بشكل أكبر للتموقع الاستراتيجي للمملكة سواء على مستوى القارة أو على الصعيد العالمي.