تقدم بعض الأسر على التخلص من مسؤولية أبنائها المكفولين إما بطردهم من البيت الذي نشؤوا فيه أو بتزويج المكفولات بشكل قسري، الأمر الذي تنتج عنه مشاكل عديدة يعاني منها هؤلاء الأبناء، قد تمتد آثارها إلى المجتمع. في الحوار التالي يتطرق الأستاذ علي الشعباني إلى الأسباب التي تدفع هاته الأسر إلى التخلص من مسؤولية أبنائها المكفولين، وتأثير ذلك على حياتهم ومستقبلهم. ما هي الأسباب التي تدفع ببعض الأسر إلى طرد أبنائها بالكفالة أو تزويج الفتيات قسرا؟ تعتبر حالات التخلي عن الأبناء بالكفالة نادرة داخل المجتمع المغربي، فقرار التكفل بطفل مهمل يكون نابعا من إرادة الأسرة الكافلة، وذلك نتيجة لحاجة هاته الأسرة إلى الأبناء، إما بسبب العقم أو لأسباب أخرى. ولهذا السبب يكون التخلي عن الأبناء في هاته الحالة أمرا غير وارد. في بعض الحالات تنشأ بعض المشاكل، حين يكتشف الطفل المكفول بأنه ليس ابنا طبيعيا للأسرة التي تربى وعاش في كنفها، الأمر الذي قد يجعله يرفض الاستمرار في العيش بمنزل تلك الأسرة، كما قد يكون هناك أسباب أخرى تدفع الإبن المكفول إلى التمرد في سن معينة كالرفقة السيئة. هاته الأمور قد تدفع في نهاية المطاف ببعض الأسر الكافلة في حال عدم توفر ظروف استمرار الحياة بشكل مستقر إلى التخلي عن أبنائها المكفولين، والتخلص من مسؤوليتهم، وذلك إما عن طريق تزويج البنات المكفولات أو التخلي عن الذكور بطردهم من البيت الذي نشؤوا فيه. وفي حال وجود أبناء طبيعيين، قد تظهر بعض الخلافات والصراعات، التي تكون ناتجة في الغالب عن الغيرة بين الأبناء، فتختار الأسر الكافلة في النهاية كحل يضع حدا لتلك المشاكل التخلي عن الأبناء المكفولين والاحتفاظ بأبنائها الطبيعيين، أو تقرر تزويج المكفولات، على اعتبار أن هاته الوضعية تكون أسلم وأفضل بالنسبة للفتيات من الشارع والعيش في غياهب التشرد والضياع، خاصة عندما تسيطر على هاته الأسر المخاوف من وقوع أبنائها الطبيعين في المحرمات مع بناتها المكفولات، أو القلق على مصير هؤلاء الفتيات، والخوف من أن يقمن علاقات غير شرعية ويفقدن عذريتهن قبل الزواج، خاصة أن العذرية مازالت تحظى بالأهمية القصوى داخل المجتمع المغربي ما يدفعهن إلى تزويجيهن حتى وإن كن لايزلن قاصرات. ما هي عواقب تزويج الفتيات المكفولات بشكل قسري وطرد المكفولين؟ التزويج القسري للفتيات له عواقب وخيمة وتأثيرات سلبية على الفتاة بالتحديد، تتمثل في صعوبة الاندماج مع الحياة الزوجية في حال لم تكن هاته الفتاة مهيئة لهذا الزواج وأرغمت عليه من طرف الأسرة الكافلة، وقد ينتهي الأمر بالطلاق الذي يكون له عواقب وخيمة خاصة في حال وجود أبناء. أما بالنسبة لحالات طرد الأبناء والتي تعتبر حالات نادرة جدا وتكاد تكون منعدمة داخل المجتمع المغربي، فيكون لها بالتأكيد تأثيرات سلبية على الابن، الذي سيجد نفسه وحيدا في مواجهة مصير مجهول. وهذا الطرد من شأنه أن يعصف بمستقبل الإبن المكفول خاصة إذا كان يعتمد بشكل كلي على الأسرة الكافلة. وفي حال كان الإبن المكفول لايزال قاصرا، فحينها لا يمكن للأسرة الكافلة طرده، لأن هذا الأمر يعتبر أمرا مرفوضا من الناحية الشرعية والقانونية، فالكفالة لها ضوابطها القانونية والتشريعية، لهذا فإن طرد بعض الأسر لأبنائها بالكفالة لا يمكن اعتباره قاعدة، بل يشكل استثناءا، ويندرج في خانة الحالات الاجتماعية السلبية وغير السوية. كيف يجب أن تتعامل الأسر مع أبنائها بالكفالة لتفادي المشاكل التي قد يقع فيها هؤلاء الأبناء؟ يجب أن تحرص الأسرة الكافلة على معاملة أبنائها المكفولين معاملة الأبناء الطبيعيين، لأن الإبن المكفول يحتاج بدوره إلى رعاية وحنان وتربية وتوجيه بالشكل الذي يعده لحياته المستقبلية. ولا يحق نهائيا للأسر التي تكفل الأطفال الأيتام أو المتخلى عنهم أن تعاملهم معاملة سيئة وغير لائقة، فهذا الأمر غير مقبول من الناحية القانونية والشرعية. ولهذا ينبغي على الأسرة التي تتخذ قرار التكفل بالطفل سواء كان ذكرا أو أنثى، أن تقوم برعايته وتساوي بينه وبين أبنائها الطبيعين في المعاملة والتربية والتعليم، وأن تنبذ أي شكل من أشكال العنف والتمييز في حق هؤلاء الأبناء. أما فيما يخص زواج المكفولة. فلا يجب أن يتم دون إرادتها، والأسرة المكفولة مطالبة باحترام حق المكفولة في اختيار الشخص الذي تربط به، دون أن ننسى ضرورة الالتزام بالقانون وعدم تزويج الفتيات القاصرات، لما لذلك من عواقب سلبية على الفتاة والمجتمع بأكمله. أستاذ في علم الاجتماع