من جميع ربوع المملكة، وفي سابقة من نوعها بالمنطقة، حل صباح يوم الإثنين الماضي، مئات المهنيين من أصحاب سيارات الأجرة بصنفيها الصغير والكبير بمدينة بني ملال، حيث التأموا بساحة باعلال من أجل الدخول في إضراب جهوي، والانطلاق في مسيرة إلى المحكمة الابتدائية للاحتجاج على اعتقال سائق. وقد حاول المهنيون الانطلاق على متن سيارات الأجرة التي تكدست بها الساحة الشاسعة، لكن قوات الأمن التي نزلت بكثافة إلى عين المكان، تدخلت فمنعت خروج الطاكسيات من الساحة في مسيرة، ما اضطر المهنيين إلى السير على أقدامهم في مظاهرة حاشدة، رافعين الأعلام واللافتات، قبل أن تتمكن عشرات السيارت من الالتحاق بهم. وحين وصولهم أمام محكمة الاستئناف، توقفوا لمدة غير هينة، ورددوا شعارات قوية ضد سياسة الحكومة والبرلمان، وحملوها الفوضى التي يعرفها قطاع النقل. كما استنكروا اعتقال السائق باسو والحكم عليه بثمانية أشهر حبسا نافذة وغرامة مليون ونصف سنتيم، وطالبوا بإطلاق سراحه. الشعارات رفعت أيضا مطالب اجتماعية وطالبت بالعيش الكريم قبل أن يواصلوا السير نحو المحكمة الابتدائية. وفي تصريح ل"أحداث أنفو" أوضح فريد بوحمية الكاتب المحلي للمنظمة الديمقراطية لمهنيي النقل، بأن الأمر يتعلق بمسيرة ويوم غضب وإضراب جهوي مفتوح عن العمل، عرف إنزالا لجميع المهنيين من كل أنحاء المغرب، كما أن جميع النقابات شاركت فيه بمن فيهم أمناء السيارات بالجهة والجمعيات. وطالب المسؤول النقابي بإطلاق سراح السائق المهني عروب باسو، الذي أدين بثمانية أشهر حبسا نافذا ومليون ونصف سنتيم غرامة، رغم أن عمره 62 سنة واشتغل كسائق لمدة 36 سنة. وهدد نيابة عن زملائه بالاستمرار في الإضراب في حالة عدم إطلاق سراح زميلهم المعتقل. وذكر بأن سائقا آخر معتقل تعرض لأزمة قلبية، ويرقد حاليا في المستشفى، وسحبت منه الرخصة بطريقة تعسفية وتم تفتيش بيته وكأنه مجرم. وبدوره أكد عبد الرحيم الزمراني عضو المجلس الوطني للمنظمة الديمقراطية لمهنيي النقل، بأن أساس هذا المشكل هو أن المذكرتين 61 و 16 لا تفعّلان، حيث تم اعتقال سائق منذ 15 يوما، وحكم بثمانية أشهر بسبب عدم إرجاعه الرخصة إلى صاحبها، علما أن المذكرة 16 تنص على أن السائق إذا كان يؤدي المستحقات لاتسحب منه الرخصة. واعتبر بلاغ للنقابة الوطنية لقطاع سيارة الأجرة الصغيرة المنضوية تحت لواء الجامعة الوطنية لنقابات النقل الطرقي، الأحكام ضد المستغلين المهنيين بإرجاع المأذونيات لأصحابها بعد انتهاء العقد، بالمجحفة، مما يتنافى، في نظر البلاغ، مع الدوريات المنظمة للقطاع، الصادرة من وزارة الداخلية بصفتها الجهة المانحة لهذه المأذونية، ناهيك، يضيف المصدر ذاته، عن تنفيذ هذه الأحكام من طرف وكيل الملك بمحكمة بني ملال، واعتقال المستغلين الرافضين تسليم هذه المأذونيات، لأنها مصدر عيشهم الوحيد بمعية أسرهم، مما سيتسبب في تشريدهم. وذكر بالحكم الصادر ضد باسو ب08 أشهر نافدة وغرامة مالية وصلت الى 15000 درهم فضلا عن الغرامة التهديدية والتي تعتبر سابقة بمحاكم المملكة. ولم يخف استنكاره الشديد للوضع الكارثي الذي أصبح يعيشه القطاع، بسبب ما أسماه الفساد المتغلغل في دواليب الإدارات المركزية والوزارات الوصية على القطاع، واستمرار تسليم المأذونيات لأشخاص لاتتوفر فيهم أبسط شروط الاستفادة. كما لم يفته إدانة الأحكام الجائرة ضد المستغلين، وشجب الاعتداءات المسترسلة على السائقين، مما أدى بحياة المرحوم السائق فؤاد بالناظور، وتشويه وجه سائق بالعرائش، مطالبا بتحكيم ملكي لحماية المهنيين من بطش أصحاب المأذونيات، وبإطلاق سراح السائق باسو ضحية الفساد الإداري بحكم عدم تفعيل الدوريات الوزارية وتشجيع أصحاب المأذونيات. الكبيرة ثعبان