تجاوزت عقارب الساعة العاشرة ليلا أول أمس الأربعاء، ومع ذلك، النقاش محتدم بالمسرح الوطني محمد الخامس. الانفعال سيد الموقف، في الندوة الصحفية، التي عقبت مباشرة العرض الأول لمسرحية “فوا أوف” لفرقة أكواريوم. ليلى الشافعي، طليقة عبد القادر الشاوي، سفير المغرب في الشيلي، وصاحب النصين الروائيين “كان وأخواتها”(التي أصدرها في أواخر 1986 وهو لا يزال بالسجن)، و”من قال أنا” (الصادرة عن دار النشر الفنيك سنة 2006)، الذين تم اقتباسهما في مسرحية “فوا أوف”، رأت أن العمل يتضمن «إساءة متعمدة لي» كما صرحت ل”الأحداث المغربية” بذلك. وأكثر، لقد وجهت الصحافية والكاتبة سهام النقد مباشرة للناقد البشير القمري، الذي عمد إلى اقتباس النص. واتهمته بأنه « لم يقتبس، بل قام بالتأليف والتخييل واستقصد الإساءة لي”. لماذا؟ وكيف ذلك؟ ليلى الشافعي، لم تجد نفسها في الشخصية، التي تم تقديمها مصاحبة لمرض البطل/عبد القادر الشاوي ورفيقته أيام وجوده على فراش مصحة رباطية. “لقد قدم هذا المشهد تحديدا، الذي يعرض لفترة مرض عبد القادر الشاوي ووجوده بالمصحة لاستئصال الورم، صورة سيئة عن زوجته، التي كنتها أنا. لست أنا تلك المرأة الشرسة والأنانية كما تم تقديمها. لا علاقة للشخصية بالواقع ولا حتى بما تضمنه النص الأصلي، الذي يقال إنه تم اقتباسه والذي هو رواية “من قال أنا”. لقد صوروني على أني شخصية هستيرية ومتجبرة ومتسلطة وامرأة عذبت الشاوي وهو على فراش المرض. والحقيقة غير هذا تماما. كل معارفنا وأصدقائنا المشتركين، يعرفون تمام المعرفة كيف رعيته بنكران للذات. لقد بت معه في المصحة 15 ليلة أراعيه وأهتم به وألبي أدق احتياجاته وأستقبل زواره. ما تم تقديمه عني افتراء وكذب وتصفية حسابات معي”. إلى هذا الحد؟ ولماذا؟ “لأني رفضت بشير القمري سنة 1982، لما حاول التقرب مني. منذ ذلك الوقت وهو يسعى إلى الانتقام مني بأية طريقة كانت. لا علاقة لما قدمه بالإبداع والتخييل لقد أقحم مشاكله الخاصة في عمل يفترض فيه أن يكون إبداعا”. “عبد القادر الشاوي كان دونجوانا”، هكذا رد الناقد البشير القمري على انتقاد ليلى الشافعي خلال الندوة، قبل أن يضيف موضحا أن المشهد لايعني الزوجة السابقة للكاتب، وإنما يهم إحدى صديقاته “منار” (اسم الشخصية النسائية في رواية “من قال أنا” التي تم الاحتفاظ بها في المسرحية). مخرجة العمل، مليكة زيطان، التي استغربت « لهذا الانفعال غير المبرر من ليلى الشافعي» كما أوضحت للجريدة. وأردفت مؤكدة :« حقيقة، مفاجأتي كانت كبيرة لموقف ليلى، التي تربطني بها علاقة صداقة كبيرة. وقد دعيتها إلى حضور التمارين التي كنا نجريها حول النص، والذي قرأته كاملا ولم تبد أدنى اعتراض عليه. إذ تعلقت ملاحظتها الوحيدة عليه بجملة حوارية لإحدى الشخصيات، والتي كانت تأتي عند عبد القادر الشاوي، في المشهد الثاني الذي يحضر فيه عبد القادر الشاوي على الركح ويظهر فيه في المستشفى وتقول له :”لقد أتيتك برواية ومجموعة تسجيلات لأغاني فيروز”، وقد اقترحت تعويض فيروز بنعيمة سميح. هذا كل شيء. ماعدا هذا لم تبد أي ملاحظة أخرى. وشخصيا، حذفت بشكل تلقائي، جملة يرد فيها أحد زوار عبد القادر الشاوي عليه لما سأله عن ابنته، والتي يقول فيها :”ماجاتش. ماخلاتهاش ماماها تجي تشوفك”.. فهذه الجملة الواردة في النص الأصلي، والتي أعلم أن سبب رفض ليلى زيارة ابنتهما لأبيها في المصحة يعود إلى صغر سنها وعدم قدرتها على تحمل منظر والدها وهو يصارع المرض». وتضيف زيطان :” نحن، في الحقيقة، لم نقدم شخصية الزوجة، وإنما إحدى صديقات عبد القادر الشاوي، تماما كما وردت في روايته. لذلك لاتزال أسباب انفعال ليلى غامضة بالنسبة لي. وأستغرب كيف يمكن لي الإساءة إلى ليلى وهي تعرف تمام المعرفة أني مدافعة شرسة عن المرأة ومقدار الجهد الذي بذلته من أجل إبراز عدد من الوجوه النسائية في العمل من مثل السقاط والمنبهي..». وتضيف المخرجة متسائلة :«لست أدري إذا ماكان بسبب هذا الشنآن إسقاطهما للمشاكل بينهما داخل اتحاد كتاب المغرب. في الواقع لست أدري». أيضا، نعيمة زيطان لا تنفي تدخلها في النص المقتبس وتقر أنها قامت بإعادة ترتيب الفضاءات الواردة في النص، وأيضا تغيير عدد من الأفكار الأصلية في اقتباس البشير القمري، سيما تلك المتصلة بالمشهد الأخير الذي يتناول الربيع العربي،وهو المشهد الذي اعتبره عديدون ممن شاهدوا العرض، مقحما ومحاولة من البشير القمري لنفي ما يروج حول طبيعة علاقته ببعض الأنظمة الدكتاتورية العربية وفي مقدمتها النظام الليبي السابق. وبخصوص هذا الأمر، أكدت زيطان : «لقد تدخلت وفق رؤية فنية ولصالح العمل.ولاأنصب نفسي محامية لتبرير موقف أيا كان. أعتبر نفسي مخرجة مثقفة وذات توجه سياسي معين. فأنا قارئة قبل أن أكون مخرجة، وقرأت نصوص عبد القادر الشاوي كلها. وكان من الضروري فنيا وفكريا بالنسبة لي تقديم المشهد الثالث، الذي يعرض للربيع العربي وسقوط الديكتاتوريات العربية في امتداد لكافة الحركات التغييرية، التي عرفها العالم العربي، في فترات من التاريخ، والتي تجد صداها في تاريخنا كبلد عاش مجموعة من التغييرات في أفق التأسيس للديمقراطية. لم يكن بالإمكان القفز على هذه المرحلة. أما بشأن الانتقاد الموجه إلى البشير قمري، فلا العمل المسرحي ولا أنا يمكننا الإجابة عما يروج أو يُقال، وعدد ممن يشكلون الإنتلجانسيا المغربية يوجدون في قفص الاتهام ذاته، لأنهم نعموا بالأسفار والهدايا والجوائز والدولارات من هذه الأنظمة».