بعد بيانها الناري عقب أحداث تازة التي اتهمت فيها الحكومة أطرافا بعينها بمحاولة تسييس مطالب احتماعية، هاهو عبد الإله بنكيران ينتقذ مباشرة جماعة العدل والإحسان، وهي التي غازلته مباشرة بعد تعيينه رئيسا للحكومة وراسلت حزبه وحركته التوحيد والإصلاح. بنكيران في حوار صحفي مع يومية «الشرق الأوسط» نشر أمس الخميس، وجه رسالة لجماعة الشيخ ياسين، وقال إن «المرحلة الحالية هي مرحلة النوايا الحسنة. إن الإخوة في جماعة العدل والإحسان يقولون أن هذه الأشياء لا فائدة ترجى منها وربما يذهب البعض منهم في اتجاه تأجيج الأوضاع. فمنطق التأجيج ومحاولة الركوب على الإشكاليات الإجتماعية الموجودة في المجتمع والتي جئنا إلى الحكومة لكي نعالجها، هي أشياء غير مقبولة..». ولم يكتف بنكيران بذاك، بل قال بلغة صريحة للجماعة التي عملت على صب المزيد من الزيت على نار هذه الأحداث في تازة، ولعبت دور المحرض على أعمال العنف، و«تهييج» السكان للخروج في مسيرات احتجاجية، «أقول للإخوة في جماعة العدل والإحسان رسالة مفادها أنه «لا يجوز اللعب بالنار». وعلى ذوي النوايا الحسن تقديم يد العون لتجاوز المرحلة. وردا لم يستطيعوا فعل ذلك فليستكينوا للهدوء وليمنحوا الحكومة وقتا». ولأن للعدل والإحسان تقديرها للوضع السياسي في المغرب فإن بنكيران أكد من جديد للجماعة أن «المغرب يتحسن، فمغرب اليوم ليس هو مغرب السعينيات من القرن الماضي، هل وضعية جماعة العدل والرحسان اليوم هي نفس الوضعية التي كان فيها السيد عبد السلام ياسين محاصرا في بيته.«، وأضاف إنه «في سياق المقارنة بين المغرب وبين تونس السيد عبد السلام ياسين لم يكن معتقلا أو كان منفيا في بريطانيا مثل السيد راشد الغنوشي. فياسين كان يعيش بطريقة محترمة في بيته لائق بكثير، وجماعته تعقد جلساتها ولقاداتها وعندها مصالحها، وهذه كلها أشياء مفهومة ومعروفة». ولأن هدفها كا تقول تغيير النظام، فإن بنكيران حذرهم من مغبة ذلك، وقال «على الإخوة في العدل والإحسان أن يفهموا ويعرفوا أن هذه البلاد قائمة على أسس، وأن هذه الأسس إدا أرادوا أن يتحاوروا في إطارها ويتمتعوا بحقوقهم فإنهم مرحب بهم، ولكن إدا كانوا يتصورون أن الدولة ستترك أحدا يروم تقويضها بطريقة أخرى فإنهم مخطئون»، ويضيف أنه «حتى تكون الأمور واضحة مع الإخوان في العدل والإحسان وغيرهم حتى لا يظنوا أن المغرب دولة يمكنها أن تهتز وأنها لم تعد فيها مسؤولية، بل على العكس المغرب له رجالاته الذين سيدافعون عن الأسس التي قام عليها وإدا كان الإخوان غير واعين بهذه الأشياء ويدون مواصلة الإنتظار فذلك أمر يهمهم ولهم واسع النظر»، الأسس التي تقوم عليها البلاد مجموعة إدا مست يجب تحمل مسؤولية ذلك في إطار القانون». رغم مغازلتها للعدالة والتنمية بعد تعيين بنكيران رئيسا للحكومة، فإن الجماعة سعت لاشعال النار في مختلف المدن، ذلك ما تم مؤخرا في تازة، وقبل ذلك في بن جرير. كل ذلك من تدبير أيادي خفية لعبت فيها الجماعة دورها، فهي التي صارت تبحث لدفع القوات الأمنية للتدخل ضدها لتراق الدماء وتسقط الأرواح لأن ذلك يخدم أجندتها المرحلية، لأن هدف الجماعة هو ما تسميه «تغيير النظام». ولذلك فإنها حين وجدت نفسها في حركة 20 فبراير مسيجة بسقف محدد من المطالب فكت ارتباطها بمكوناتها، واختارت استراتيجية «خط الشارع» ولأنه في نظرها «التغيير من داخل المجتمع وضغط الشارع هو أكثر فاعلية من العمل من داخل المؤسسات». رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، سبق أن دعا الجماعة للانخراط في العمل السياسي من داخل مؤسسات الدولة، وجاء الرد سريعا من مجلس إرشاد جماعة الشيخ ياسين إلى المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح والأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية. رسالة العدلويين ردت الصاع صاعين إلى إخوان البيجيدي، ورفضت الجماعة اقتراح العدالة والتنمية لتؤكد من جديد تمسكها بموقفها من المؤسسات، بل حملت المسؤولية للعدالة والتنمية لأن في نظرها «تزكيته ودفاعه عن هذا الدستور كانا مساهمة في الالتفاف على المطالب الحقيقية للشعب، ومساهمة كذلك في تضييع فرصة ليست بالهينة». «الحديث عن المؤسسات وتعددها واختصاصاتها في ظل الحكم الفردي ومشروعه السلطوي الاستبدادي ضربا من الخيال» تقول رسالة العدل والإحسان، لذلك وصفت «العمل من داخلها وفق شروطه وابتزازه مخاطرة سياسية بل انتحارا حقيقيا». الجماعة أكدت أنها تختلف مع إخوان المصباح، وأعادت الكرة إلى مرماهم لأنها تعتبر أن «المؤسسات .. هي في واقعنا المغربي هوامش على متن الاستبداد، وديكورات لتزيين الحكم المخزني»، وخاطبتهم بالقول «إنكم خبرتم هذه المؤسسات وكيف يتلاعب بها قبل الدخول إليها وأثناء العمل فيها، وجربتم –إلى حد ما– سطوة وجبروت الماسكين بخيوطها». رغم أن مرجعيتهما واحدة، لكن العدل والإحسان تختلف عن العدالة والتنمية، فالجماعة قد تكون لها أجندتها الخاصة وتجييش الشارع المغربي عن طريق زرع الفتيل في احتجاجات المعطلين والعمال في انتظار «القومة» الموعودة، فيما العدالة والتننمةمن موقعها الحكومي لها أجندتها بدورها وستسعى للوفاء بوعودها للناخبين.