تشنج كبير، ذلك الذي يلوح في الأفق بين هيئة الدفاع، وبعض المحسوبين على لجنة «المعتقل» التابعة لطلبة كلية العلوم، مع انطلاق أشواط الجولة الثانية من محاكمة ثمانية طلبة معتقلين على خلفية ما يسمونه ب«الثلاثاء الأسود»، بعد أن كانت المحكمة الابتدائية قد أدانت أربعة منهم بستة أشهر وأربعة آخرين بسنة كاملة، في أعقاب أحداث شغب عرفتها كلية العلوم ومحيطها يوم 15 مارس المنصرم، وأفضت لمجموعة اعتقالات لكن تم الاكتفاء بمتابعة تسع طلبة، واحد منهم لم يعتقل بعد، وفق مصادر مقربة. الجولة الثانية من المحاكمة تنطلق في ظل جدل كبير، وتأزم بين الطلبة وهيئة الدفاع، التي كانت قد وقفت لجانب المعتقلين خلال المرحلة الابتدائية، إذ فوجئ الرأي العام، ومعه عشرات من المحامون المتطوعون للدفاع عن المعتقلين، ببيان عن لجنة تسمي نفسها ب«لجنة المعتقل»، تلغي جميع التوكيلات وتمنع المحامين من الاستمرار في الدفاع عن المعتقلين، بدعوى أن هناك محاولة لتسييس القضية والركوب عليها. وذهبت اللجنة حد ذكر المحامون موكلون للقيام بالدفاع عن الطلبة، وحصرتهم في خمس أو ست أسماء فقط، ملغية بذلك باقي الانتدابات، بل وهدد بيان اللجنة كل المحامين الذين سيحاولون التطوع للدفاع عن المتهمين، وهو ما أثار استغراب الكثيرين، وخاصة أحد قيدومي المحامون والذي كان من أول من بادر للدفاع عن المجموعة المعتقلة ذ. كمال المهدي، الذي عبر في تدوينة له عن خلفيات إقصاء المحامين «الرواد» من الدفاع عن المعتقلين، وربط ذلك بتدخل جهات تريد تقزيم الملف وطيه بصمت. التوجه نفسه، عرفته تعليقات ومنشورات على المواقع الاجتماعية، التي رأت في ذلك «خطة» من طرف بعض الجهات، وتواطؤ من طرف أعضاء ما يسمى بلجنة المعتقل، التي علقت قرارها بمحاولة التسييس في إشارة لتواجد عدد كبير من المحامين الاتحاديين ضمن هيئة الدفاع، وعقدهم في وقت سابق لندوة صحفية للكشف عن أسرار وكواليس المتابعة، وما تعتزم هيئة الدفاع القيام به في مرحلة الاستئناف. بل إن الأمر وصل للتراشق بالكلمات والسب أحيانا، بين طلبة ينتمون لكليات أخرى وأعضاء هاته اللجنة، وعلى رأسهم طلبة كلية الآداب والكلية المتعددة التخصصات، الذين أهينوا من طرف بعض المحسوبين على فصيل طلابي بكلية العلوم، يريد فرض سيطرته وسلطته وقراراته على الجميع، بحيث رد الطلبة في تعليقاتهم بحزم وبقوة ضد السب الذي طالهم من طرف «مناضلين» محسوبين على ذلك الفصيل، الذين وصفوهم ب«الشمايت» لكونهم لم ينساقوا وراد دعواتهم لهم بمقاطعة الدراسة تضامنا معهم، في حين كان طلبة الآداب والكلية المتعددة التخصصات، قد شاركوا في وقفات احتجاجية تضامنية وساندوا المعتقلين يوم محاكمتهم، لكنهم رفضوا مقاطعة الدراسة، وهو ما لم يعجب الفصيل المذكور. وقال مصدر من هيئة الدفاع التي آزرت الطلبة في خلال الجلسات الابتدائية، إن التوكيل لم يكن قط في مثل هاته المناسبات هو المحدد لقيام المحامي بمهام الدفاع عن المعتقلين، وأشارت مصادر أخرى لكون المحامين المقصيين من الانتدابات عمدا، في غالبيتهم ينتمون لأحزاب سياسية أو تنظيمات حقوقية معروفة، والهدف الأساسي هو تقزيم الملف وجعله يمر ب«سلام» ولو على حساب الطلبة الموقوفين لفائدة جهة لم يكشف عنها بشكل مباشر. وينتظر أن تعرف أطوار جلسات الاستئناف التي انطلقت أولاها يومها الإثنين، تشنجات ومعطيات ومفاجآت وعد بعض المحامون بكشفها، خاصة في ظل الأزمة القائمة بين هيئة الدفاع ولجنة المعتقل، المصرة على أن لا يقوم بالدفاع عن الطلبة المعتقلين سوى المحامين الموكل لهم هذا الأمر، في حين لم يكشف آباء وآولياء الطلبة المعتقلين عن أي موقف اتجاه القرار، رغم أنه أسند لهم، وقال مصدر مقرب من أسر بعض الطلبة المعتقلين، أنه لا علم لهم بالموضوع، وأنهم ينصاعون في الغالب لقرارات اللجنة، اعتقادا منهم أنها تخدم مصالح أبنائهم، وأنهم سيراجعون قراراتها في حال بروز أي مستجد. مصطفى العباسي