خطورة خلية حد السوالم تكمن في تنامي "الاستقطاب الأسري" كرافد جارف للتطرف والتجنيد (الشرقاوي حبوب)    42 ألف شكاية وضعت على طاولة النيابة العامة بطنجة خلال سنة 2024    رام الله تحتفي ب110 أسرى محررين    اغلاق المجال الجوي البلجيكي بسبب عطل تقني    البطولة: الرجاء البيضاوي يواصل إهدار النقاط بتعادل مخيب للآمال أمام أولمبيك آسفي    رحيمي ينقذ نادي العين من الخسارة    توقعات احول الطقس ليوم غد الجمعة.. امطار وثلوج بعدد من المناطق    وزارة الأوقاف تعلن غداً الجمعة فاتح شهر شعبان بالمغرب    مشروع الربط المائي بين وادي المخازن ودار خروفة يقترب من الإنجاز لتزويد طنجة ب100 مليون متر مكعب سنويًا    سبيك: "بروباغندا مغرضة" تسعى للتشكيك في تفكيك الخلايا الإرهابية    من المدن إلى المطبخ .. "أكاديمية المملكة" تستعرض مداخل تاريخ المغرب    زياش إلى الدحيل القطري    رئاسة الأغلبية تؤكد التزامها بتنفيذ الإصلاحات وتعزيز التعاون الحكومي    الشركة الجهوية متعددة الخدمات الدار البيضاء-سطات تواصل تنفيذ برنامجها السنوي لتنقية شبكة التطهير السائل    الوداد يضم لاعبا فرنسيا ويستعير آخر من جنوب إفريقيا    الوداد يعزز صفوفه بالحارس مهدي بنعبيد    ممثل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين: المغرب يعتمد خيارا واضحا لتدبير إنساني للحدود    أمر تنفيذي من "ترامب" ضد الطلاب الأجانب الذين احتجوا مناصرة لفلسطين    بايتاس: "التراشق والشيطنة" لا يخدم مكافحة الفساد والاستراتيجية الوطنية حققت 80% من أهدافها    أخنوش يتباحث مع وزير الخارجية اليمني و الأخير يجدد دعم بلاده لمغربية الصحراء    أداء إيجابي ببورصة الدار البيضاء    برقية تعزية ومواساة من الملك إلى خادم الحرمين الشريفين إثر وفاة الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز آل سعود    إطلاق النسخة الأولى من مهرجان "ألوان الشرق" في تاوريرت    الملك يهنئ العاهل فيليبي السادس    بلاغ من طرق السيارة يهم السائقين    قتلى في اصطدام طائرة ركاب بمروحية عسكرية قرب واشنطن    مقتل "حارق القرآتن الكريم" رميا بالرصاص في السويد    عصام الشرعي مدربا مساعدا لغلاسكو رينجرز الإسكتلندي    قرعة دوري أبطال أوروبا غدا الجمعة.. وصراع ناري محتمل بين الريال والسيتي    الشرطة المواطنة في خدمة الطفولة: ولاية أمن الدار البيضاء تحقق حلم الطفل ريان    ارتفاع مفاجئ وتسجل مستويات قياسية في أسعار البيض    وفاة الكاتب الصحفي والروائي المصري محمد جبريل    استقرار أسعار الذهب    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    المغرب يحقّق أرقامًا قياسية في صادرات عصير البرتقال إلى الاتحاد الأوروبي    الشرع يستقبل أمير قطر في دمشق    ""تويوتا" تتربع على عرش صناعة السيارات العالمية للعام الخامس على التوالي    الاحتياطي الفدرالي الأمريكي يبقي سعر الفائدة دون تغيير    حاجيات الأبناك من السيولة تبلغ 123,9 مليار درهم في 2024    مع الشّاعر "أدونيس" فى ذكرىَ ميلاده الخامسة والتسعين    الجيش الإسرائيلي يعلن تسلّم الرهينة الإسرائيلية في قطاع غزة آغام بيرغر    أمطار رعدية غزيرة تجتاح مدينة طنجة وتغرق شوارعها    أمير قطر يصل لدمشق في أول زيارة لزعيم دولة منذ سقوط بشار الأسد    جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام 2025 تكرّم جهود بارزة في نشر المعرفة الإسلامية    المغرب التطواني يتعاقد مع مدير رياضي تداركا لشبح السقوط    مركز الإصلاح يواجه الحصبة بالتلقيح    6 أفلام مغربية ضمن 47 مشروعا فازت بمنح مؤسسة الدوحة للأفلام    الفنان المغربي علي أبو علي في ذمة الله    الطيب حمضي ل"رسالة 24″: تفشي الحصبة لن يؤدي إلى حجر صحي أو إغلاق المدارس    أمراض معدية تستنفر التعليم والصحة    المؤسسة الوطنية للمتاحف وصندوق الإيداع والتدبير يوقعان اتفاقيتين استراتيجيتين لتعزيز المشهد الثقافي بالدار البيضاء    المَطْرْقة.. وباء بوحمرون / الحوز / المراحيض العمومية (فيديو)    علاج غريب وغير متوقع لمرض "ألزهايمر"    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانتخابات التشريعية المقبلة بين سلط التحكم والمال والدين
نشر في الأحداث المغربية يوم 20 - 07 - 2016

استاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية. اكدال.
تنظم الانتخابات المقبلة ل 7 اكتوبر في سياق شعاره العريض إمكانية عودة "مسالة التحكم" و واستعمال "المال الحرام" واستغلال "الدين في السياسة "في الانتخابات التشريعية المقبلة.وهو امر تؤكده تدخلات وخطابات وتصريحات زعماء الأحزاب الكبرى والمحورية بالبلاد. واعتقد ان تخوف هؤلاء الزعماء من تدخل "سلط التحكم "و"المال" و"الدين" في الانتخابات التشريعية المقبلة يفسره رغبة هؤلاء الزعماء التنصل الاستباقي من نتائج غير متوقعة لأحزابهم في هذه الانتخابات من جهة ، وعدم الاعتراف بمسؤوليتهم عن هذه الممارسات المشينة من جهة اخرى.
والمتتبع لتصريحات زعماء الأحزاب السياسية وتخوفاتهم من سياق إجراء الانتخابات التشريعية المقبلة سيدرك حساسية هؤلاء الزعماء اتجاه إمكانية عودة " منهجية التحكم" واستعمال "المال الحرام" "واستغلال الدين " في هذه الانتخابات. لكن المثير في الأمر ان هؤلاء السياسيين يتحدثون عن سلط التحكم والمال والدين في الانتخابات وكأنها تمارس في كوكب اخر و يقوم بها كائنات تعيش على كوكب آخر ولا يعرفها احد في حين ان قادة كل الاحزاب السياسية تعرف– جيدا- من يتحكم في صناعة الخرائط وتعرف الأحزاب التي تزكي أصحاب المال الحرام وتعرف –أيضا- الأحزاب التي تستغل الدين في السياسة. لكن مشكلة قادة احزابنا انها تنقصها الشجاعة الفكرية والسياسية لتسمية الأشياء خوفا على مصالحها الخاصة على حساب المصالح المؤسساتية والعامة.
وأمام الحضور المكثف لمفاهيم عودة "منهجية التحكم" و"استعمال المال الحرام" واستغلال "الدين في السياسة" في تصريحات وخطابات جل زعماء الأحزاب السياسية شهورا قليلة على تنظيم الانتخابات التشريعية ل 7 اكتوبر سنحاول تقديم هذه المقاربة المتواضعة في الموضوع.
الانتخابات والأحزاب والتحكم:شهورا على اجراء استحقاقات 7 اكتوبر 2016 عاد الحديث عن مسالة "التحكم" بشكل مثير ،ويقصد به صناعة الخرائط الانتخابية بهدف التمكين لحزب او لأحزاب معينة الفوز بالانتخابات التشريعية المقبلة عبر التحكم في مدخلاتها ومخرجاتها . وقد يتخذ هذا التحكم أشكالا منها: إخراج تقطيع انتخابي وقوانين تنظيمية على المقاس- دفع الأعيان وأصحاب المال الترشح باسم حزب ما – دعم السلطات لمرشحي حزب ما- صمت السلطات على مرشحي حزب ما أثناء خرقهم للقوانين المنظمة للانتخابات – فرض تحالفات معينة تخدم أجندة مخدومة قبل/بعد الانتخابات- صمت السلطات على استغلال وسائل الدولة لمرشح حزب ما قبل واثناء الحملة الانتخابية – الضغط على بعض الاعيان واصحاب النفوذ للترشح بحزب ما بدل اخر-تواطئ رجال السلطة من مقدمين وشيوخ وقواد وباشوات وعمال وولاة مع مرشح حزب معين. والغريب في الأمر هو ان كل زعماء الأحزاب الكبرى بالمغرب تتخوف من مسالة عودة "التحكم" في الاستحقاقات التشريعية المقبلة: عبد الاله بنكيران وحميد شباط والياس العماري ونبيل بنعبد الله وصلاح الدين مزوار وامحمد لعنصر واصفين هذا التحكم بالخطير على المسار الانتخابي وعلى الديمقراطية التمثيلية وعلى المؤسسات المنتخبة دون تقديم اي ادلة مادية تبرهن على هذا التحكم او اتخاذ مواقف اتجاه جهات التحكم او اللجوء للقضاء . لكن المقلق في هذا السياق هو الاستعمال المفرط لمفهوم التحكم في تصريحات رئيس الحكومة الذي تشرف حكومته على العمليات الانتخابية في شخص وزيري العدل والداخلية، وتصريحه بوجود حكومتين في المغرب: واحدة علنية وأخرى غير معروفة تتخذ القرارات الكبرى. وهنا نتسائل يارئيس الحكومة المحترم ما دام الأمر كذلك لماذا أنت باق في الحكومة؟ لماذا لا تصارح جلالة الملك بالامر وتستقيل؟ واذا كانت الحكومة غير المعروفة تتخذ القرارات الكبرى فهل حكومتك تدبر القرارات الصغرى؟واذا كان الأمر كذلك لماذا التزمت السلطات العليا بالبلاد الصمت اتجاه هذا التصريح الخطير لرئيس الحكومة الذي يفرغ محتوى دستور 2011 الذي لا يعترف الا بحكومة واحدة يعينها جلالة الملك وتفرزها صناديق الاقتراع حسب ما ينص عليه الفصل 47: "يعين الملك رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب، وعلى أساس نتائجها.ويعين أعضاء الحكومة باقتراح من رئيسها. "
وبالمناسبة،أقول ان الاستعمال المفرط لزعماء الأحزاب لمفهوم "التحكم" في الصراعات الحزبية قد أفرغ الدستور من محتواه وأصبح تهمة جاهزة يلقي بها كل طرف على الطرف الآخر.والأكيد ان استمرار تبادل مسالة "التحكم" بين أحزاب "العدالة والتنمية"، و"التقدم والاشتراكية"، و"الأصالة والمعاصرة"، و"الاتحاد الاشتراكي"، و"الاستقلال" و"التجمع الوطني للاحرار" يمكن ان تكون تكلفته باهضة بالنسبة للمشاركة الشعبية في الانتخابات المقبلة من جهة ، و يؤثر سلبيا على هيبة الدولة ومؤسساتها ويزيد من نفور المواطن من السياسة من جهة أخرى.
الانتخابات والأحزاب والمال: يعتبر عدد من الباحثين استعمال المال الحرام في الانتخابات احد اخطر آليات إفساد الاستحقاقات الانتخابية وانتاج مؤسسات فاقدة للشرعية. وقد يتخذ حضور هذا المال أشكالا في العمليات الانتخابية منها : تمويل الانتخابات بطرق مشبوهة- الضغط على رجال الأعمال وتخويفهم وتهديد مصالحهم لتمويل حملات انتخابية معينة- ايهام بعض المرشحين بالتدخل لصالحهم لدى السلطات – دفع اموال لزعماء الأحزاب للحصول على التزكية كوكيل للائحة- استعمال المال الحرام في الحملات الانتخابية- توظيف المال الحرام لشراء أصوات الناخبين – تحويل الحملة الانتخابية لسوق للبيع والشراء في الاصوات – استغلال مسؤولي الجمعيات التنموية المستفيدة من المال العام لخدمة اجندة حزب معين- تجاوز السقف المالي المحدد للحملات الانتخابية الخ .
وبالمناسبة ، نؤكد ان استعمال المال الحرام في الانتخابات المغربية هو ظاهرة بنيوية معقدة لصيقة بالفعل الانتخابي تتوزع المسؤولية فيه بين الدولة و الاحزاب ذاتها والمواطن، لكن المسؤولية الكبرى تتحملها الاحزاب السياسية لكونها تتسابق على منح التزكية للكائنات الانتخابية الفاسدة والاكيد ان استعمال "المال الحرام" يعد أحد أصعب التحديات التي تواجه الانتخابات البرلمانية المغربية المقبلة، خصوصا في ظل اتساع رقعة الدوائر الانتخابية وتزامن تنظيم الانتخابات مع عطلة الصيف والاعياد والدخول المدرسي لذلك فمن غير المعقول دستوريا وقانونيا وسياسيا ان تقبل الدولة تزكية المرشحين الفاسدين لكونهم يشكلون خطرا على مسار التجربة الديمقراطية الهشة وعلى المشاركة الشعبية وعلى هيبة المؤسسات.
الانتخابات والاحزاب والدين :عادت معادلة الدين والسياسة الى الواجهة مع قرب الانتخابات التشريعية المقبلة فهناك من الاحزاب من يتهم حزب البيجيدي باستغلال الدين ويتاجر به لأغراض سياسيوية خاصة في موسم الانتخابات ،وهو ما يطرح في العمق اشكالية كيفية تامين "مَدَنية" الانتخابات التي نقصد بها مبدأ المواطنة وتكافئ الفرص وسلطة القانون وابعاد الدين عن السياسة الذي يتخذ اشكالا منها : توظيف الدين في استجداء أصوات الناخبين- استغلال المساجد في الدعاية الانتخابية- استغلال الائمة والوعاظ في الحملات الانتخابية – إقحام الدين في تبرير السياسة العمومية-. توظيف الأعمال الخيرية و الاجتماعية و الانسانية لخدمة الأجندة الانتخابية- استعمال الصدقات وعمليات الإحسان تحت غطاء جمعيات دينية موازية – توظيف المقدس في الحملات الانتخابية – الاستثمار في الخطاب الديني الخ.
ويثير تقارب قادة حزب العدالة والتنمية مع قادة جماعة العدل والاحسان – خصوصا قادة الجناح الدعوي في الجماعة- الكثير من التخوفات والتساؤلات حول علاقة الدعوي بالسياسي عند حزب العدالة والتنمية لكون هذه العلاقة تمثل قوته الضاربة التي تقوي موقعه بالمشهد السياسي وتجعله يحصد على رصيد انتخابي مهم من الاصوات خصوصا وان قوة وتأثير الجماعة في الراي العام اليوم يفوق بكثير قوة وتأثير كل الاحزاب السياسية .
لكن يجب الاشارة هنا الى ان الدستور المغربي والقانون التنظيمي للاحزاب السياسية يمنعان استعمال الدين في ومقدسات االبلاد في الحملات الانتخابية لان استعمالها يعد فسادا للفعل الانتخابي.
وخلاصة القول انه مع اقتراب كل استحقاقات انتخابية تعود كل الأحزاب السياسية للحديث عن مسالة "التحكم" واستعمال "المال الحرام" واستغلال "الدين في السياسة" لكنها تبقى في العمق مجرد ادعاءات وتهم مجانية غير مبنية على اسس مادية في حاجة للبرهنة والاستدلال. وفي غياب الادلة المادية على هذه الادعاءات يمكن اعتبار ذلك مجرد تكتيكات تواصلية هدفها المس بسمعة الحزب الخصم وتضليل الراي العام على حساب ربح بعض الاصوات ، صحيح ان قضايا " التحكم " وتوظيف "المال الحرام" واستعمال" الدين في الانتخابات" تعد اليات افساد للعملية الانتخابية التي تنظم في واقع -هو في الاصل – فاسد اقتصاديا واعلاميا وسياسيا .لذلك نقول اذا كان تبادل تهم الفساد الانتخابي بين الاحزاب السياسية يعود بقوة – وبكيفية موسمية- مع كل استحقاقات انتخابية ، فإنه من اللازم على الكل دولة واحزابا ومواطنين ان يقتنعوا بان محاربة إفساد الانتخابات خصوصا والمشهد السياسي عموما يجب ان تتحول الى تدبير يومي لان المؤسسات المنتخبة والنخب التي تفرزها هذه الانتخابات لا يمكن أن تكون إلا فاسدة لان منهجية تعامل الدولة والاحزاب والمواطن مع كل اشكال الفساد في في الزمن الانتخابي وغيره تعد هي بذاتها جزءا اما من الفساد او التواطئ معه. وصدق من قال يمثل المال عصب الحرب، وتمثل السياسة بكل أوجهها ومظاهرها الداخلية والخارجية استمرارا لهذه للحرب لكن بأدوات ناعمة وسلمية يمثل الزمن الانتخابي الفضاء المفضل للفاعل السياسي لممارسة هذه الحرب.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.