سقوط الشاطر أحيانا يكون أسهل من سقوط البليد أو الغبي، كذلك بدا سقوط واحد من اللصوص الشطار في يد الشرطة بتطوان، حينما قامت فرقة امنية بمرتيل بالضبط، من توقيفه متلبسا في واحدة من اهم عمليات السرقة التي كان بصدد القيام بها. اللص الشاب القادم من مدينة جنوبية مغربية، كان يترصد بضحاياه، أو بالأحرى بمنازل ضحاياه الفارغة، بصبر وبثبات يبحث عن المنزل الفارغ بمدينة مرتيل، التي غالبية منازلها فارغة في هاته الفترة من السنة، رغم أنها ممتلئة بالتجهيزات المختلفة، بل أن بعضها تضم نفائس وتجهيزات غالية، تلك كانت هدف اللص، وكان يبحث عنها بطريقته الخاصة. وكان الشاب يتابع عن كثب حالة بعض المنازل، خاصة تلك الواقعة بمناطق راقية بالمدينة، يتتبع الداخل والخارج منها إذا ما كان هناك داخل وخارج، وإن كان في حقيقته يبحث عن الفارغة الممتلئة، وكان ذلك يتسنى له، حيث يتتبع بعض أهدافه ليل نهار، فيعلم من عدم إشعال الأضواء أنها فارغة، فيقوم بذلك بوضع علامة على بابها للتأكد من كونها لم تفتح لأيام، حتى يطمئن لعدم وجود زائر غريب قد يفاجئه في اية لحظة. بتلك الطريقة تمكن من سرقة بعض المنازل، وبقيت هويته مجهولة لمدة، لم يتمكن عناصر الشرطة من الوصول إليه سريعا، فقد كان شاطرا ويختار أهدافه من المنازل "العامرة" كما يقولون. قبل أن يختار منزلا فارغا ويعرف مسبقا أنه ممتلئ جيدا، وبه تجهيزات رفيعة يمكن ان تذر عليه دخلا مهما. ترصدها ومر بالقرب منها عدة مرات، قبل أن يبدء في تنفيذ عمليته في مرحلتين، الأولى من خلال الدخول للمنزل، واختيار ما يمكن أن يسرقه، حيث جهزه وجمعه ووضعه بالمرآب، على أساس العودة لاحقا لنقله. المرحلة الثانية، كانت صبيحة اليوم الموالي، حينما حل بالمنزل في حدود الساعة الثامنة صباحا، مرفوقا بسيارة شحن "فاركونيط"، لأجل نقل مسروقاته "على عينك يا بن عدي" كما يقول المثل التطواني. كان يعتقد أن الخطة ستنطلي على الجيران، وهي خطة نجحت في كثير من العمليات المماثلة السابقة، سواء تلك التي قام بها هو أو غيره، حيث يتظاهر هؤلاء بكونه من أسرة صاحب المنزل، جاؤوا لنقل أمتعته لكونه سيرحل. كادت الحيلة أن تنطلي على الجميع، لكن يبدو أن إحدى الجارات كانت متوجسة وشكت في ما يحدث، وإن كانت كل الظروف لصالح اللص، لكون صاحب المنزل، نقل مؤخرا لمدينة أخرى، وكان يشتغل مسؤولا في جهاز أمني قبل تنقيله، وكان من الممكن أن تنطلي الحيلة بسهولة، باعتبار أنه من أسرته أراد أن يلحق له بعض المستلزمات التي بقيت بمنزله. توجسات وشكوك الجارة كانت في محلها، وهي تهاتف الشرطة التي حلت بعين المكان، من أجل التأكد مما يحدث، وليفاجأ الجميع بجرأة اللص، الذي جاء نهارا جهارا، وبرفقة سيارة شحن، لحمل مسروقاته، ومن منزل مسؤول في جهاز "الديستي"، الذي نقل مؤخرا من مرتيل. ليتم اعتقاله وإحالة على التحقيق للكشف عن مزيد من أسراره، والعمليات التي يمكن ان يكون قد قام بها من قبل. مصطفى العباسي