سارع الحرس الثوري الإيراني الى شجب إعدام رجل الدين السعودي الشيخ نمر النمر قائلا "لا شك أن النظام السعودي الكريه سيدفع ثمنا لهذه الفعلة الشائنة." وبالنسبة لجهاز يشارك بقوة في الصراعين في سورياوالعراق فإن هذا التهديد لا يبدو فارغا على الأقل في أعين دول الخليج العربية السنية مثل السعودية التي تقول إن منافستها إيران الشيعية عاقدة العزم على تقويض أمنها. ولا يمثل تنديد الحرس الثوري الغاضب دعوة لصراع مباشر مع الرياض وهو أمر لا تريده الدولتان. لكن هذه تذكرة لدول الخليج بأن الحرس الثوري الذي لديه اتصالات في السعودية ودول أخرى بالمنطقة لديه أساليب كثيرة ليخوض الحرب الباردة الطويلة بين طهران وخصومها العرب. وتنفي طهران التدخل في شؤون دول عربية. لكن فيلق القدس جناح الحرس الثوري الذي يعمل خارج البلاد ساهم بمقاتلين وأسلحة وإمدادات عسكرية لحماية مصالح إيران وسياساتها في أجزاء مختلفة من المنطقة. ويثير هذا الاحتمال القلق في منطقة تنطوي الصراعات أو الأزمات السياسية فيها من لبنان الى سوريا واليمن والعراقوالبحرين على وكلاء للخصمين الإقليميين. وبعد يوم من إصدار الحرس الثوري بيانه الذي وصف حكام السعودية بأنهم "رعاة للإرهاب وبغيضون ومعادون للإسلام" قطعت الرياض العلاقات الدبلوماسية مع طهران مما صعد المنافسة على النفوذ التي تلعب دورا أساسيا في اضطرابات المنطقة. ولا توجد دلالة مؤكدة على أن القيادة الإيرانية المنقسمة على نفسها قد اتفقت على المدى الذي ستذهب اليه في الثأر لإعدام النمر – الذي كان بين 47 شخصا أعدمتهم السعودية يوم السبت – والأساليب التي ستلجأ لها. لكن خبراء يقولون إنه مهما كانت الخطوات التي ستتخذها فإن من المرجح أن يلعب الحرس الثوري دورا وإن كان يرجح أن يكون دورا تخطيطيا وليس مشاركة مباشرة. وقال هلال خشان الأستاذ بالجامعة الأمريكية في بيروت "لن يرد الحرس (الثوري) مباشرة." منافسة ويقول خشان "لهم عملاؤهم ورجالهم واتصالاتهم في كل مكان بالمنطقة الذين سيردون على ما فعله السعوديون وسيصعدون. إيران في موقف قوي جدا للرد في المنطقة الشرقية بالسعودية. كما تستطيع فعل الكثير في البحرين." ويقول خبراء إن الأصوات المعتدلة من الجانبين لا تريد تصعيد الموقف الى صراع شامل. لكن الخصمين يتنافسان عادة بطريقة غير مباشرة من خلال حلفاء وهو ما يجعل من الصعب التكهن بما سيحدث في هذه المنافسة. ربما يتشجع بعض وكلاء إيران بفعل التصريحات القوية الصادرة من طهران لينفذوا هجمات دون أن يعطيهم الحرس الثوري الإذن بذلك. وقال علي فائز كبير محللي الشؤون الإيرانية بمجموعة الأزمات الدولية "لا يريد الجانبان خروج التوترات عن نطاق السيطرة. الأرجح أن يمنعا تحول هذا الصراع البارد من التدهور الى صراع ساخن." ومضى يقول "لكن التوترات بلغت مستويات مرتفعة جديدة في الوقت الحالي أكثر من أي وقت مضى وهي تهدد بمواجهة مباشرة غير مقصودة." ويقول خبراء إن فيلق القدس اكتسب خبرة عسكرية قيمة في السنوات الأخيرة ويلعب الآن دورا مهيمنا داخل الحرس الثوري الإيراني. في بعض الحالات خاض مقاتلو الحرس ووكلاؤهم من المقاتلين الشيعة معارك ضد جماعات سنية تدعمها السعودية مباشرة في سورياوالعراق. ويشير خبراء الى أن الحرس الثوري كون شبكات معلومات بين السكان الشيعة في دول الخليج. ويقولون إن لديه القدرة على تقويض مصالح السعودية وحلفائها من خلال استغلال الشيعة المتعاطفين في إثارة الاضطرابات السياسية أو المشاركة في هجمات عنيفة. وهناك عدد غير قليل من الشيعة في المنطقة الشرقية بالسعودية بينما أغلبية سكان البحرين من الشيعة ويعيشون في مملكة يحكمها السنة. وتركزت انتفاضة اندلعت في البحرين عام 2011 وتم إحباطها على الحصول على المزيد من الحقوق الديمقراطية للشيعة بالبلاد. وحذر الحرس الثوري في بيانه من أن شباب ومسلمي السعودية "سينتقمون بقسوة" وهو ما سيؤدي الى سقوط الحكومة السعودية. وبوسع الإيرانيين ايضا إحياء مشاعر الاستياء التي حركت انتفاضة البحرين. خط أحمر وقال دبلوماسي غربي في بيروت طلب عدم نشر اسمه "أعتقد أن الإيرانيين يظنون أن بوسعهم تحقيق انتصار في البحرين وهو ما سيكون خطا أحمر بالنسبة للسعوديين." وأضاف "جزء رئيسي من الخطاب الإيراني هو أن البحرين دولة ذات أغلبية شيعية تعاني من القمع ولا يسمح فيها بالديمقراطية." وصدرت معظم التصريحات الإيرانية القوية عن جماعات متشددة مثل الحرس الثوري التي انتقد بعضها ايضا الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران مع القوى العالمية العام الماضي بهدف رفع المزيد من العقوبات المفروضة على البلاد. ولن يسعد الرئيس الإيراني البراجماتي حسن روحاني بمزيد من العزلة الدبلوماسية بعد أن سعى بمباركة الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي الى عقد الاتفاق لتوسيع نطاق العلاقات الإيرانية مع المجتمع الدولي. وتمكن روحاني من تطبيع العلاقات مع الغرب نوعا ما من خلال الاتفاق النووي واستهل العام الجديد بتغريدة على موقع تويتر تنم عن تفاؤل عبر فيها عن أمله في أن تتمكن الدول في 2016 من "البحث عن أسباب لتحقيق السلام وليس ذرائع للعداء." والآن وبينما يواجه أكبر أزمة دبلوماسية في عهده ربما لا يتمكن روحاني من إقناع الحرس الثوري بخفض أنشطته العسكرية لصالح الدبلوماسية. ويمكن أن يدفع هذا الحرس الى دعوة حلفائه داخل السعودية لشن هجمات عنيفة. وقال علي الفونه كبير الباحثين في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات والخبير في شؤون الحرس الثوري "اذا أراد الحرس الثوري استخدام الإرهاب على الأراضي السعودية للانتقام من آل سعود فإن من المرجح أن يجد الحرس سهولة في العثور على مجندين بين الشيعة في السعودية." ويرى خبراء أن من غير المرجح أن يفعل الحرس الكثير للإضرار بالمصالح السعودية في سوريا أو العراق. لكن التصريحات القوية المناهضة للسعودية والصادرة من إيران قد تدفع بعض الفصائل التي دربتها وسلحتها طهران على التحرك بمفردها. أفراد فصائل غاضبون وقال الدبلوماسي الغربي في بيروت "صنعت إيران فرانكنشتاين من الميليشيات الشيعية في العراق." وأضاف "حين تظل تؤكد على فكرة أن السعودية ووكلاءها يقمعون الشيعة ويكون لديك رجال الميليشيات الغاضبون فإنهم في إحدى المراحل سيخرجون عن نطاق سيطرة إيران. يظل دائما خطر هذا النوع من التصعيد قائما." ويقول خبراء إن بوسع السعوديين من جانبهم أن يزيدوا دعمهم المالي والعسكري للجماعات السنية المسلحة في العراقوسورياولبنان للتصدي للتهديد الإيراني. لكن الخبراء يرون أنه سيكون من الصعب أن ينتصر السعوديون في مواجهة سياسية ودبلوماسية مع إيران. وقال خشان من الجامعة الأمريكية في بيروت "مسألة أن السعوديين قرروا قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران تعني أنهم يعتقدون أنهم مستعدون لمواجهة شاملة مع إيران." وأضاف ليس هناك ما يمكن أن يفعله السعوديون لزعزعة استقرار إيران بينما لدى الإيرانيين على الجانب الآخر كل السبل الممكنة لزعزعة استقرار السعودية وغيرها من دول الخليج خاصة البحرين."