كان يوم الثلاثاء يوما خاصا للغاية في الرباط العاصمة وبالتحديد في ضواحي السفارة الإسبانية ومقر إقامة السفير الإسباني بالمغرب. لحظة تكريم لرجل مغربي يحمل المغرب بين دفتي أضلعه ويعشق هواء هذا البلد ويعتبر أن الواجب كل الواجب على أي مغربية وأي مغربي هو أن يخدم وطنه ففي الظل وأن يكتفي. إسمه عبد الإله التهاني يعرفه صحافيو المملكة باعتباره دينامو وزارة الاتصال منذ وزراء عدة، ويعرفه محبوه وأصدقاوه باعتباره الفتى القادم من مراكش إلى الرباط لحب الوطن وللتفاني في خدمته حتى الثمالة. الثلاثاء كان لحظة حب واعتراف خلدها محمد برادة وهو يقول إن هذا الوسام وسام باسمنا جميعا للتهاني وخلدها بنعبد الله بالقول إنه أفضل أطر الوزارة وأكثرهم لمعانا وخلدها سفير إسبانيا بالقول إن هناك أناسا يستحقون لتكريم دوما وأبدا وخلدها أساسا المعني بالأمر حين قال كلمة لا مفر من استحضارها كاملة مثلما حصل عليها موقع "أحداث.أنفو" لأنها تعبر عن كل الحب لهذا الوطن وعن كل الامتنان لحركة يستحقها هذا الرجل بامتياز لنتابع السيد سفير المملكة الإسبانية السادة الوزراء السادة أعضاء السفارة زملائي الإعلاميين المحترمين أيها الحضور الكريم ، في هذه اللحظات التي أتشرف فيها بالوقوف أمامكم، أشعر أنني أعبر لحظة خاصة، تتوزع فيها مشاعري بين الإحساس بالاعتزاز، وبين استحضار كل معاني المسؤولية والأمانة والواجب، وهي نفس المشاعر التي أحسست بها حين تلقيت رسالة رسمية ورقيقة من السيد ريكاردو سفير اسبانيا بالمغرب، يخبرني فيها بان العاهل الإسباني جلالة الملك فيليبي السادس، قرر منحي وسام الاستحقاق المدني للمملكة الإسبانية، قبل أن يؤكد لي مجددا في لقاء لاحق، أن هذا التوسيم يندرج في سياق تثمين كل المبادرات والأعمال البناءة ، التي تخدم وتعزز مجريات التعاون الذي يجمع بين المملكتين على مستويات عدة ، وضمنه قطاع الاتصال والإعلام، وانه اعتراف من السلطات الإسبانية بأهمية العمل الذي ينجز في هذه الواجهة الحيوية ، بتعاون بين وزارة الاتصال ومصالح السفارة الاسبانية في الرباط ، حيث ظل هذا العمل المشترك قائما وفعالا حتى في ظروف صعبة. ويمكن أن نعلن اليوم أن مساعينا وتدخلاتنا وعملنا في إطار هذا التوجه المشترك ، قد نجح في جعل وسائل الإعلام الإسبانية والمغربية، تواكب مسلسل التعاون بين المملكتين بنوع من الروح الإيجابية والبناءة، وتسهم بالتالي في خدمة الإرادة المعلنة في توفير فرص اكبر لتفاهم أفضل بين البلدين . وفي هذا السياق لابد أن أشير إلى العدد المتزايد لأعداد الصحفيين الإسبان الذين يتوافدون على المغرب، لإنجاز مهامهم الإعلامية في ظروف جيدة ومناسبة، تضمن لهم حرية التحرك في عموم تراب المملكة، واستقلالية تامة في عملهم، وتسهيلات من مختلف القطاعات الحكومية المعنية بمهمتهم، مما يؤكد انفتاح بلدنا على وسائل الإعلام الأجنبية، والتزامه الثابت باحترام كل عمل صحفي، يتسم بالمهنية والأمانة والنزاهة والموضوعية، كيفما كانت مرجعيته. لذلك لا أملك اليوم، وأنا أحمل هذا الوسام من دولة عريقة وصديقة لبلدي، إلا أن أعبر عن خالص مشاعر الامتنان والشكر والعرفان للعاهل الاسباني جلالة الملك فيليبي السادس، وللحكومة الإسبانية، وكذلك لكل المسؤولين الحكوميين الإسبان، الذين كان لهم دور وإسهام في تحقق هذا التوسيم . على أن مشاعري في هذه اللحظة الخاصة، تتجه بي أيضا إلى استحضار فضل سيدنا صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، الذي سأظل وفيا ومخلصا للثقة الغالية التي أحاطني بها جلالته، حين تفضل وعينني على رأس مديرية الاتصال بوزارة الاتصال عام 2009، وهو التكليف الذي أتفانى في الوفاء بمتطلباته، وما يقتضيه من حسن القيام بمهامنا على النحو الصالح ، والإسهام على مستوى الإتصال والإعلام في تعزيز إشعاع صورة المملكة ومكانتها بين الأمم، وتنمية شراكاتها، وتفعيل التزاماتها الدولية في كل ما له صلة بالممارسة الإعلامية وبوسائل الاتصال، في حدود ما هو موكول إلينا من مسؤوليات ومهام . أيها الحضور الكريم، يجمعنا اليوم باسبانيا حاضر تتعدد مجالات التعاون والشراكة فيه، كما جمعتنا بالأمس مع هذا البلد الجار، حقب من التاريخ، نعرف جميعا طبيعتها وسياقاتها وملابساتها. لقد عبرنا معا تاريخا طويلا من العيش المشترك، في ظلال وضع حضاري تعايشت فيه الديانات السماوية الثلاث، بكل مرجعياتها وروافدها الثقافية والإنسانية، رغم ما طبع هذا التاريخ من مراحل صعبة بعضها لم يخل من آلام. لكن واقع الجوار القريب ظل يفرض قناعته، بان لا مناص من التقارب والتكامل والتعاون، ليس فقط صيانة للماضي المشترك، أو حرصا على طي حقب ولت، وهما على كل حال هدفان نبيلان، بل لأن التقارب والتعاون أصبحا ضرورة ملحة، وخيارا مصيريا، يضمن حق الأجيال القادمة للمملكتين في تقاسم ثمار السلم والعلم والتنمية والخيرات المشتركة. وها نحن نرى أن الامتداد الثقافي والإعلامي والحضاري لإسبانيا، يتموقع جغرافيا ومنذ زمن طويل بعيدا عنها بآلاف الأميال في أمريكا اللاتينية، والحالة أن المغرب هو أقرب جار لها على مسافة دقائق قليلة، وبه قرابة أربعة ملايين مغربي يتحدثون اللغة الاسبانية ، ويجعلون من المغرب أول بلد يتكلم هذه اللغة بإتقان على امتداد الخريطة العربية . لذلك سأكرر أمامكم اليوم، ما أردده عادة على مسامع الصحافيين والمثقفين الإسبان حين التقيهم، ذلك أنني أرى أنه في علاقة المغرب وإسبانيا، يتعين أن نصغي إلى لغة الجغرافيا أكثر من التوقف طويلا عند صفحات التاريخ، بمعنى أن منطق الجغرافيا ينبغي أن يسمو على بعض ترسبات التاريخ، وهذا تصور يتطلب مزيدا من العمل الجاد والصبور والمبدع، من أجل تجاوز بعض الصور النمطية التي مازالت عالقة بجزء لا يستهان به من الذاكرة المشتركة للبلدين وبتمثلات المخيال الثقافي والمجتمعي المرتبط بها، وتلك مهمة النخب الفكرية والسياسية والاقتصادية، والمؤرخين ورجال الثقافة والإبداع في البلدين. وإنه لأمر يدعو إلى التفاؤل أن نرى اليوم، دينامية جديدة ومكثفة من التعاون بين المملكتين، تتعزز وتتقوى في مجالات حيوية وإستراتجية، وتعطي ثمارها، وتفتح أفقا جديدا يستحق بلدانا أن ينجحا فيه، من أجل صيانة الحاضر وبناء المستقبل. شكرا للضيوف الأعزاء الذين زادوا من سعادتي وشرفوني بحضورهم هذا الحفل البهيج، من وزراء عملت تحت إشرافهم وقريبا منهم،عبر ولايات حكومية مختلفة، وكذا مسؤولين سامين، وناشرين وصحفيين مرموقين، أعتز بالأواصر والصلات الطيبة والعلاقات المهنية، التي تجمعني بهم .لقد كان لحضوركم جميعا الوقع المؤثر في نفسي. والشكر مجددًا لسعادة السفير الاسباني السيد ريكاردو دييز هوشليتنر، ولكل أعضاء السفارة الاسبانية بالرباط،و على ما بذلوه من جهد وما قاموا به من ترتيبات، لأجل تنظيم وإنجاح هذا الحفل، الذي أضفوا عليه كل مظاهر الأناقة والحميمية. ولتحيا الصداقة المغربية الإسبانية، من اجل الخير والسلم والتضامن.