لماذا تتأسس تلك العلاقة بين طرفي الكراء على التوتر ؟ولماذا يكونان دائما على أتم الاستعداد للدخول في المواجهات والمنزاعات؟ يعاني الطرف المحايد مشقة كبيرة إن هو سعى إلى أن يكون حَكَما عادلا بينهما. تضيع الحقيقة بينهما وكل طرف يدعي أن «الحق» إلى جانبه وأن القضاء سينصفه ويحكم لصالحه.. هذه جولة تفقدية لهذا العالم المنسي بعد أن طفت الملكية المشتركة على السطح. «شتي دابا ف الولاياتالمتحدة إلا ماخلصتيش الكرا شهر واحد ولا شهرين يجيوْ ويلوحُو ليك حوايجك ف الزنقا ويسدو المحال حيت ما احترمتيش القانون». قال سي محمد وهو يستوي في جلسته المريحة داخل صالون منزله، وأضاف «ف هولاندا وكذلك.. ما خلصتيش الله يعاونا ويعاونك»، ثم سوى من وضع الوسادة التي يستند إليها وقدم التوضيح المطلوب حتى يبرز المقارنة بين المغرب والدول المتقدمة في مجال احترام القانون «عندهم شركات ديال الكرا وعندهم قانون آخر ماشي بحالنا». «علاش آسي محمد مشيتي لميريكان وهولاندا؟!»، سأله محدثه وأراد أن يردف مباشرة «خلينا غير ف المغرب»، لكن الكهل الذي يشتغل قابضا ومسيرا لعمارة مخصصة لكراء المنازل والمحلات التجارية. كان الأسبق إلى النطق قائلا «وهانا جايك ف الهدرا». ليست هذه«تولية» «ف المغرب.. ماشي معقول»! عبر سي محمد عن استنكاره وهو يمهد لعرض النازلة. إذن الأمر يستحق الاهتمام والمتابعة، خاصة وأنه أتى مباشرة بعد الحديث عن عالم الكراء في الولاياتالمتحدةالأمريكية وهولاندا. اكترى شخص «كارسونيير» لما ينيف عن خمس سنوات. استضاف بعد ذلك ابن شقيقته. حدث عادي على الرغم من أن استضافة الخال لقريبه طالت، ولا يمكن لمالك العقار أن يتدخل في هذا الأمر الخاص. إلى هنا الوضع القانوني عادي ولا يدعو إلى الريبة. وصلت إلى المالك أخبار غير مؤكدة تقول إن الخال حرر التزاما يعترف فيه بأن ابن شقيقته يقيم عنده في «الكارسونيير» بشكل رسمي، يعني «مسكنو معاه»، وأنه «يضمنه» أمام الجهة التي يعنيها الأمر. سلم ذلك الالتزام للسلطات المحلية، وقام «المقدم» على أساسه ب«البحث»، وحصل الشاب بعد ذلك على شهادة السكنى، ثم أنجز ملف الحصول عن البطاقة الوطنية. حصل على البطاقة وصار يقيم رسميا في العنوان المثبت في تلك الوثيقة. علق سي محمد على الوقائع التي سردها قائلا «وضع قانوني بالنسبة للسلطات»، ولكن دون أن يعلم مالك العقار بهذا المستجد أو كما عبر عن ذلك «مسكنو معاه بلا خبار مول الملك». هاجر الخال إلى أوروبا وسلم «الكارسونيير» عمليا لابن شقيقته. ظل عقد الكراء وفاتورة الماء والكهرباء باسم الخال، وصار الشاب هو المكلف بأداء السومة الكرائية على رأس كل شهر. انتظر المالك إلى أن حضر المكتري الأصلي لقضاء عطلته السنوية. اتصل به واستفسره عن الوضع القائم في العقار فكان رده «ولد ختي حاضي ليا الدار.. تنجي ليها من العام للعام». اعتبر المالك أن القانون العقاري المتعلق بالكراء لا يسمح له بإجراء هذه العملية، «ما عندوش الحق»، وأنها لا علاقة لها ب«التولية» التي تقتضي موافقة المالك وتجديد عقد الإيجار. أما المستفيد الجديد فله رأي مخالف تماما وعلى النقيض، «ياك تيشد كراه» كما نقل عنه عنه سي محمد. وبالتالي «فين المشكل؟!». بما أن المالك يتسلم السومة على رأس كل شهر، لا يهم اسم الشخص المثبت في الوصل. فتح الله على الخال واقتنى مؤخرا «نعام آسيدي» شقة في عمارة تقع على بعد أمتار من «الكارسونيير». صار المالك يردد «الله يزيدو من خيرو.. غير يخوي ليا الكارسونيير.. ماشي يدوزها لولد ختو». اختار المالك أسلوب الامتناع عن تسلم مبلغ السومة الكرائية من الساكن الجديد، مطالبا بإثبات الصفة أو كما قال «ما نشدش هاد الكرا.. خاصني نعرف شكون اللي ساكن». أمام هذا المستجد، اضطر المستفيد من الكراء دون عقد، إلى أن يتقدم بطلب «عرض عيني» إلى المحكمة. رخصت له المحكمة باللجوء إلى الاستعانة بخدمات مفوض قضائي مرخص له من طرف وزارة العدل بدور التبليغ والتوسط بين الطرفين، وطلب منه إنجاز ذلك «العرض العيني». يفيد العرض العيني أن الشخص الذي يقيم في الكارسونيير يضع السومة الكرائية التي رفض المالك تسلمها لدى ذلك العون القضائي. في إطار القيام بإجراء مسطرة تسليم السومة الكرائية إلى مستحقها، توصل صاحب الكارسونيير باستدعاء من المفوض القضائي، يطلب فيها منه الحضور إلى مكتبه ليتسلم رسميا مبلغ السومة الكرائية. احتج مالك الكارسونيير على هذا الإجراء. لماذا؟ لأن العون لا يتأكد من صفة الشخص الذي سلمه تلك السومة. يسأل المفوض مالك العقار «علاش ما بغيتيش تاخد هاد الفلوس؟»، وعلى مالك العقار أن يجيب عن السؤال المحدد «واش تاخد فلوس الكرا بسمية الكاري اللول ولا ما تاخدهمش؟». هل يقبل تسلم السومة الكرائية ويسلم وصل الأداء باسم المكتري الأول، أم يرفض لأن ذلك الكاري غادر الكارسونيير ولم يعد يقيم فيها؟ هذا هو الإشكال. إذا رفض المالك وأعلن «هاد الكرا ما ناخدوش حتى يحضر مولاه اللي كاري»، يلجأ المفوض القضائي إلى تحرير محضر يضمنه رفض المالك تسلم السومة الكرائية، ويسمح للمقيم في الكارسونيير بإيداع المبلغ لدى «صندوق المحكمة»، ويتسلم على إثره وصلا يثبت قانونيا أنه يلتزم كل شهر بأداء مقابل الكراء. عندما يقبل المالك تسلم مبلغ السومة الكرائية من المحكمة، يضطر إلى أن يؤدي عنه نسبة «خمسا ف المية». المهم في هذه النازلة أن المالك اضطر إلى أن يتسلم السومة الشهرية، وحرر وصلا بالمبلغ ليستمر الوضع على ما هو عليه، ويستمر النزاع. السكن ليس فيه حق الإيجار لجأ المالك إلى الاستعانة بخدمات مكتب محاماة، وطلب منه إجراء معاينة. بناء على الطلب الذي تقدم به المحامي إلى المحكمة، حضر المفوض القضائي إلى العمارة. المشكل أن «السيد اللي ساكن ف الكارسونيير عندو العنوان ف لاكارط». إذن «كفى». هذا دليل إداري على أن المستفيد من السكن يتوفر على الشروط القانونية التي تسمح له بالحصول على البطاقة الوطنية. انتقل المفوض بعد ذلك إلى طلب الحصول على «الصفة» التي تتمثل في «عقد الإيجار» و«الوصل». رد الشاب «ساكن مع خالي». «فينا هو؟»، «مسافر برا المغرب». تأتي بعد ذلك شهادة الجيران «باش ياخد واحد الإشهاد على شكون اللي ساكن ف الكارسونيير». المشكل في «الإشهاد» أن الجيران يفضلون تفادي المشاكل والتورط في نزاع ليسوا طرفا فيه، وهناك من يضطر إلى أن يعلن عن موقفه بوضوح «خليوني عليكم ف التيقار.. أنا ما نشهدش هاداك الشي بعيد عليا»، زيادة على «كاين اللي تيخاف وكاين اللي تيحشم». لإقامة الدعوى القضائية يحتاج المالك إلى إثبات النازلة بشهادة الشهود على أن المقيم في الكارسونيير ليس هو الشخص الذي وقّع عقد الإيجار مع المالك. دعوى الإفراغ تحتاج إلى «طلع وهبط وسير وجي وسين جيم». يعلق سي محمد قبل أن يصوغ موقفه من هذه النازلة قائلا «هاد الشي ماشي معقول.. علاش يوصلو لهاد المواصل؟». لم يعد يحتاج إلى الاستفادة من السكن، يسلم مفاتيح الكارسونيير إلى مالكها أو إلى من ينوب عنه بتوكيل قانوني «ومريضنا ما عندو باس». لكن، ماذا لو فضل المكتري الأول سلوك الإجراء القانوني، وطلب من المالك نقل الاستفادة من الكراء إلى ابن شقيقته بشكل حبي؟ لا ينكر مالك الكارسونيير أنه كان سيقبل العرض على شرط تجديد العقد مع المكتري الثاني «غادي ندير معاه اللي تندير مع أي واحد جا يكري»، مع احترام حقه الذي يراه مشروعا في الرفع من نسبة السومة الكرائية بالتراضي بين الطرفين. لم يغفل عن التأكيد على أن المكتري الأول ليس من حقه أن يفرض عليه التعاقد مع طرف من اختياره. «علاش؟»، لأن المالك ليس ملزما بالتعاقد مع مكتر جديد. من حقه أن يرفض ويطالب بتسلم العقار وتوقيع التزام بإخلاء السكن. لا يهم أن صاحب العقار اعتبر هذه العملية ذات أبعاد أمنية وأنها من أسباب ارتفاع نسبة عدد المهاجرين في الدارالبيضاء. هذا موضوع آخر لا يعني توتر العلاقة بين المكري والمكتري ورحى الحروب والنزاعات التي تدور بينهما. مشاكل الكراء التجاري تقترب النازلة أعلاه بما يجري به العمل في الكراء التجاري على شرط حضور مالك العقار وموافقته على تفاصيل العملية. سي عبد القادر صاحب وكالة عقارية، وقام بالتوسط في كراء العديد من المنازل المخصصة للسكن والمحلات التجارية. تطوع الرجل للحديث عن الفرق بين كراء المنازل المعدة للسكن وكراء المحلات المخصصة لمزاولة التجارة. استدعى مباشرة إلى الحديث «حق الإيجار» le droit au bail، الذي يعني أن «الكاري» يصير بعد مدة ثلاث سنوات («واقيلا ولى غير عام») من حقه نقل الإيجار إلى شخص آخر «يدوز المحل لواحد آخر»، أو كما قال ما ترجمته من اللغة الفرنسية «من حق التاجر أن يبيع الإيجار إلى تاجر آخر». في حالة رفض مالك العقار لهذا الحق، يمارس «الكاري» ما يخوله له القاون، وعلى المالك، إذا اعتبر نفسه متضررا، أن يلجأ إلى القضاء، وغالبا ما تحكم المحكمة بدفع تعويض ل«الكاري» الأول مقابل إفراغ العقار، وتجديد التعاقد مع «الكاري» الثاني. خبر سي محمد هذا المشكل، واختار أسلوب «التفاهم» والتراضي أو كما عبر عن ذلك بلغته «تساعدنا مع الناس ودازت الأمور على خير». استعاد سي عبد القادر الكلام واستعان بالمثل الفرنسي القائل un mauvais arrangement vaut mieux qu' un bon procés، ليستدل على أن الميل إلى التراضي أحسن من اللجوء إلى القضاء ولو كان مالك العقار على يقين بأنه سيربح الدعوى القضائية. هذا هو ما يهم سي محمد لأنه إجراد يحل المشكل موضوع النزاع، ويجعله يتفادى المصاريف وتضييع الوقت وما يعنيه من خسائر «تتساعد وتفك المشكل وتهنى وتقدر يديك النعاس». الحل الآخر يعني في عرف هذا القابض «بقيتي تما وسير تضيم.. هادي هي الصراحا»! يؤجل المحامي الأول القضية، ويأتي بعده المحامي الثاني ويؤجل القضية مرة أخرى للاطلاع على الملف وهكذا. دليله على ما يقول «طرات هاد القضيا». يعرف شخصا يملك محلا اكتراه منه صاحب مقهى. بعد مدة «باع ليه الساروت». توقف سي محمد عن سرد الوقائع كأنه يحاول تنظيم معلوماته، ثم استدرك قائلا «لا.. سمح ليا قبل ما يبيع الساروت.. طلب مول الملك الزيادا». طبق عليه ما جاء في ظهير 1955، إذ يحق لمالك العقار أن يطالب بالزيادة في مبلغ سومة الكراء «من حقو يطلب حتى 5000 درهم زيادا». منحه أجل شهر ليرد علي ذلك الطلب بالإيجاب أو السلب. من حق المكتري أن يرفض نسبة الزيادة، ويلجأ إلى القضاء ليقول كلمته في النازلة. في حالة انصرام الشهر ولم يتلقَّ المالك الرد، تصدر المحكمة حكما بإفراغ العقار موضوع النزاع. هذا ما وقع بالفعل في هذه النازلة. استفاد «مول القهوا» من حق الإيجار الذي يسمح به كراء المحلات التجارية، وباع السجل التجاري للمقهى. اشتراه منه شخص آخر اقتنى المقهى دون أن يصل إلى علمه أن مالك العقار طبق ما يخوله له ظهير 1955، وطالب بسومة كرائية مبلغها 5500 درهم، وأن هناك دعوى قضائية بإفراغ المقهى بعد رفض المكتري لنسبة تلك الزيادة التي رأى أنها «غير معقولة». «القديم باع الساروت». لا تبطل هذه العملية الدعوى القضائية، وتظل تنتظر صدور حكم الإفراغ ضد المكتري الأول. تستمر المطالبة بالزيادة سارية المفعول تنتظر التنفيذ أو الإفراغ رغم أن المستفيد تغير. دارت دردشة بين القابض صاحب رواية هذه النازلة والمكتري الجديد، وقال له بالحرف بعد أن حاول التوسط بينه وبين المالك بخيط أبيض «إلا ما بغاش ياخد فلوس الكرا غادي غير يضيع فيهم»، ثم أضاف بنبرة التحدي «والله إلا عمرو يحلم بيهم.. يمشي للمحكمة إلا بغى»! «علاش كال ليك هاد الهدرا؟!»، أجاب القابض «هو اللي عارف علاش»! ضحك وأطال في ضحكه من باب تعزيز رده بإضافة توضح مضمونه أكثر، ثم علق على هذا الكلام قائلا «كلت ليك طريق المحاكم طويل». «باش تحل المشكل؟!». طالت المدة التي استغرقتها القضية في أروقة المحكمة «بقات شي ست سنين ولا يمكن سبع سنين»، مع معطى أن «مول الملك ما تيشدش الكرا» بعد أن رفض المكتري الجديد تسليم مبلغ «الكرا القديم اللي كان 2000 درهم»، على الرغم من أن الدعوى القضائية لا دخل لها في تسليم سومة الكراء وتسلمها «تيبقى السيد تيشد كراه ويتسنى في الحكم». استفاد المكتري طيلة المدة من المقهى دون أن يلتزم بدفع السومة الكرائية، وقال بعض المتتبعين لمجريات الدعوى القضائية، إن دفاع المكتري الجديد «اللي شرى الساروت» لجأ إلى التأجيل. كل الجلسة يحضر محامي جديد ويطلب التأجيل للإطلاع على الملف. تنضاف المهلة الجديدة إلى المهلة التي تليها إلى أن تجاوزت المدة ست سنوات. بل إن بعض المتندرين صرحوا بأن عدد المحامين في هذه القضية وصل إلى عشرة محامين! صدر حكم الإفراغ أخيرا، وتدخل الوسطاء بين الطرفين لتنفيذ الحكم في أحسن الظروف، مع أن « الكاري الجديد ربح ست سنين ديال الكرا»، أضافها إلى الأرباح المحترمة التي كانت تحققها المقهى على رأس كل شهر، واكتفى مالك العقار بإرجاء الأداء «يخلصهم عند الله سبحانه» كما نقل عنه راوي هذه النازلة. إغلاق السكن نازلة أخرى تثير الكثير من الجدل بين هذين الطرفين اللذين قلما يميلان إلى موطن راحة يضمن لها حسن العلاقة. استفاد «فلان» من كراء محل للسكن طيلة عشر سنوات. اقتنى بعد ذلك سكنا انتقل إلى الإقامة فيه، وأغلق بالمقابل «دار الكرا». رفض تسليمها إلى مالكها، وبرر هذا الوضع بكون ابنه يحتاج إلى هذا السكن، وأنه يزوره بين الفينة والأخرى ليطمئن على مرافقه وحاجتها إلى التظيف والصيانة. ليس للمالك الحق في الاقتراب من المنزل الشاغر أو فتحه لأن ذلك سيندرج في الهجوم على سكن الغير «إلا قربت ليه نمشي للحبس» كما يقول بنبرة تطغى عليها الحسرة. استوعب «مول الدار» السبب الداعي إلى هذا السلوك، فقد سبق له أن طالب بالزيادة في سومة الكراء عام 2002، وواجهه المكتري بالرفض وعدم الاستجابة. اضطر إلى رفع دعوى قضائية، واستمر في تسلم سومة الكراء القديمة، وكان كل مرة يسلم إلى المكتري وصلا يثبت ذلك. نظريته العملية في هذا الباب «على مول الملك يشد ديما كراه ويتبع حقو ف المحكمة». سومة الكراء لا تُرْفَض في عرفه، وعلى المتضرر أن يلجأ إلى القضاء لاسترداد حقه الضائع. هذا هو المبدأ الذي يؤمن به. الحكمة من وراء عدم رفض تسلم سومة الكراء، تكمن في تفادي إجراء المسطرة القانونية في حالة إذا ما رفض المالك التسلم واحترام العقد الذي يربطه بالمكتري. يتعلق الأمر بصريح العبارة في كون المالك على علم بأن المكتري سيلجأ إلى طلب إجراء «العرض العيني»، وسيضطر المالك إلى الإجابة عن سؤال «واش باغي تشد الكرا ولا يدوز للصندوق». لا خوف على المالك في هذا الباب، فإن صدر الحكم لصالحه فإنه سيحصل على مبلغ الزيادة انطلاقا من تاريخ طلبه الرفع من سومة الكراء، وبالتالي «شد الكرا والدعوى راها غادا شادا طريقها». ضاعت الدعوى القضائية التي رفعها في زحمة الجلسات وكثرة التأجيلات إلى أن نشرت الجريدة الرسمية ظهير نونبر 2007 القاضي بالزيادة في سومة الكراء للسكن بنسبة 8% على رأس كل ثلاث سنوات. حصل المدعى عليه على حكم قضائي يقضي بأدائه للرفع من سومة الكراء حسب ما جاء في الظهير الأخير «بحال إلا تحفظ الملف اللول وترفعت قضية جديدة». ما زال السكن مغلقا، وما زال المالك يتسلم المبلغ على رأس كل شهر. على المالك الراغب في استرداد السكن غير المستغل من المكتري، أن ينتظر مدة «يحيد بها الشك ديال السفر» أو أي عذر اضطره إلى إغلاق سكنه، ويثبت عبر المعاينة وشهادة الجيران أن «الدار مسدودا وما ساكن فيها حتى واحد». عملية يقوم بها المفوض القضائي الذي يعاين أن «المحل مسدود»، وسؤال الجيران «الله يخليكم هاد المحال شحال هادي وهو مسدود وما ساكن فيه حتى حد؟». يرفع دعوى قضائية يطالب فيها بحقه في استرجاع السكن الشاغر على أساس «فتح محل مغلق» أو «استرجاع محل مغلق». حسب خصوصية النازلة وملابساتها. المشكل أنه يعترف صراحة بأنه «ما غادي يصور والو»! اعتبر ما يتعرض له «ظلما»، وانتقل بعد ذلك إلى التعبير عن أمله الوحيد في استرجاع العقار قائلا «حتى يجي النهار اللي يهديه فيه الله ويخوي المحال». لم يفته استحضار احتمال الخسائر التي يراكمها المكتري كل شهر، أو كما عبر عن ذلك قائلا «تيخلص كرا ما ساكنش فيه»، ثم أضاف «الناس ما تيفكروش.. هاديك راها طريطا»، وختم حديثه بالدعاء «غير الله يهدي ماخلق وصافي». التفاهم أحسن من العار في هذا الإطار، يعرف سي محمد شخصا اشترى منزلا مستقلا بمدينة قريبة من الدارالبيضاء، وما زال يرفض تسليم «دار الكرا». ينتمي هذا الشخص في تصور القابض إلى تلك الفئة من «الكرايا» التي تعمد عبر هذا الإجراء، إلى المطالبة بالحصول على تعويض مقابل تسليم العقار إلى مالكه. علق القابض على هذه النازلة «ماشي معقول»، ثم أردف «سكنتي واحد المدة.. وسهل عليك الله والعتبة عطاتك وشريتي الملك ديالك.. واعطي للناس ملكهم يتنفعو بيه حتى هما». انتقل سي محمد بعد ذلك إلى اختبار معلوماته «حسب فهامتي ف القانون الواحد ما عندوش الحق يخلي واحد المحال مسدود». لماذا؟ لأنه يصير محلا مهجورا ومعرضا للإهمال وغياب التفقد والصيانة «تصور تصب الشتا بزاف ويجي شي فيضان الله يحفظ». بالتالي يصير المكتري العاقل أمام احتمالين اثنين لا ثالث لهما، إما أن يستغل ذلك السكن، وإما أن يسلمه إلى صاحبه. لسبب يعلم به هو وحده، عاد سي محمد إلى الواقعة الأولى. انطلق من استبعاد الإكراه «ماشي يسكن ولد ختو ويدير ليا الفردي على راسي»! ثم نفى أن يكون القانون قد حدد نسبة معينة لا ينبغي للمالك أن يتجاوزها إذا أراد المكتري الأول تمرير السكن إلى شخص آخر «الهدرا ديال عشرة ف المية ما كايناش»، لأن مالك العقار «من حقو يكري محالو بالثمن اللي تيبان ليه معقول»، وليس للمكتري الحق في التظلم أو اللجوء إلى القضاء. يسمي القانون هذه العملية التي يفوت فيها المكتري الأول السكن للمكتري الثاني، بعبارة «التولية»، ويشترط فيها موافقة المالك وقبوله. إذا رفض المالك، يوضع حد لهذه العملية. مع ذلك يستدعي مميزات شخصيته «أنا تنتساعد ما تنبغيش المشاكل»، ثم قال «كون كنت أنا وجاب شي حد من طرفو وطلب مني نحول الكرا بسميتو مرحبا بيه». للمالك الحق في أن يطالب بمبلغ السومة التي يريد، وهناك ذلك الاحتمال الآخر الذي يعبر عنه قائلا «نريحو احنا بتلاتا ونبقاو عندي عندك حتى نتافقو على واحد الكرا جديد اللي فيه الخير للجميع». هذا الحل العملي يضمن مصالح جميع أطراف العملية. حكايات سي محمد لا تنتهي خاصة كلما تعلق الأمر بإجراء المقارنة «واحد السيد مغربي عايش ف هولاندا بغى يكري شي دار وصلو الخبار باللي مولاها عاطيها للسمسار اللي تيسميوْه هما الماكلار بالهولانديا.. تتعرف المغاربا تيبقاوْ يبقششو.. وصل هاداك المغربي لمول الملك وبغى ينقز عل السمسار باش ينقص عليه المصاريف.. كال لمول الملك “عندك واحد الدار بغيتي تكريها”.. ما زادش معاه الهدرا وكال ليه “سير لعند السمسار.. يدير خدمتو.. أنا ما تنكريش الديور”.. شوف الناس كيفاش تيحترمو القانون». جمال زايد