الدفع بالأجيال الجديدة من المهاجرين المغاربة إلى الاقتداء بالجيل الأول من المهاجرين، من حيث إنهم نجحوا في أن يكونوا «عنصر استقرار وبناء للمجتمعات المحتضنة»، إنه الهم الأبرز، الذي يحرك في الفترة الحالية مجلس الجالية المغربية بالخارج. وهذا تحديدا ما أكده الأمين العام للمجلس، عبد الله بوصوف، ل"الأحداث المغربية"، في تصريح بمناسبة افتتاح معرض «المغاربة: مهاجرون ورحل» بالمكتبة الوطنية بالرباط يوم الأربعاء 20 أبريل 2016 بحضور سياسيين و ودبلوماسيين أجانب ومسؤولين دينيين بمدينة تولوز الفرنسية يتقدمهم مونسينيور أسقف تولوز روبير لوغال. إذ شدد بوصوف في تصريحه على أن «المهاجرين المغاربة وعلى مدى تاريخ الهجرة المغربية، نجحوا على الدوام في بناء جسور التواصل والثقة مع مجتمعاتهم المستقبلة. كما أنهم تمكنوا من إرساء قواعد العيش المشترك مع الآخر بشكل أكثر من إيجابي».
وزاد بوصوف موضحا :«ومثلما كانت الهجرة المغربية باستمرار قيمة مضافة، نرغب في أن يندمج الشباب المغربي المهاجر في الوقت الحالي في هذا المعطى التاريخي ليكون فعلا قيمة مضافة للمجتمعات التي يعيش بينها، ويكون عنصر أمن وتطور واستقرار وليس مصدر قلاقل». وأكد بصوف على أنه وبالرغم من كافة المتغيرات السوسيوثقافية والسياسية والإكراهات الحياتية، التي تعيق الاندماج السلسل والسليم للمغاربة في مجتمعات الهجرة في الوقت الراهن، فإن «التفاؤل في تجاوز هذه الفترة الحرجة للمهاجرين المغاربة هو موجود بالنظر إلى تفاؤلنا بأن الحياة ستتغلب على دعاوى الموت وما تحتمله من فكر تيئيسي وتبئيسي. وأيضا، هو التفاؤل الذي يستمد شرعيته من أن المغاربة شعب يحب الحياة ويبنيها وبالتالي لا يمكنه أن يكون هداما لها. وما اشتغالنا الحالي إلا بغاية التحسيس بهذا المعطى الأساس، الذي يشكل محركا حيويا لعملنا حيال الجالية وخاصة الأجيال الجديدة من المهاجرين، لتعريفهم بالطبيعة الحقيقية والأصيلة للهجرة المغربية الممتدة عبر الزمن». وعبر عبد الله بوصوف، عن اليقين الكبير في أن إبراز الهجرة المغربية كعنصر بناء واستقرار للمجتمعات المستقبلة، يشكل أحد المداخل الأساس أولا لتغيير نظرة البلدان المحتضنة للمهاجرين المغاربة، بالنظر إلى الربط الأوتوماتيكي القائم حاليا بين الهجرة والإرهاب، وثانيا، لحث المهاجرين المغاربة إلى الاقتداء بالنموذج البناء للمهاجرين الأسلاف. أما الوزير المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، أنيس بيرو، فأشار من جانبه، خلال كلمة ألقاها بالمناسبة، إلى أن المجتمع المغربي تأسس على الهجرة. وزاد مؤكدا الرسالة، التي يتوخى المعرض تبليغها حول إيجابية الهجرة المغربية، إذ قال: «المهاجر المغربي إنسان معطاء، ساهم في بناء الإنسانية وساهم في استقرار مجتمعات الاحتضان بفضل قدرته العالية على الاندماج والتفاعل الإيجابي مع الآخر. وكان بحق عنصر استقرار وازدهار. والربط الحالي بين الهجرة أو المهاجر والإرهاب لا ينطبق أو يمت بصلة للمهاجر المغربي. بل ما يحدث اليوم هو غريب عن الإنسان المغربي. لذلك، نتوجه بالدعوة إلى أبنائنا في المهجر إلى مواصلة العيش في ظل نفس الروح». ويقدم معرض «المغاربة : مهاجرون ورحل»، الذي تحتضنه المكتبة الوطنية على مدى شهر إلى حدود 20 ماي 2016، تأريخا للهجرة المغربية من خلال رسم مسارات متعددة ومتنوعة لمجموعة كبيرة من المغاربة شكلوا وجوها ورموزا للهجرة المغربية عبر التاريخ، وبصموا مجالات حياتية متعددة، أثروا من خلالها الموروث الإنساني بشكل عام. بداية من جوبا الثاني، أول مهاجر مغربي ينشد العلم وأول من دشن لزواج مختلط، ومرورا بكل من الشريف الإدريسي وابن بطوطة، وانتهاء بشخصيات وأسماء معاصرة راحلة وأخرى حية أثرت كلها في العالم. وإلى ذلك، من المرتقب أن يجوب المعرض، الذي ساهم في إنجازه عدد من الباحثين والمؤرخين والأكاديميين بهدف حفظ ذاكرة الهجرة المغربية كجزء من الذاكرة الجماعية، (من المرتقب أن يجوب) مجموعة من المدن الأوروبية ضمن برمجة خاصة مثلما أكد ذلك عبد الله بوصوف ل"الأحداث المغربية".