ما إن انتهى صاحب محل البقالة بمنطقة الادريسية في مقاطعة الفداء من ترتيب الأغراض والسلع التي اقتناها الحاج حميد، ووضعها على الرف في انتظار الحصول على مقابلها المادي، حتى استبدت الحيرة بالزبون الذي تعود أخذها في أكياس بلاستيكية. تسائل إن كان الأمر يستحق أخذ كل سلعة على حدة ووضعها بصندوق سيارته، إلى أن اقترح صاحب المحل ‘‘ قفة ‘‘ من الثوب مقابل 7 دراهم . اعتبر الحاج حميد الأمر منطقيا وناجعا، فوافق على الفور. جمع صبي المحل أغراض الحاج حميد في ‘‘ القفة ‘‘. أخذها الحاج حميد وانصرف . إنه المشهد الذي تكرر في كل المدن المغربية خلال الأسبوعين الأخيرين . انطلاق حملة ‘‘ زيرو ميكا‘‘ وسهر السلطات على تنفيذها، جعل مقتضياتها تدخل حيز التطبيق بسرعة متناهية. صاحب البقالة أكد ل‘‘الأحداث المغربية‘‘ أن التطبيق الفعلي لهذا الإجراء أصاب البعض في الصدمة في البداية، لكن سرعان ما عادت الأمور إلى نصابها، وتقبل الناس هذا التحول بالرغم من بعض الممانعة والتذمر أول الأمر . في حي درب ميلا القريب ( حي عمر بن الخطاب رسميا ) المعروفة بنشاط إنتاج البلاستيك في وحدات صغيرة تتوزع بين القطاعين المهيكل وغير المهيكل، أوقف كل تجار البلاستيك نشاطهم، ويتطلعون لفترة انتقالية لا تقضي على أرباحهم المادية . في هذا الصدد يؤكد صلاح الدين صاحب وحدة تجارية في صناعة قطع البلاسيتك ‘‘ أي قرار وطني في صالح البيئة والمواطن سنستجيب له بكل فرح لكن ما نؤاخذ عليه صناع هذا القرار، هو سرعة تنفيذه وفجائيته. كان من الأجدر استشارة المعنيين بالقطاع وتهيئ الأرضية لتسهيل هذا التحول الاستهلاكي ‘‘. في أحد الواجهات التجارية الكبرى بالعاصمة الاقتصادية لا يختلف الأمر كثيرا. نهاية ‘‘ الأكياس البلاستيكية ‘‘ أعلنت منذ انطلاق عملية ‘‘ زيرو ميكا ‘‘ والأكياس الخاصة بهذه الواجهة، وضعت في رفوف خاصة، بأخذها زبنائه بشكل مكثف . أحد مسؤولي رواق المواد الغذائية بهذا المركز التجاري أكد للجريدة، أن الزبناء انخرطوا بشكل تلقائي في التزود بالأكياس الخاصة بالمركز التجاري ( تحمل علامته ) بمجرد ما تأكد لديهم أن الأكياس البلاستيكية لم يعد مرغوبا فيها بالمرة . بالمقابل، وقفت ‘‘ الأحداث المغربية ‘‘ على الكثير من ملامح ‘‘الممانعة‘‘ في العديد من الأوساط الاجتماعية، قرار منع استعمال واستخدام الأكياس البلاستيكية . أول الممانعين، فئة صناع البلاستيك في الوحدات غير المهيكلة بمناطق سيدي حجاج وتيط مليل في عمالة اقليم مديونة . الحاج ابراهيم، المتكلم بلسان هذه الفئة، تسائل عن السر وراء اتخاذ هذا القرار في هذا الوقت تحديدا، مع العلم أنه مارس هذا النشاط سنوات طويلة بمباركة السلطات ودون أدنى حرج . ‘‘ الآن تغير كل شيء ‘‘ يضيف الحاج ابراهيم مذعنا ‘‘ سنتأقلم مع هذا الجديد ولكن لا أخفيك قولا بأن منع الأكياس البلاستيكية بصورة نهائية هو أمر شبه مستحيل ‘‘. القطاع غير المهيكل ينتج سنويا أزيد من 40 في المائة من حاجيات السوق بالأكياس البلاستيكية، وبالنظر إلى هذا الحجم سيكون من الصعب وضع حد لهذا النشاط الذي يدر أرباحا كبيرة، كما يشغل يدا عاملة مهمة، خصوصا في المناطق القروية وشبه القروية وضواحى المدن الكبرى. الباعة الجائلون ثاني فئات الممانعة الكبرى لحملة ‘‘ زيرو ميكا ‘‘ . في سوق عشوائي بمنطقة البرنوصي اعترض يوسف، بائع متجول في الثلاثين من العمر، طويلا على قرار منع الأكياس البلاستيكية، مذكرا أنه الوحيد الذي مازال يدسها خفية بين أغراضه وسلعه المنشورة على فراشته، كما لو كان الأمر يتعلق بمادة محظورة أو يعاقب عليها القانون . يوسف يعتبر قرار منع استعمال واستخدام الأكياس البلاستيكية ضربة موجعة له ولأرباحه الصغيرة التي تدرها عليه الفراشة، خصوصا وأن زبائنه تعودوا على أخذ أغراضهم في الأكياس التي كان يوفرها لهم. الآن يعتقد أن الإقبال على فراشته سيضعف على غرار ما حدث مع زملائه بالسوق، حيث صار تدبر أمر الأكياس في سرية تامة، القاسم المشترك الأول . ‘‘ والعيد الكبير ؟ شنو غادي نديرو فيه ؟؟ ‘‘ تسائلت عجوز محاولة إقناع أحد الجزارين بعدم رضاها عن قرار منع الأكياس البلاستيكية . اعتادت المرأة، كما اعتاد نفر كبير من المغاربة، تقسيم أجزاء من كبش الأضحية ورصها في أكياس داخل المبردات، وهي اليوم ترى أن هذا الأمر صار أصعب مع هذا القرار . قد تفكر في أي حل قبل حلول العيد … أو ربما الأجدر أن تفكر في العيد نفسه، ليكون ملائما لاستهلاك بسيط لا يتطلب الكثير من البلاستيك والحشو في الثلاجات .
ميكروطروكوار هل تعتقد أن حل ‘‘ زيرو ميكا ‘‘ سيكون فعالا في القضاء على البلاسيتك في المغرب ؟ ابراهيم 66 سنة ( عامل ) : ‘‘بالنسبة لي حملة زيرو ميكا استدعتها ضرورة الحفاظ على البيئة، نظرا للتغيرات المناخية الدائمة، لكن الإشكال المطروح هنا هو أن الهدف الأسمى هو حماية البيئة، لكن ما موقع النفايات القادمة من إيطاليا من كل هذا النقاش وهل يتعلق الأمر بسياسة للكيل بمكيالين في هذا المجال ؟ ‘‘ .
أحمد 50 سنة ( عامل ) : ‘‘ بالنظر إلى الغاية السامية التي تم من أجلها منع استعمال الأكياس البلاستيكية هي الحفاظ على البيئة للأجيال القادمة نحن متفقون على المبدأ كمغاربة، لكن الإشكال هو الطريقة التي تم بها التعامل مع المهنيين في هذا المجال، بحيث أصبح أصحاب المحلات التجارية يعرضون عن وضع اية سلعة في كيس بلاستيكي خيفة المداهمات، كما لو أنهم يبيعون المخدرات أو السلاح دون ترخيص. لقد تم تضخيم الأمر كثيرا ففي بعض القرى والدواوير أصبح الأمر بيد السلطات المحلية المختصة كما لو أن الأمر يتعلق بجريمة أو تجاوز للقانون ‘‘ .
صفاء 10 سنوات ( تلميذة ) : ‘‘ أنا مع حملة منع استعمال الأكياس البلاستيكية لضرورة المحافظة على البيئة وسلامة صحة الإنسان، مثلا عندما نرمي بالأكياس البلاستيكية على الأرض أو في الشواطئ، تأخذ سنوات طوال للتحلل وأملنا الوحيد هو منعها عن المواطنين ‘‘ .
أسامة 22 سنة ( طالب )
‘‘ كان من الأجدر القيام بحملة زيرو بطالة ، زيرو رشوة، زيرو أمية … أظن أن الحملة لن تكون ناجحة لأن الميكا ضرورة من ضروريات الحياة اليومية ومع اقتراب عيد الأضحى تزداد الحاجة إليها أكثر ‘‘ .
شيماء 25 سنة ( ربة بيت ) : ‘‘ أنا شخصيا ضد منع وتجريم استعمال واستخدام الميكا وتعويضها بالأكياس الورقية وغيرها من الثوب أو مختلف أنواع النسيج، نظرا للزيادة في التكلفة التي قد تثقل كاهل المواطنين، خصوصا في الواجهات الكبرى حيث تعرض هذه الأكياس للبيع بطريقة مباشرة ‘‘ .
رشيد 19 سنة ( بائع متجول ) : ‘‘ حملة منع استخدام الميكا تسببت في قفل مصانع وتشريدد عائلات وعمال وبحكم أنني أمثل فئة البائعين الجائلين فإن دخلنا الوحيد مرتبط باستعمال الميكا. لقد صرنا اليوم مجبرين على بيع ما نعرضه من سلع وتسليمها للزبناء داخل أكياس بلاستيكية بطريقة سرية كما لو كنا نبيع الممنوعات، لأنه في حالة العثور عليها مع أحدنا فإنه يصبح مطالبا بدفع غرامة مالية قد تتجاوز بكثير ما نربحه يوميا ‘‘ .