ارتفع الآذان معلنا صلاة العصر، فأدى العشرات من المحتجين صلاتهم وسط الشارع، بعد أن خفت أصواتهم تلبية للنداء المنبعث من الصوامع القريبة. وقبل ذلك بساعات أدوا صلاة الظهر، جماعة بالمكان نفسه، بعد أن فاتتهم صلاة يوم الجمعة. إنهم المحتجون من سكان «كاريان سنطرال» بالحي المحمدي الذين يعتبرون أنفسهم مقصيين من الاستفادة من مشروع التنقيل. انطلقت مسيرتهم صوب القصر الملكي بالأحباس، التي حاولت جهات أمنية الحؤول دون وصولها إلى المكان المحدد، لكن جميع المحاولات لم تفلح. تفرقوا لعبور المنطقة بين الشوارع والأزقة، حتى بلغوا شارع «محمد السادس»، وعندما وصلوا عند مقر نقابة «الاتحاد العام للشغالين بالمغرب» بمنطقة كراج علال، تمت محاصرتهم، لتبدأ مفاوضات جديدة، مع أفراد الأسر المركبة والمطلقات والبيتامى... فئات يقولون إن «السلطات المعنية بعملية التنقيل لم تراع ظروفهم، ولم تعمل على تعويضهم في عملية التنقيل». فمنهم أبناء أسر كبروا وترعرعوا ببراريك كاريان سنطرال، حتى غدا الأبناء أرباب أسر، فطالبوا بالاستفادة باعتبارهم مسؤولين عن أسر يعيلونها، ولم يعودوا خاضعين لإمرة آبائهم. ومنهم مطلقات استفاد الأزواج وتركوا النساء اللواتي هجرنهم، عرضة للضياع، فطالبن بدورهن بنصيب من الاستفادة. وضمنهم كذلك يتامى غادر آباؤهم إلى دار البقاء، فقالوا إنهم «محرومون بعد الإقصاء»، ليظلوا عرضة للتهميش بعد امتناع السلطات عن الاستمرار في تسليمهم الوثائق الإدارية التي تثبت انتماؤهم إلى مقرات سكناهم التي مازالوا يشغلونها. وكان العشرات من قاطني كاريان سنطرال، اختاروا أن يعلنوا عن تذمرهم وغضبهم من عدم وفاء المسؤولين بعمالة الحي المحمدي عين السبع، بوعودهم في الاستفادة من بقع أرضية بمشروع الهراويين على غرار باقي سكان هذا التجمع الصفيحي. فانطلاقا من صباح الخميس الماضي تجمهر العديد من المحتجين وسط شارع «علي يعتة» قرب إقامة الأصيل، محتلين الشارع، قبل أن يقرروا معاودة الاحتجاج يوم الجمعة، من الشارع نفسه، والانطلاق صوب القصر الملكي بحي الأحباس. وقد عمل مجموعة من المسؤولين الأمنيين والإداريين على فتح حوارات مع مجموعات من المحتجين وسط الشارع، من أجل إيجاد حل للمشكل. وهي الحوارات التي رفضها البعض، متمسكا بالوصول إلى القصر الملكي لإبلاغ أصواتهم. وفي الأخير تقرر اختيار لجنة من ممثلي المحتجين للدخول في «حوارات جدية في القريب»، من أجل «إيجاد مخرج لهذه الأزمة».