أعلن قضاة تونس الخميس ان قانون إحداث "المجلس الاعلى للقضاء" الذي شرع البرلمان في مناقشته والمصادقة على فصوله منذ الاربعاء تضمن "خروقات" للدستور التونسي الجديد و"مساسا باستقلال القضاء"، ملوحين ب"التصدي لتمريره بصيغته الحالية". ودعت كل الهياكل الممثلة للقضاة في تونس في بيان مشترك، مجلس نواب الشعب (البرلمان) الى "مراجعة الخيارات التي تبنتها لجنة التشريع العام (بالبرلمان) بما يتماشى مع الدستور والمعايير الدولية لاستقلال السلطة القضائية"، ملوحة ب"انتهاج كافة أوجه التحرك المناسبة للتصدي لتمرير القانون بصيغته الحالية". وأعدت لجنة التشريع العام صيغة نهائية لمشروع قانون المجلس الاعلى للقضاء تم عرضها على البرلمان. ووقعت على البيان "الهيئة الوقتية للقضاء العدلي"وهي (هيئة دستورية مؤقتة لتنظيم شؤون القضاء، و"جمعية القضاة التونسيين" و"نقابة القضاة التونسيين" و"الجمعية التونسية للقضاة الشبان" و"اتحاد القضاة الإداريين" بالاضافة الى "المرصد التونسي لاستقلال القضاء" وهو منظمة غير حكومية. ورأت هذه الهياكل ان مشروع القانون تضمن "خروقات (..) ومخالفة لاحكام الدستور نصا وروحا، وتراجعات عن المكتسبات الدستورية ومساسا بالضمانات الاساسية لاستقلال القضاء ولمبدأ الفصل بين السلطات والتوازن بينها (..) وتهديدا لمسار الانتقال الديمقراطي". ومنذ الاثنين دخل قضاة تونس في اضراب عام لمدة خمسة ايام احتجاجا على مشروع القانون، كما تظاهروا الأربعاء أمام مقر البرلمان. وقال مراد المسعودي رئيس "الجمعية التونسية للقضاة الشبان" لفرانس برس ان سبب رفض القضاة لمشروع القانون الذي اعدته لجنة التشريع العام هو "رفع (اللجنة) صفة +السلطة+ عن القضاء، وادماج القضاء العسكري غير المستقل والخاضع لوزارة الدفاع ضمن تركيبة اعضاء المجلس، وتحويل المجلس الى مجلس للمهن القضائية وليس مجلس قضاء لأن عدد غير القضاة فيه (المحامين..) يكاد يساوي عدد القضاة، وفرض شروط للترشح للمجلس على القضاة دون غيرهم من اعضاء المجلس". وأضاف ان القضاة يرفضون "ابقاء المعهد الاعلى للقضاء (معهد لتكوين القضاة) ومركز الدراسات القانونية والقضائية (يقوم باعداد دراسات ومشاريع قوانين)، والتفقدية العامة للقضاة (تحقق في اخطاء وتجاوزات القضاة وتحيل نتائج التحقيق الى المجلس الاعلى للقضاء) تحت إشراف وزارة العدل (مثلما ورد في مشروع القانون)، ويطالبون بالحاقها بالمجلس الاعلى للقضاء". وكان المحامي عبادة الكافي النائب عن "نداء تونس" (الحزب الحاكم) ورئيس لجنة التشريع العام، اعلن في تصريح صحفي ان مشروع القانون "لا يتضمن أي أحكام من شأنها المس باستقلالية القضاء (..) ولا يسمح في أي من فصوله بالتدخل في القضاء أو التأثير على القاضي في إصدار الأحكام كما كان الحال في المنظومة القديمة التي يتهمنا القضاة بالعودة اليها عبر هذا المشروع". وقال ان اللجنة "انطلقت عند صياغة مشروع القانون من مشروع (قانون) قدمته وزارة العدل، واستمعت الى كافة الاطراف وبينهم جمعية القضاة (النقابة الاكثر تمثيلا للقضاة في تونس) ودرست كل المشاريع المقترحة (..) في كنف احترام الدستور". وبحسب الفصل 49 من الدستور التونسي "تتكفل الهيئات القضائية بحماية الحقوق والحريات من اي انتهاك"، فيما "يضمن المجلس الأعلى للقضاء حسن سير القضاء واحترام استقلاله" (الفصل 114). وبحسب الدستور يتعين تركيز المجلس في "أجل اقصاه ستة اشهر من تاريخ الانتخابات التشريعية" التي اجريت في 26 اكتوبر 2014. وسيكون المجلس بعد إحداثه أول هيئة دستورية يتم ارساؤها في تونس منذ إقرار الدستور في 2014.