أستدل الستار، الأحد بمدشر زنيد بجماعة أربعاء عياشة (إقليمالعرائش)، على فعاليات الدورة الخامسة للمهرجان الدولي لفروسية "ماطا"، بفرجة فروسية تراثية فريدة. وتميز الحفل الاختتامي لهذه التظاهرة، المنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، تحت إشراف الجمعية العلمية العروسية للعمل الاجتماعي والثقافي، بشراكة مع المهرجان الدولي للتنوع الثقافي لليونيسكو، تحت شعار "الرأسمال اللامادي محرك للتنمية"،بتنافس 220 فارسا يمثلون 22 فريقا من مختلف مداشر المنطقة للاستفراد بدمية خاصة "العروسة" وحملها إلى أبعد نقطة من فضاء المنافسة. وتقوم قواعد المنافسة الرياضية التقليدية الشعبية "ماطا"، كتظاهرة تجمع بين الفرجة والتسلية تنفرد بها قبيلة بني عروس على الصعيد الوطني وترتبط بفترة الحصاد، على تصارع الفرسان، الممتطين لجياد غير مسرجة، من أجل الحصول على عروسة "ماطا" وما ترمز إليه من قيم العفة والتماسك العائلي. ووفق قواعد يتم في بداية المنافسة اختيار ثلاث نساء لهن دراية بصنع دمية "ماطا" وتزيينها لتسلم لأحد شباب مدشر زنيد الذي يمتاز بالشجاعة والتجربة ومهارات فروسية خاصة وجواد قوي قادر على التحمل والجري في الأرض المنبسطة والتضاريس الوعرة، شريطة المحافظة عليها خلال المنافسة الرياضية، التي تجري في الهواء الطلق، ويسعى الفارس المختار إلى الحيلولة دون سقوط الدمية في يد منافسيه من المداشر المجاورة وفق العادة المتوارثة. وتميزت التظاهرة الرياضية المتوجة للمهرجان، التي حضرها القنصل العام لفرنسا بطنجة موريل سوري، وممثلو السلطات المحلية وجمهور عريض من ضيوف المهرجان، بمنافسة شديدة بين فرسان القبائل للظفر بالدمية وبالتالي إحراز اللقب الشرفي للمنافسة كلعبة روحية تحمل قيم التنافس الشريف والتضامن. وقال مدير مهرجان "ماطا" نبيل بركة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن الدورة أثارت إليها الأنظار هذه السنة بمشاركة نوعية خاصة من الفرسان وإتقانهم الكبير لهذه اللعبة الشعبية، التي تستقطب اهتمام المغاربة كما الأجانب، مشيرا إلى أن هواة الفروسية وعشاق الطبيعة والتراث التقليدي للمنطقة تمتعوا كثيرا بالعروض الثقافية والرياضية المقدمة، التي تروم، بالأساس، التعريف بالتراث الثقافي المتجذر في القدم، الذي تجسده فروسية "عروس ماطا"، وإحياء الموروث الحضاري المغربي الأصيل والحفاظ عليه وصيانته بما يمثله من قيم وطنية ومن تضامن اجتماعي، والمساهمة في الدينامية السياحية والثقافية والاجتماعية ودعم التنمية البشرية. وأضاف مدير المهرجان أن دورة هذه السنة، التي انطلقت يوم الجمعة الماضي، عرفت حضور أزيد من 200 ألف شخص للتعرف عن قرب على التقاليد العريقة للمنطقة والاطلاع على مكنونات التراث المحلي، الذي يحمل أبعادا ثقافية وفنية وروحية. واشتمل برنامج المهرجان، الذي شاركت فيه وفود تمثل الأقاليم الجنوبية للمملكة لتجسيد قيم الوحدة والروابط الثابتة بين شمال وجنوب الوطن، على أمسيات في فن السماع الصوفي والفولكلور الموسيقي المحلي، إضافة إلى ندوات علمية لامست قضايا ثقافية تعكس التنوع الثقافي والروافد الحضارية التي يزخر بها المغرب، وندوة للتحسيس بأهمية المحافظة على الماء، بتأطير من وكالات الحوض المائي اللوكوس وأبي رقراق والشاوية. كما احتضن المهرجان عرضا خاصا للمنتوجات المجالية والصناعة التقليدية مثلت 48 تعاونية وجمعية من مختلف مناطق المغرب، منها جهة طنجةتطوان والعيون بوجدور الساقية الحمراء وكلميم السمارة، ومنحت للمشاركين بالمناسبة شواهد تقديرية تكريما لهم على اجتهادهم وعطائهم المتواصل للحفاظ على المنتوجات الحرفية اليدوية المغربية. وتم على هامش فعاليات المهرجان التوقيع على اتفاقية للتعاون من أجل الحفاظ على البيئة والتراث التاريخي للمنطقة بين نقيب الشرفاء العلميين عبد الهادي بركة، ورئيسة الجمعية العلمية العروسية للعمل الاجتماعي والثقافي نبيلة بركة، ورئيس مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية ربيع الخمليشي. وأبرز ربيع الخمليشي، بالمناسبة، الدور الذي يضطلع به المهرجان للحفاظ على الذاكرة الجماعية الوطنية وقيم التضامن والشجاعة والمساهمة في الدفاع عن الثوابت الوطنية والمحافظة على الرأسمال المادي وغير المادي للمنطقة الشمالية، مشيرا إلى أن هذه الاتفاقية تهدف إلى تعزيز التعاون في الحفاظ على التراث التقليدي المتوارث في أبعاده التربوية والثقافية والسياحية.