لايزال الشارع المراكشي يتذكر الجريمة التي هزت بشاعتها الرأي العام. فالضحية كان مجرد طفل لا زال يتلمس أولى خطواته في دروب الحياة، حين امتدت إليه بالغدر يد أقرب المقربين، المفروض أنه بمثابة الوالد على رأي المثل الشعبي الذي يؤكد بأن«الخال والد»، لتنتزعه من مؤسسته التعليمية، وتقتاده إلى إحدى الغرف السرية بمنزل ناء، لتزهق منه الروح وتحيله جثة هامدة. مساء يوم الجمعة 15 يناير من السنة المنصرمة، كانت الأسرة المراكشية القاطنة بحي المسيرة الأولى قرب دوار الحرش، تنتظر عودة ابنها ذي 14 ربيعا من الفصل الدراسي بإعدادية القدس حيث يتابع دراسته بالمستوى الثامن من التعليم الأساسي، والتي تقع على مرمى حجر من بيتها. هالها عدم عودة الفتى والذي كانت له حصة درس بين الرابعة والسادسة من مساء ذات اليوم. اختفاء أسامة في الوقت الذي تأهب فيه كل أفراد الأسرة للانخراط في رحلة بحث عن الطفل أسامة، والقلق والخوف يعتصران القلوب، توجسا من الآتي، خصوصا وأن الفتى كان ضحية محاولة اختطاف سابقة من طرف سيدة غامضة، حاولت استمالته وجره بعيدا عن محيط المؤسسة، سيتوصلون بمكالمة هاتفية، حركت مشاعر القلق والتوجس في النفوس، حيث كان المتكلم حاسما في بلاغه المشؤوم:”هذاك الدري ولدكوم، لاباقيش تعولو عليه، راه الله يرحمو”. وفي إطار الخطة المرسومة، اقتربت غزلان، شقيقة زوجة إدريس المتهم الرئيسي الذي ليس سوى خال أسامة، من الفتى ودفعت به داخل سيارة. أثناء تفعيل الخطة التفت أسامة خلفه ليفاجأ بوجود خاله، وببراءة طفولية شرع في منادته “خالي...خالي”. مفاجأة جعلت الخال يغير الخطة بشكل تلقائي، فتصنع دور المنقذ، فردد أمامه عبارة “بغات تخطفك هاديك بنت الحرام”، قبل أن يرافق أسامة إلى مدخل المؤسسة واعدا إياه بانتظاره بعد انتهاء الحصة، لمنع إعادة تكرار سيناريو الاختطاف المزعوم. خطة جديدة اقتضت الخطة الجديدة إبعاد غزلان من العملية، وإخبار الشريكين الآخرين عبد الحكيم والمحجوب، بأن عملية الاختطاف لازالت قائمة، في انتظار مغادرة الفتى للفصل الدراسي مساءا. في حدود الساعة السادسة التقى إدريس بابن أخته أسامة وأوهمه بالعمل على إيقاف الفتاة التي حاولت اختطافه وطلب منه مرافقته إلى المكان الذي تتواجد به السيارة، ثم وجه إشارة لشريكيه عبر رنتين هاتفيتين ليلتحقا به. ركب عبد الحكيم بالخلف من الجهة اليسرى لإبقاء أسامة بالوسط في حين تكلف المحجوب بالسياقة والتوجه نحو منزل والد عبد الحكيم بحي المحاميد للاحتفاظ بأسامة. دقائق بعد ذلك تلقى والد أسامة مكالمة هاتفية من شخص مجهول يطالبه بفدية 100 مليون سنتيم مقابل الإفراج عن ابنه من خلال العبارة التالية” شوف جوج كلمات غادي نكولهم ليك بغيتي ولدك 100 مليون نهار الإثنين وتسنى تليفون ديالنا عنداك تكول مع راسك كتعرف البوليس ولا هدا صاحبي كوميسير والله أو شمينا شي حاجة حتى نعدموه”. جريمة قتل بشعة مباشرة بعد مغادرة إدريس للمنزل المذكور، أعطى الضوء الخضر لعبد الحكيم لقتل أسامة خوفا من افتضاح أمرهم. أسقط عبد الحكيم الطفل أرضا، وأحكم السيطرة عليه عن طريق وضع ركبته فوق بطنه والإمساك برأسه بيده اليسرى، وأخد سلكا معدنيا ولفه على عنق أسامة بيده اليمنى إلى أن لفظ أنفاسه الأخيرة، وبعد انتهائه من تنفيذ عملية القتل أرسل رسالة نصية عبر هاتفه النقال إلى إدريس يخبره من خلالها بأنه تمكن من تصفية أسامة وطلب منه الالتحاق به من أجل البحث عن وسيلة للتخلص من الجثة. في تلك الأثناء سارعت الأسرة المفزوعة بربط الاتصال بمصالح الدائرة الأمنية 11، المجاورة لبيتهم الأسري، للتبليغ عن تفاصيل الواقعة، وربطت الاتصال بمصالح الشرطة القضائية، التي فتحت تحقيقا سريعا في الموضوع، وانتقل بعض عناصرها للمؤسسة التعليمية التي يتابع فيها الفتى دراسته، حيث تم استفسار مجموعة من زملائه وزميلاته الذين أخبروا بأن شخصا حضر ورافق الطفل أثناء مغادرته المؤسسة، مع الإدلاء بتفاصيل كاملة عن أوصافه، وبعض العلامات البارزة لديه. الإعدام للخال كانت المفاجأة كبيرة، حين تم عرض الأوصاف على أفراد الأسرة، والتي أجمعت بكونها أوصافا قريبة جدا من شخصية خال الفتى، ليتم تحديد مكانه، وتوقيفه لإخضاعه للبحث والتحقيق، لتبدأ ملامح جريمة نكراء في الظهور أمام المحققين الذين صدموا بهول الحقائق، التي بدأت تتوالى على لسان الخال. وجد إدريس المستخدم بمكتب الاستثمار الفلاحي الحوز نفسه في مواجهة حكم الإعدام الذي قضته بحقه غرفة الجنايات باستئنافية مراكش، بتهم الاختطاف والاحتجاز، وطلب فدية والقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، بعد جلسات محاكمة ماراطونية، همت الكشف عن كل الخبايا والأسرار التي أحاطت بإقدامه على اختطاف ابن شقيقته، والإجهاز عليه بمعية شركائه، بعد فشل مخططهم في الحصول على فدية بقيمة 100 مليون سنتيم من أسرة الطفل الضحية. أدين عبد الحكيم الشريك في جريمة الاختطاف ومنفذ حكم الإعدام في الطفل الرهينة، بنفس ما ارتكبته يمناه، بعد أن قضت ذات الهيئة بالإعدام في حقه بمعية خال الطفل، فيما أدينت غزلان الشريكة في فعل الاختطاف ب30 سنة حبسا نافذا، أما المتهم الرابع المحجوب فقد استقبل إدانته ب25 سنة حبسا نافذا بتنهيدة عميقة، أبانت عن ارتياحه للحكم بالمقارنة مع باقي الشركاء. إسماعيل احريملة