أكدت العاملة المنسقة الوطنية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية نديرة الكرماعي، أمس الأربعاء بالرباط، أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تعتبر وسيلة لمحاربة الهشاشة مع الحفاظ على كرامة المستفيدين. وذكرت الكرماعي، في مداخلة خلال أشغال الجلسة الأولى لورشة دولية حول "السياسات العمومية ومحاربة الفقر والإقصاء"، نظمت بمناسبة الذكرى ال11 للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس يوم 18 ماي 2005 ، بأن المبادرة تهدف إلى محاربة الهشاشة والفقر والإقصاء الاجتماعي والعزلة . وأبرزت المنسقة الوطنية أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ترتكز على العديد من المبادئ، من بينها الكرامة والثقة والمشاركة والقرب والتشاور والشراكة والتعاقد والشفافية . واعتبرت الكرماعي خلال هذه الجلسة التي تمحورت حول المقاربات التشاركية وتحديد الاهداف و الحكامة، أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تشكل نموذجا للتنمية المندمجة بفضل استهداف أمثل للفئات والمجال الترابي وحكامة تشاركية ولامركزية ولا ممركزة، ومقاربة تشاركية وتمويلات مهمة. وأوضحت أنه على المستوى المركزي، فان اللجنة الوزراية الاستراتيجية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية يترأسها رئيس الحكومة فيما يتولى وزير الداخلية رئاسة لجنة القيادة، مبرزة أنه في تركيبتها المحلية تتضمن اللجنة لجانا محلية وإقليمية وجهوية للتنمية البشرية. وأشارت نديرة الكرماعي إلى أنه مع إطلاق المبادرة من قبل جلالة الملك، تم الشروع في خلق حساب خاص الآمر بالصرف فيه هو رئيس الحكومة، مبرزة أن حساب التمويل هذا عبأ 10 ملايير درهم خلال المرحلة الأولى للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية (2005-2010 ) و17 مليار درهم خلال المرحلة الثانية (2011-2015 ). وأكدت المسؤولة أن المبادرة ترتكز أيضا على شراكة غنية ومتنوعة، مذكرة بالتفاعل والتعاون الثنائي بين مختلف المتدخلين في هذا الميدان ويتعلق الأمر بالمانحين والنسيج الجمعوي والجماعات الترابية والقطاعات . وسجلت الكرماعي أن 128 ألف شخص استفادوا من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية عبر الأنشطة المدرة للدخل و257 ألف امرأة في وضعية هشاشة و145 ألف شخص في وضعية اعاقة و37 ألف شخص مسن، و45 ألف امرأة وضعن في وسط آمن ، إضافة إلى 135 ألف شخص تمكنوا من الولوج إلى 600 مركز للصحة وخلصت إلى أن المحاور التي تحتاج إلى تحسين من لدن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تشمل دينامية ومهنية الجمعيات والتعاونيات، وتنمية الأنشطة المدرة للدخل، واستدامة المشاريع، وتحسين تواصل القرب والتركيز على الأقاليم والفئات المستهدفة. من جانبه، قدم هيرفي أوندو أسومو، مستشار الوزير الغابوني للصحة والاحتياط الاجتماعي والتضامن الوطني، المكلف باستراتيجية الاستثمار البشري بالغابون، الخطوط العريضة لهذه الاستراتيجية التي ترمي إلى مكافحة الفقر والهشاشة والتفاوتات الاجتماعية بالغابون. وفي هذا الصدد، أشار أسومو، إلى أنه منذ إطلاقها سنة 2014، تعبر استراتيجية الاستثمار البشري عن التزام ملموس من قبل الحكومة لدعم ومساعدة الفئات الهشة من المجتمع الغابوني، مؤكدا أن هذه الاستراتيجية قائمة على محاور تهم بالخصوص الحماية الاقتصادية والأنشطة المدرة للدخل على المستوى الإقليمي، والتفاوتات الاجتماعية وسياسة عمل مستهدفة. كما تميز هذا اللقاء بتدخل خالد سودي، عن مرصد ظروف حياة الساكنة بالمندوبية السامية للتخطيط، ركز فيه بشكل خاص على الإجراءات والأساليب المستخدمة في إعداد خرائط الفقر والتنمية البشرية والاجتماعية. وقدم السيد سودي لمحة شاملة عن أنشطة المرصد التي تنطلق من تصميم وتحليل وتتبع مؤشرات مستوى عيش الساكنة، مرورا بإعداد دوريات إحصائية حول الظروف المعيشية للسكان و إنجاز دراسات حول استراتيجيات وسياسات التخفيف من الفوارق الاجتماعية. من جهتها، قدمت ماريا بينيلدا ريداجا، مديرة برنامج التنمية التشاركية بالفليبين، أمام الحاضرين تجربة بلادها في مجال السياسة التضامنية. من جانبه، عرض ميشال ديدييه، رئيس قطب التنشيط الترابي بالمفوضية العامة لتكافؤ الاقاليم بفرنسا، لمحة تاريخية عن سياسة المدينة في فرنسا وإشراك المنتخبين والساكنة في إدارة وتخطيط وتنفيذ السياسة الاجتماعية بالأحياء "الصعبة". وخلال هذه الورشة الدولية، التي عرفت مشاركة 10 دول أجنبية، سيتم تنظيم حلقات عمل موضوعاتية تشمل، "مشاريع البنى التحتية والخدمات الاجتماعية الأساسية"، و"التكامل الاقتصادي ومقاربة النوع الاجتماعي" و "التتبع والتقييم". وبالموازاة مع هذا اللقاء، ستفتح في وجه الزوار قرية وطنية مصغرة حول الأنشطة المدرة للدخل بساحة جدة، بشارع محمد الخامس بالرباط، بين 18 و 22 ماي، بمشاركة ممثلين عن 170 تعاونية مستفيدة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية عبر جهات وأقاليم ومقاطعات المملكة. المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ماضية في تحقيق أهدافها وتجسيد نجاعة الخيار المجتمعي لصاحب الجلالة المرتكز على الإدماج الاجتماعي قالت العامل منسقة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، نديرة الكرماعي، إن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ماضية في تحقيق أهدافها التنموية وتجسيد نجاعة الخيار المجتمعي الذي تبناه صاحب الجلالة، المرتكز على مبادئ الديمقراطية، والفعالية الاقتصادية والإدماج الاجتماعي. وأوضحت الكرماعي في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، عشية الذكرى الحادية عشرة لإطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، أن المبادرة تواصل الانخراط في ورش ملكي يضع العنصر البشري في صلب السياسات الوطنية، كما تؤكد أنها مشروع مجتمعي رائد للتنمية الوطنية المستدامة. وتمثل المبادرة ، حسب الكرماعي ، سياسة إرادية معبر عنها من أعلى مستوى في البلاد، ترمي إلى وضع حد للتفاوتات الاجتماعية غير المقبولة، وبلوغ مستوى مهم من التنمية البشرية، فضلا عن خلق دينامية قوية تتأسس على نهج اللامركزية والتشاركية. وأضافت أن تفعيل المبادرة، بفضل المقاربة التعاقدية والتشاركية مع مجموع الفاعلين المنخرطين في التنمية البشرية، مكن من تعبئة وخلق دينامية شملت المجتمع المدني والتعاونيات والجماعات الترابية، وكذا المصالح الخارجية للدولة والقطاع الخاص. وقالت إن المبادرة و خلال 11 عاما، ساهمت في إرساء مشاريع هادفة، فعالة، تعاقدية وشفافة، خاضعة للتقييم وقابلة لأن تصير مرجعية في الحكامة الرشيدة والمستدامة، كما مكنت بفضل قدرتها على التعبئة حول المشاريع التنموية، من إدماج ومساهمة الفاعلين كما المستفيدين، بشكل منسجم وتشاركي. وبلغة الأرقام، أكدت أنه تم في إطار برامج المبادرة الأربعة، إطلاق 42 ألفا و475 مشروعا، و10 آلاف و271 نشاطا مدرا للدخل، لفائدة 10 ملايين و322 ألف مستفيد، نصفهم بالعالم القروي، تطلبت 37,4 مليار درهم كاستثمار إجمالي، ساهمت فيها المبادرة ب19 مليارا و141 مليون درهم. وعن مجالات التدخل، أوضحت العامل منسقة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، أن الأخيرة، ساهمت في قطاع التعليم على سبيل المثال، في الحد من الهدر المدرسي وتحسين مستوى تعليم أطفال الأسر المعوزة، كما وضعت الفتاة القروية ضمن أولوياتها، وذلك من خلال بناء وتجهيز ألف و271 دارا للطالبة والطالب، واقتناء ألف و19 وسيلة نقل مدرسي، لفائدة 221 ألف تلميذ، وتجهيز 3 آلاف و515 وحدة مدرسية. ولتعزيز البنية التحتية الصحية، والاستجابة لاحتياجات الساكنة في مجال الولوج للخدمات الصحية، خاصة بالمناطق النائية والجبلية، قامت المبادرة ببناء وتجهيز 152 مستوصفا و504 مركزا صحيا ومستشفى، و176 مركزا لتصفية الدم، و209 سكنا وظيفيا، فضلا عن اقتناء 906 سيارة إسعاف و109 وحدة صحية متنقلة. وللحد من وفيات الأمهات عند الولادة، وتشجيع الولادة في ظروف صحية، أشارت إلى إنجاز مائتي مشروع يهم بناء وتجهيز قاعات الولادة ودار الأمومة، وكذا اقتناء المعدات الطبية. وفي ما يتعلق بمشاريع التتشيط السوسيو ثقافي والرياضي، أبرزت أن مليونا ومائة ألف شخص استفادوا من قرابة 5 آلاف و934 مشروعا، منها 491 دارا للشباب، وألفا و613 فضاء رياضيا، و147 مركزا ثقافيا و243 مكتبة وقاعة للمطالعة، فضلا عن تدخلات وأنشطة لدعم الرياضة وتنشيط التظاهرات الفنية والثقافية. ولتحسين أوضاع الأشخاص في وضعية هشاشة، أضافت أن المبادرة استهدفت ما يزيد عن مليون شخص، بواسطة 4 آلاف و487 مشروعا ونشاطا لدعم هذه الفئة، من جملتها، 260 مركزا للنساء في وضعية صعبة، و147 مركزا للأشخاص المسنين، و158 مركزا اجتماعيا للقرب، و520 مركزا لحماية الأطفال ودور الأيتام، إلى جانب 474 مركزا اجتماعيا لفائدة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة و43 مركزا للأشخاص المعاقين ذهنيا. وبالنسبة للبنيات التحية الأساسية وخدمات القرب، أكدت أن برنامج التأهيل الترابي الذي أعطى جلالة الملك انطلاقته في يونيو 2011، ساهم في فك العزلة عن 22 عمالة وإقليما صعبة الولوج، من خلال مشاريع تشمل الكهربة القروية والتزود بالماء الصالح للشرب، وتهيئة المسالك القروية ومنشآت العبور، علاوة على المشاريع المرتبطة بتحسين الولوج للخدمات الصحية والتعليمية. وسجل معدل إنجاز هذا البرنامج حسب السيدة الكرماعي، إلى حدود فبراير الماضي، ارتفاعا بحوالي 86 في المائة، همت مجالات الصحة والتعليم، والكهربة القروية، والطرق ومنشآت العبور، إلى جانب التزويد بالماء الصالح للشرب. وعن المنجزات النوعية، قالت إن هذا الورش المجتمعي نجح في خلق تعبئة قوية حوله، مع ترسيخ ثقافة المشاركة، وتعزيز مقاربة النوع والإدماج الاقتصادي والاجتماعي للمرا ة، وكذا المعالجة المندمجة للإشكالية الاجتماعية المرتكزة على مقاربة تا خذ بعين الاعتبار نموذج المو شرات، كما تدعم المبادرات القائمة على التشغيل الذاتي عبر الأنشطة المدرة للدخل. كما تطرقت إلى تنشيط دينامية العمل الجمعوي، وتطوير المؤهلات الاجتماعية، وتقوية مسؤولية الفاعلين في محيطهم الاجتماعي، وإشراكهم في تحديد الحاجيات، صياغة وتقييم المشاريع، وكذا المشاركة في اتخاذ القرار. وإلى جانب المنجزات المحققة، أكدت أن ميلاد المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، مكن من ترسيخ ثقافة جديدة لتدبير الشا ن العام، وإحداث دينامية جديدة بين الإدارة والمنتخبين والنسيج الجمعوي، وذلك في إطار التواصل المؤسساتي وتواصل القرب. وخلصت إلى أن المبادرة، ماضية في تعزيز ورش مفتوح ومستمر في خدمة العنصر البشري، والتأسيس لنموذج رائد، متفرد بفلسفته، غني بتجاربه ومشاريعه، تتطلع المملكة من خلاله، إلى أن تصير مصدر إلهام لبلدان الشرق الأوسط وإفريقيا في تحقيق الأهداف الإنمائية، مذكرة بتقرير للبنك الدولي، وضع المغرب في المرتبة الثالثة من بين 136 دولة اعتمدت أفضل البرامج الاجتماعية.