رئيس النيابة العامة يتباحث مع رئيس ديوان المظالم بالمملكة العربية السعودية    إسرائيل تدعو لتسهيل مغادرة سكان غزة وحماس تطالب بقمة عربية عاجلة    لقجع: المركب الرياضي محمد الخامس بالدار البيضاء سيفتتح أبوابه في حلة جديدة تليق بتاريخ هذه المعلمة الكروية    التهراوي يكشف الخطة المعتمدة للحد من انتشار "بوحمرون"    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الارتفاع    مجلس الحكومة يصادق على تعيينات جديدة في مناصب عليا    العيون تحتضن المؤتمر العربي الأول حول السياسات العمومية والحكامة الترابية    بايتاس يكشف الإجراءات التي اتخذتها وزارة الصحة بشأن لقاح التهاب السحايا    خبراء إسرائيليون يزورون المغرب للإشراف على وحدة تصنيع طائرات بدون طيار    تقرير يدق ناقوس الخطر إزاء الوضعية الحرجة للأمن المائي والغذائي والطاقي بالمغرب ويدعو لتوحيد الجهود    مقاولات: مناخ الأعمال "غير ملائم"    المخدرات توقف شخصين في طنجة    الأرصاد الجوية تكشف استقرار الأجواء وتترقب تساقطات محدودة بالشمال    ارتفاع طفيف لأسعار الذهب وسط استمرار المخاوف من حرب تجارية بين الصين والولايات المتحدة    تخفيضات تصل إلى 5%.. تفاصيل امتيازات "جواز الشباب" في السكن    مجلس المستشارين يعقد جلسة عامة لمناقشة عرض السيدة الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات    شركة الطيران تطلق خطين جويين جديدين نحو المغرب الاقتصاد والمال    عرض الفيلم المغربي "طاكسي بيض 2" في لييج    ريال مدريد يحجز بطاقته لنصف نهاية كأس ملك إسبانيا على حساب ليغانيس (ملخص)    نقابي بالناظور يتوعد حزب أخنوش بالهزيمة في الانتخابات: العمال سيحاسبون الحكومة في صناديق الاقتراع    نورا فتحي بخطى ثابتة نحو العالمية    وزير الداخلية الإسباني يكشف مستجدات فتح الجمارك في سبتة ومليلية    إنتاجات جديدة تهتم بالموروث الثقافي المغربي.. القناة الأولى تقدم برمجة استثنائية في رمضان (صور)    اخشيشين يؤكد دور الدبلوماسية البرلمانية في توطيد التعاون بين الدول الإفريقية المنتمية للفضاء الأطلسي    افتتاح معرض اليوتيس 2025 بأكادير    رونالدو يطفئ شمعته الأربعين..ماذا عن فكرة الاعتزال؟    إشاعة إلغاء عيد الأضحى تخفض أسعار الأغنام    بدر هاي يخرج عن صمته ويكشف تفاصيل اعتقاله    السلطات تمنع جماهير اتحاد طنجة من التنقل إلى القنيطرة لدواعٍ أمنية    البرازيلي مارسيلو يعتزل كرة القدم بعد مسار حافل    "جواز الشباب" يخدم شراء السكن    عجلة الدوري الاحترافي تعود للدوران بمواجهات قوية لا تقبل القسمة على اثنين    برامج رمضان على "الأولى": عرض استثنائي وإنتاجات درامية وكوميدية بحلة جديدة    6 أفلام مغربية تستفيد من دعم قطري    مرصد أوروبي يكشف أن "يناير" الماضي الأعلى حرارة على الإطلاق    بعد عام من القضايا المتبادلة.. شيرين عبد الوهاب تنتصر على روتانا    مصدر خاص ل"الأول": "طاقم تونسي لمساعدة الشابي في تدريب الرجاء"    تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    مواجهات عنيفة بين الجيش الجزائري وعصابة البوليساريو بتندوف (فيديو)    تفاصيل المصادقة على اتفاقية لتهيئة حديقة عين السبع    المغرب يعزز قدراته الدفاعية بتسلم طائرات "بيرقدار أكينجي" التركية المتطورة    الاتحاد الأوروبي: "غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية المستقبلية"    كيوسك الخميس | إسبانيا تمنح تصاريح إقامة لأزيد من 11.500 عاملة مغربية    المغرب يحقق رقماً قياسياً في توافد السياح خلال يناير 2025    فيديو: توافد المئات من المعتمرين والحجاج على معهد باستور بالدار البيضاء للتلقيح ضد التهاب السحايا    شرطة ألمانيا تتجنب "هجوم طعن"    "قناة بنما" تكذب الخارجية الأمريكية    القوات الإسرائيلية تخرب 226 موقعا أثريا في قطاع غزة    وزير الدفاع الإسرائيلي يأمر بالتخطيط ل"هجرة طوعية" من غزة بعد مقترح ترامب للسيطرة على القطاع    أستاذ مغربي في مجال الذكاء الاصطناعي يتويج بجامعة نيويورك    7 أطعمة غنية بالعناصر الغذائية للحصول على قلب صحي    أجراس الحداثة البعدية في مواجهة منابر الحداثة    الرباط.. العرض ما قبل الأول لفيلم "الوصايا" لسناء عكرود    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



برافو مزوار.. الاستقالة أخلاق
نشر في الأحداث المغربية يوم 13 - 10 - 2016

في بعض المواقف على الرجال أن يكونوا حاسمين، وصلاح الدين مزوار رئيس التجمع الوطني للأحرار واحد من هؤلاء الذين يتخذون الموقف الضروري في الحالة الاضطرارية، وحتى إن اختلفنا مع الرجل في تقديراته وخياراته السياسية، لا يمكن إلا نحيي فيه روح المسؤولية وأخلاق السياسة التي صارت عملة نادرة في زمننا هذا.
قبل اقتراع سابع أكتوبر صرح الرجل بثقة بأن حزبه يرشح «السبوعة» لهذه الانتخابات، وبثقة أخرى قال إنه مستعد لرئاسة الحكومة، لكن صناديق الاقتراع كان لها رأي آخر، لم يتجاوز التجمعيون عتبة السبعة والثلاثين مقعدا، وفقدوا بذلك سبعة عشر مقعدا دفعة واحدة مقارنة باقتراع نونبر 2011.
ماذا كان عليه أن يقول لزملائه في اجتماع المكتب التنفيدي الأحد الماضي؟ كان لديه أكثر من مبرر وتفسير، سيقول إن البنية السياسية الناخبة محافظة، وقد يفعل مثل آخرين ويسرد لائحة الخروقات والطعون الانتخابية، وقد يقول إن «التراكتور» حصد طموحاته وأحلامه، لكن قال ما هو منطقي وأخلاقي حين أعلن أنه يتحمل مسؤولية النتائج التي حققها الحزب، ولأنه لم يكن قائدا انتخابيا ناجحا، فالاستقالة فعل الكبار في مثل هذه الحالات والظروف.
وعلى الأقل فإن مزوار بموقفه هذا، كان أفضل من إدريس لشكر الذي جعل الاتحاد الاشتراكي أكبر المساهمين في سوق الخسارة الانتخابية بناقص 19 مقعدا مقارنة بنونبر 2011، لكن لشكر الذي صرح قبل سابع أكتوبر، بأن حزبه سيحتل الرتبة الأولى وبفارق مريح، ولشكر الذي تحدى ابن كيران بأن ينازله في انتخابات سابقة لأوانها في 2015 وها هو يتلقى هزيمة مدوية في 2016، لم يستقل ولم يلتزم الصمت، اختار الصعود إلى الجبل ويبعث مذكرة إلي الديوان الملكي تشتكي من هذه الثنائية المصطنعة.
ومزوار أفضل أيضا من حميد شباط في موقف الاستقالة هذا، قبل اقتراع رابع شتنبر الجماعي والجهوي، قال إنه إما أن يحتل الرتبة الأولى أو يستقيل من الحزب، لكنه خسر فاس ولم يربح الانتخابات ومع ذلك تمسك بمنصبه كأمين عام، الفوز بالأغلبية في مجلس المستشارين عبر الناخبين الكبار كان بالنسبة إليه استدراكا وتعويضا عن فشله أمام الناخبين الشعبيين، وحتى حين خسر انتخابات سابع أكتوبر، ها هو يرى أن تحكمه في تحالفات تشكيل الحكومة نصر آخر يعفيه من الاستقالة.
وغير لشكر وشباط كثيرون في اليسار وفي اليمن وبين من لا طعم ولا لون ولا رائحة فيهم.
استقالة مزوار تضع نقطة نهاية لمسار رجل طموح، منذ أن أزاح مصطفى المنصوري من رئاسة الحزب حاول أن يضع التجمعيين في قلب ما يراه معادلات سياسية جديدة يجب التقاط كراتها وتسديدها إلى الشبكة بعناية فائقة، وكما لو عاد إلى رياضته في كرة السلة كانت كراته تتقاذف هنا وهناك، بحثا عن نقطتين تارة وثلاث في حالات أكثر طموحا. وقبيل انتخابات 2011، ألقى بكل ثقله في تحالف مجموعة الثمانية إلى جانب الأصالة والمعاصرة والحركة الشعبية والحزب الاشتراكي والحزب العمالي والاتحاد الدستوري والنهضة والفضيلة واليسار الأخضر. كان خليطا فسفسائيا لا تقارب ولا تجانس فيه، لكن مزوار رآه على مقاسه وطوع طموحاته.
حاورته يومها في ضيافة جمعية خريجي العلوم السياسية ببورصة الدار البيضاء، وبدا لي من معنوياته وأجوبته أن خطوة واحدة تفصل بينه وين رئاسة الحكومة، لكن زوابع «الربيع العربي» في نسخته المغربية كانت لها حساباتها وتعقيداتها، انهارت مجموعة الثمانية وتوارى الأصالة والمعاصرة إلى الخلف، ولأول مرة منذ 1998 يجد التجمع نفسه في موقع المعارضة، الذي لم يخلق له ولم يعتد عليه.
وشاءت الأقدار لمزوار، أن يصبح المنقذ لحكومة ابن كيران من الانهيار بعد انسحاب حزب الاستقلال، كان الجميع يعتقد أن قوس الإسلاميين سيغلق في المغرب مثما أغلق في مصر وتونس، لكن التجمع الوطني للأحرار ضمن لهذه التجربة المغربية أن تستمر، وكانت له بصماته الظاهرة في القطب الاقتصادي للحكومة، وفي منصب وزير الخارجية خرج بأداء متوسط من ظرفية دولية صعبة عاشها المغرب في علاقته بكبار حلفائه وبالأمم المتحدة.
لكن مزوار كان ضحية تقدريرات خاطئة، خانته هذه المرة فراسته وذكاؤه في تسديد كرات السلة، في لحظة اعتقد أن الأصالة والمعاصرة سيكون عريس ما بعد السابع من أكتوبر، ولذلك وضع بيضه كله تحت عجلات «الجرار». في الانتخابات الجماعية والجهوية تمرد على التحالف الحكومي، ودعم مرشحي إلياس العماري في رئاسة الجهات وفي مجلس المستشارين، وفي الحكومة جعل نفسه معارضا وسط الأغلبية وسقط في مغازلات غير مشروعة مع معارضي حكومته، وحين جاء موعد الانتخابات كانت قاعدته الانتخابية قد غيرت وجهتها: بيت «البام» صار أكثر دفئا لكثير من التجمعيين ولكثير من الحركيين، بل إن الحزب الذي كان يغطي جميع الدوائر الانتخابية تراجع بفعل رحلة الأعيان هذه، ليحتل ترتيبا متأخرا خلف التقدم والاشتراكية وفيدرالية اليسار.
لقد كان مزوار ضحية إلياس العماري ما من شك في ذلك، لكنه كان أيضا ضحية عبد الإله بن كيران، الذي وظف كل انجازات الحكومة لصالح حزبه على حساب حلفائه، وكما امتص إلياس العماري قواعد الحركة الشعبية والتجمع الوطني للأحرار، قرصن ابن كيران أداء وزراء التجمع والتقدم والاشتراكية والحركة الشعبية، إنها الحالة الأسوأ بالضبط تلك التي عاشها مزوار: خسارة مع الحليف الحزبي وخسارة أخرى مع الشريك الحكومي.
ولأجل كل ذلك وبناء عليه، نقبل استقالتك السيد مزوار، مع عالي التقدير والاحترام لهذا السلوك السياسي النبيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.