شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مساء الاربعاء على ضرورة معاقبة الجناة فقط وليس جميع الرياضيين الروس وذلك قبل يومين من احتمال ايقاف روسيا من المشاركة في مسابقات العاب القوى بسبب اتهامها من طرف الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات بفضحية فساد ومنشطات في العاب القوى. وقال بوتين بحسب صور التلفزيون الروسي خلال لقائه بالمسؤولين الرياضيين في مدينة سوتشي (جنوب) التي استضافت دورة الالعاب الاولمبية الشتوية عام 2014، على ضفاف البحر الاسود: "اذا قام احد ما بخرق القوانين الجاري بها العمل في مجال مكافحة المنشطات، فالمسؤولية يجب ان تكون فردية". واضاف بوتين الذي جعل من الرياضة احد اولوياته الاستراتيجية لاشعاع صورة روسيا في الخارج، مضيفا "الرياضيون الذين لم يتناولوا ابدا المنشطات لا يجب ان يدفعوا ثمن ما ارتكبه اولئك الذين يتناولونها". وأمر بوتين بضرورة فتح تحقيق "خاص" بالبلاد، وقال "يجب ان نقوم بفتح تحقيق داخلي خاص بنا"، داعيا المسؤولين الرياضيين الروس الى "تعاون أكثر انفتاحا، واكثر مهنية واحترافية مع المؤسسات الدولية لمكافحة المنشطات". واضاف: "يجب أن نقوم بكل شىء في روسيا من أجل التخلص من هذه المشكلة". ودعا بوتين الى "حماية الرياضيين الروس من اللجوء الى الادوية المحظورة" خلال هذا الاجتماع الذي خصص للاستعدادات الى دورة الالعاب الاولمبية الصيفية-2016 في ريو دي جانيرو حيث سيذهب الرياضيون الروس بحسبه من أجل "المنافسة على 181 ميدالية فردية و31 ميدالية خاصة بالفرق". واشاد بوتين في بداية هذا الاجتماع "بالمستوى الجيد" لاستعدادات المنتخبات الوطنية الروسية للابعاب الاولمبية، معتبرا ان "المنافسة الرياضية لا تكون جذابة الا عندما تكون شريفة". من جهته، لم يستبعد وزير الرياضة الروسي فيتالي موتكو الاربعاء ان تقوم روسيا على الخصوص "بالتفكير في ادراج الملاحقة الجنائية" ضد الرياضيين الذين يثبت تناولهم للمنشطات. واكد موتكو لوكالة الصحافة "ار-سبورت" ان بلاده مستعدة لتعيين "خبير أجنبي" على رأس مختبرها للكشف عن المنشطات والذي استقال رئيسه غريغوري رودتشنكوف الثلاثاء بعد الاتهامات التي تحدثت عن فضحية فساد ومنشطات في العاب القوى الروسية. وقال "نحن منفتحون جدا وحتى اننا مستعدون اذا اقتضت الضرورة لتعيين خبير أجنبي على مختبر موسكو للكشف عن المنشطات عقب المشاورات مع الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات". وفجرت الوكالة الدولية في تقرير نشرته الاثنين، فضيحة غير مسبوقة متهمة رودتشنكوف بالضلوع في نظام شامل لتنشيط الرياضيين الروس يتضمن بشكل قيام المختبر بتدمير نتائج اختبارات ايجابية لمواد منشطة. واكد موتكو: "نحن مستعدون للتحقق مرة اخرى من الاعمال (التي اشارت اليها الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات) ومتابعة جميع توصيات الوكالة". وقال موتكو في تصريحات اوردتها وكالة "انترفاكس": "من السذاجة والسخافة الاعتقاد باننا نستثمر مليارات الروبلات في مكافحة المنشطات من أجل التستر على رياضي سيجلب لنا ميدالية أكثر". وتابع "نحن بحاجة إلى رياضة نظيفة، وليس الى فوز بأي ثمن". من جهته، اعترف الامين العام للاتحاد الروسي لالعاب القوى ميخائيل بوتوف ان بلاده لديها "مشكلة مع المنشطات"، معتبرا ان ايقافها عن المسابقات "لن يكون حلا جيدا". وجاء تصريح بوتوف لشبكة "بي بي سي" البريطانية مناقضا للموقف الرسمي للسلطات الروسية حتى الان. وكان متحدث باسم الكرملين اكد امس الثلاثاء ان الاتهامات التي وجهتها الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات الى الاتحاد الروسي لالعاب القوى "لا اساس لها من الصحة". ويعتبر صوت بوتوف مهما بما انه احد الاعضاء ال27 في مجلس ادارة الاتحاد الدولي لالعاب القوى الذين سيقررون بعد غد الجمعة في احتمال استبعاد روسيا من جميع المسابقات بينها اولمبياد ريو دي جانيرو 2016. لكنه اكد انه سيصوت منطقيا ضد اي "عقوبة بحق رياضيينا النظيفين وليس الذين يخلقون لنا المشاكل". وكان رودتشنكوف اول مسؤول روسي يدفع ثمن هذه الفضيحة حيث اضطر الى الاستقالة الثلاثاء. وعلى الرغم من بوادر الانفتاح التي اعبرت عنا روسيا فانها تنوي البقاء حازمة في الدفاع عن رياضييها. واعلن وزير الرياضة موتكو اليوم ان استبعاد روسيا من دورة الالعاب الاولمبية في ريو دي جانيرو 2016 يهدف للتخلص من "منافس مهم وتشويه صورة" البلاد. وعلى الرغم من ذلك، تطالب لجنة التحقيق المستقلة التابعة للوكالة الدولية بهذا الحل الجذري. من جهتها، دعت اللجنة الاولمبية الروسية "اللجنة الاولمبية الدولية (…) الى الاخذ بعين الاعتبار حقوق الرياضيين الشرفاء بالمشاركة في المسابقات الدولية". وتذكر هذه الفضيحة الضخمة بالنظام الممنهج لتنشيط الرياضيين ابان عهد الاتحاد السوفياتي وخاصة في المانيا الشرقية. وكانت الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات اكدت في تقريرها ان روسيا ليست البلد الوحيد، ولا العاب القوى الرياضة الوحيدة التي تواجه مشكلة المنشطات المنظمة". واعلن وكيل اعمال الرياضيين اندري بارانوف الذي اطلق ناقوس الانذار بالمنشطات في روسيا والذي تعاون مع الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات، في تصريح لصحيفة "ذا غارديان" البريطانية انه "ليس من العدل التركيز فقط على روسيا. يجب ان تكون هناك تحقيقات مماثلة في بلدان اخرى مثل كينيا واثيوبيا". كما توجه اصابع الاتهام بانتظام من قبل الخبراء الى الصين. ومن بين الرياضات القوية المتهمة بالمنشطات والتي تطرق اليها التقرير فضلا عن العاب القوى، هناك السباحة والتزلج والتجديف. وفضلا عن المنشطات، فان هذه الفضيحة كشفت فضائح فساد ايضا، فرئيس الاتحاد الدولي لالعاب القوى لمدة 15 عاما حتى غشت الماضي السنغالي لامين دياك (82 عاما) متهم بالتستر على تنشط الرياضيين الروس مقابل رشاوى. واعتبر رئيس اللجنة الاولمبية الدولية الالماني توماس باخ محتوى التقرير "محزنا وصادما"، معربا عن ثقته بالرئيس الجديد الانكليزي سيباستيان كو في "تنظيف" الاتحاد الدولي لالعاب القوى. واضاف بأسف "لم اكن اتخيل انه في احد الاتحادات الدولية تصرف الادارة المال على الرياضيين بهدف التلاعب بنتائج مسابقة ما". وتابع "لدي ملء الثقة بسيباستيان كو وفريقه بعمل كل ما يلزم من اجل تنظيف الاتحاد الدولي لالعاب القوى الذي سيعلن اعتبارا من يوم الجمعة بعض القرارات". في فرنسا، اخذ القضاء على عاتقه الاهتمام بهذه القضية منذ اسابيع عدة، بسلسلة من التفتيشات وجلسات الاستماع التي أثمرت الأسبوع الماضي عن ثلاث تحقيقات. الأول، الأكثر ضجة، يتعلق بدياك والذي وجهت إليه تهمة قبول رشاوى وغسيل اموال. اما التحقيقان الاخران فيتعلقان بمقربين منه هما مستشاره القانوني المحامي السنغالي حبيب سيسيه والطبيب السابق المسؤول عن مكافحة المنشطات في الاتحاد الدولي الفرنسي غابريال دوليه، حيث وجهت اليهما تهمة تلقى رشاوى. واعلن دياك الرئيس الفخري للنجنة الاولمبية الدولية، الاربعاء استقالته من منصبه وذلك بعدما كانت الاخيرة ايقافه مؤقتا الثلاثاء.