خلال ليلة افتتاح مهرجان مراكش الدولي للفيلم في دورته الخامسة عشر أمس الجمعة، و بعد الترحيب بالضيوف و الحاضرين، و تقديم لجنة التحكيم و استقبالها ثم دعوتها للجلوس، ظهر بيل موري بعد عرض لقطات معبرة عن مسيرته و مشاركاته المتعددة في أفلام ذات قيمة فنية كبيرة. ظهر الطفل الكبير بيل موري و هو أول المكرمين في مهرجان مراكش هذه السنة، و المهرجان الذي يكرمه لازال طفلا مقارنة بكان أو برلين، لكنه كبير جدا باختياراته التي أكدها أيضا هذا العام، سواء بالنسبة للأفلام المتنافسة على نجمته، أو بالنسبة للأسماء التي يتم اختيارها لتكريمها كل دورة. ظهر الطفل الكبير بيل موري، و هو الذي قليلا ما يقبل دعوات تكريمه، ليقول للعالم بأن العودة للمغرب أمر لا يقاوم، وبأنه سعيد و متأثر بتكريمه في مراكش، رغم أنه عندما يسمع بدعوات التكريم يخيل له أنه سيموت قريبا، لكنه وعلى عكس الشعور الذي تبعثه في النفس هذه الفكرة، يحس و هو يكرم في بلادنا بأنه متحمس و قوي، بل قوي جدا (يقولها وهو يحاول رفع منصة حديثه كأي طفل مشاغب مليئ بالحيوية). ظهر الطفل الكبير بيل موري و ظهرت معه صوفيا كوبولا، و هي فأل خير عليه، لكي تكون هي من ترافقه و تكون بجانبه لحظة تكريمه في مدينة البهجة. صوفيا كوبولا هي أيضا طفلة، طفلة الكبير فرانسيس فورد كوبولا، عاشق المغرب منذ عقود، و رئيس لجنة تحكيم المهرجان السينمائي المغربي الدولي في دورته الخامسة عشر. الممثل الموهوب بيل موري عندما كان يلقي على الحضور في قصر المؤتمرات بمراكش كلمات امتنانه، و تعابير احساسه باللحظة و العالم على ما هو عليه، وقلبه المثقل بما حصل بباريس و ماوقع في سان بيرناردينو بكاليفورنيا، لم يكن تائها في الترجمة، في احالة الى فيلمه الرائع (Lost in Translation)، و الذي أبهر به تحت ادارة المخرجة الفذة صوفيا كوبولا (ابن(ة) الوز عوام(ة))، و لكنه كان هذه المرة مركزا على المترجمة، و قد خاطبها قائلا: انك فعلا جيدة، و لكن حبذا لو تتركيني أكمل جملتين أو ثلاث، ثم قومي بالترجمة بعد ذلك، الطفل المشاغب طبعا لم يكن جديا، و لكنه أراد أن يمازح المترجمة التي يجب الاعتراف بأنها ترجمت أفكاره في المجمل بشكل جيد. صوفيا كوبولا التي رافقته الى مراكش، و بعد أن صورته "تائها في الترجمة"، ستقدمه للجمهور و هو يغني في الكريسماس، في تقليد تلفزيونيي أمريكي عريق (Christmas spécial). كثيرون تفاجؤوا بالأمر، وقالوا كيف يعقل؟، بيل موري الممثل الكوميدي و المنشط التلفزيوني في Saturday Night Live قبل مسيرته السينمائية، سيغني؟ الحقيقة أن بيل موري الذي كرمه مهرجان مراكش فنان متعدد المواهب، و قليلون هم من يعرف أن بيل كان مغنيا في فرقة Dutch Masters، حتى قبل أن يعرف طريقه الى التلفزيون، وقد كان الغناء مصدر رزقه بعد تركه لدراسته في الطب. بيل موري يتمتع بتقدير كبير في الولاياتالمتحدةالأمريكية و في العالم، لسلوكه و طريقته في معاملة الناس بلطف و ظرف، و عندما يرى ما يقع في العالم و يريد أن يعبر عن و حدة الانسانية في هذا العالم، يأتي الى مراكش، و يقول "ان المغرب مدخل لمعرفة الإسلام حيث الناس، بحسب ما عرفت وقرأت عن القرآن، يعاملون الآخرين بلطف ولياقة، وهو ما يجب على الناس أن يتقاسموه مهما كانت ديانتهم". في فيلمه الرائع (Lost in Translation) قبل حوالي 12 سنة، توشوش له الجميلة الفاتنة سكارليت جوهانسون في أذنه، ولا أحد علم بفحوى الحديث الى اليوم، لكن و بالنظر لما حدث له أمس بالمدينة الحمراء، فالمرجح أنها قالت له: "في سنة 2015، سيتم تكريمك في مهرجان سينمائي دولي صاعد بقوة، يقام على أرض الدولة التي كانت أول من اعترف باستقلال بلدك الولاياتالمتحدةالأمريكية، سيكون الأمر أشبه بحلم جميل، لن أكون برفقتك، لكنني أوصيت صوفيا، سوف تعتني بك، ثق بي، أنا متأكدة مما أقول.. "..