ينتمي اينيو موريكوني الى السينما بقدر انتمائه الى الموسيقى. فهو مؤلف موسيقي ولكن بصمته في السينما لم تكن عابرة. صعد نجمه مع سيرجيو ليوني في الستينات عندما وضع موسيقى "سباغيتي ويسترن" التي اشتهر بها الاول. ومن هناك أكمل مسيرته في افلام تزخر بها خزانة السينما الايطالية الفنية . قلة هم موسيقيو الافلام الذين تركوا اثراً وموريكوني في مقدمهم مع برنارد هيرمن الذي يمكن اعتباره منافسه شبه الاوحد. "حفنة من الدولارات" كان اول تعاون بين الموسيقي وليوني في العام 1964. ما إن تسترجع نغمات قليلة حتى تعود اليك موسيقى الفيلم. ولكن بعيداً من الجملة اللحنية الاساسية، استخدم موريكوني موسيقى غيو اوركسترالية من اصوات سياط واجراس كنائس عبرت عن ميله الشخصي الى التجريب. لقد حمل الموسيقي تجربته الى السينما وطوعها لمناخات الافلام. فمن لا يذكر صون الهارمونيكا الملازم لتشارلز برونسن في "حدث ذات مرة في الغرب"؟ بعيداً من الويسترن، كتب موريكوني الموسيقى لسينما الرعب مع افلام داريو ارجنتو مشتغلاً بمزيج من الجاز والتهويدات واصوات غير لحنية. في الستينات والسبعينات عمل الموسيقى مع صفوة السينمائيين الايطاليين الطالعين من امثال برناردو بيرتولوتشي وبيير باولو بازوليني، ايليو بيتري وماركو بيلليكيو وآخرين. نادراً ما اشتغل في افلام غير ايطالية باستثناء "ايام الجنة" لتيرينس ماليك و"المهمة" لرولان جوفيه و"باغزي" لباري ليفينسن. من اعماله الحديثة "اسطورة 1900″ و"مالينا" لجوسيبي تورناتوري اضافةً الى مقتطفات من مؤلفاته القديمة في "اقتل بيل" لكوينتن تارانتينو. هنا مقتطفات من حوار أجرته معه مجلة "سايت اند ساوند" في عدد يوليوز الفائت. كيف دخلت مجال التأليف الموسيقي للافلام؟ عندما كنت ادرس التأليف الموسيقي في روما لم افكر ابداً في انني سأصبح مؤلفاً موسيقياً للافلام. ولكن كان علي ان اكسب عيشي لذلك بدأت بالعمل على مقطوعات للمسرح والاذاعة والتلفزيون وقد أغراني في ذلك العمل انه اتاح لي العمل مع اوركسترا. تلك المرحلة كانت بمثابة اكتشاف الذات وسمحت لي بأن اكون تجريبياً وجريئاً. وذلك ما لفت انتباه بعض السينمائيين الي فبدأ العمل وأحببته. كيف تؤلف الموسيقي لفيلم ما؟ يجب ان تتكون لدي فكرة واضحة عن نبرة الفيلم ومزاجه. استنبطهما من نظرة المخرج الى القصة ومن السيناريو والمعالجة وأحياناً من رؤية بعض الصور. ولكنني لا اشاهد اية مشاهد من الفيلم قبل البدء بالعمل. كتبت موسيقى "حفنة من الدولارات" قبل تصوير الفيلم والمعروف ان سيرجيو ليوني بثها من خلال مكبرات صوت اثناء التصوير. فكرة من كانت وضع الموسيقى قبل الفيلم؟ سيرجيو طلب مني تأليف الموسيقى وتسجيلها قبل التصوير. لاحقاً اكتشفت انه بثها اثناء التصوير. هل تتدخل عادة في الشق غير الموسيقي للشريط الصوتي؟ اترك ذلك للمخرج، مهندس الصوت وتقنيي المؤثرات الخاصة. فكرتي عن الموسيقى انها يجب ان تُسمع بصفائها من دون تدخل اصوات اخرى. فيلم واحد فقط أنجزت له الشريط الصوتي بالكامل وكان L'ultimo uomo di Sara لفيرجينيا اونوراتو وكنت حينها اعمل على مشروع "الموسيقى الملموسة" (concrete music) حيث كل صوت يعد موسيقى. ما الفرق بين عملك في الافلام وبين تأليفك الموسيقي الآخر؟ انهما عالمان مختلفان تماماً. موسيقى الافلام خاضعة لمجموعة تأثيرات منها المخرج والفيلم وأذن الجمهور. اما عملي الآخر فليس خدمة اقدمها بهدف خاص. انه نابع من شعوري بالحاجة اليه. هل تؤلف بالتعاون مع موسيقي آخر؟ من وجهة نظري، هذا سؤال مهين ولكنني اعرف لماذا تسأله. الى حد علمي، لم يقم بيتهوفن او باخ او سترافينسكي بدعوة مؤلف موسيقي آخر ليشاركه العمل. اذا كنت اسمي نفسي مؤلفاً، فعلي ان اتبع كل خطوة. لا أفهم كيف قد يكون لبعضهم مساعدون ينهون لهم العمل! كيف تتعامل مع الافلام التي تدور احداثها في حقبة زمنية سابقة مثل "المهمة" لجوفيه؟ لهذا الفيلم معطيات خاصة. فشخصية "الاب غابرييل" تلعب الاوبو وتالياً كان علي كتابة مقطوعات موسيقية للأوبو. ثانياً الفيلم يدور في العام 1750 فأخذت بالاعتبار وضع الآلات الموسيقية وقتذاك ولا ننسى المقطوعات الموسيقية الدينية للفيلم. ماذا عن تعاونك مع داريو ارجينتو؟ تعاونت مع ارجنتو في افلامه الثلاثة الاولى الشهيرة: The Bird with Crystal Plumage، The Cat O'Nine Tails وFour Flies on Grey Velvet. بعد ذلك افترقنا لسنوات طويلة لأن داريو ووالده سالفاتور(منتج افلامه وقتذاك) اعتقدا ان موسيقى الافلام الثلاثة متشابهة بينما وجه الشبه بينها انها تعتمد على التجريب والاصوات غير الموسيقية. بعد سنوات طويلة اكتشفا خطأهما ليطلب الي داريو العمل مجدداً على فيلميه The Stendhal Syndrome وThe Phantom of the Opera. كمؤلف موسيقي مرموق في مجال السينما تستطيع اختيار افلامك. ما هي المقاييس؟ أختار مخرجين اعرفهم واقدر اعمالهم. اذا اتصلوا بي وكان لدي الوقت الكافي لأقوم بالعمل فإنني اقبل العرض. علامَ تعمل الآن؟ اكتب موسيقى فيلم تارانتينو الجديد الجميل La Sconosciuta الذي شاهدت الى الآن نصفه. https://www.youtube.com/watch?v=PXR-Sp63JVM&feature=youtu.be