التقى ثلاثة برلمانيين فرنسيين صباح الاربعاء الرئيس السوري بشار الاسد في دمشق، في زيارة تشكل تحديا للسياسة الرسمية الفرنسية القاضية بقطع العلاقات كافة مع الاسد، ومن شانها تشجع المطالبين بمعاودة الحوار مع نظامه. وتجاهل اربعة نواب من اليمين والوسط قطع العلاقات الدبلوماسية بين باريسودمشق منذ 2012، وبدأوا "مهمة شخصية" في سوريا منذ الثلاثاء "لمعاينة ما يجري والسماع والاستماع" بحسب احدهم، النائب في الاتحاد من اجل حركة شعبية (يمين) جاك ميار. ويضم الوفود اربعة برلمانيين هم اضافة الى ميار، جيرار بابت من الغالبية الاشتراكية، وجان بيار فيال عضو مجلس الشيوخ من الاتحاد من اجل حركة شعبية، وفرنسوا زوكيتو عضو مجلس الشيوخ من الوسط. لكن بابت لم يكن في عداد النواب الذين التقاهم الاسد. واستقبل الرئيس السوري النواب الثلاثة صباح الاربعاء. وكان نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في استقبالهم الثلاثاء، كما تناولوا طعام العشاء مع مفتي الجمهورية الشيخ احمد حسون. وصرح ميار في اتصال هاتفي مع فرانس برس "لقد التقينا بشار الاسد لمدة ساعة. وكانت الامور جيدة جدا"، رافضا في الوقت نفسه تحديد مضمون المحادثات. غير ان التلفزيون السوري افاد ان المحادثات دارت حول "واقع العلاقات السورية الفرنسية والتطورات التي تواجه المنطقتين العربية والاوروبية لا سيما ما يتعلق بالارهاب". وقللت باريس التي اغلقت سفارتها في دمشق في اذار/مارس 2012 من اهمية الزيارة، حيث اعتبرها المتحدث باسم الحكومة ستيفان لوفول "مبادرة شخصية وليست مهمة رسمية ودبلوماسية فرنسية على الاطلاق". وعلق مصدر دبلوماسي "توقعنا ان يبسط لهم بشار (الاسد) السجاد الاحمر، فهذا يخدم استراتيجيته في محاولة استعادة الشرعية". ومنذ بداية النزاع السوري الذي اوقع اكثر من 210 الاف قتيل في غضون اربعة اعوام، تتخذ فرنسا موقفا متشددا وتطالب بمغادرة الاسد مكررة انه لا يمكن ان يكون جزءا من حل سياسي. وتدعم باريس عسكريا وسياسيا "المعارضة المعتدلة" في سوريا، والتي ضعفت بشكل كبير وانقسمت، وتعتبر ان اي حل للنزاع يمر بمفاوضات بين ممثلي هذه المعارضة وعناصر من النظام السوري لكن من دون الرئيس الاسد. غير ان الحرب الدامية المستمرة منذ اربع سنوات وفشل المبادرات الدبلوماسية وعلى الاخص بروز تنظيم الدولة الاسلامية الجهادي، ادت الى ضرب هذه الاستراتيجية. كما بدت الاصوات المطالبة باستئناف الاتصال بنظام الرئيس السوري اكثر اصرارا في عدة دول غربية نتيجة الخشية من ارتفاع عدد مواطنيها الذين انضموا الى صفوف تنظيم الدولة الاسلامية وقد يعودون لارتكاب هجمات على اراضيها. وصرحت الاكاديمية المعارضة بسمة قضماني مؤخرا "مع الاسف باتت تتعالى اصوات في اوروبا لتقول ان الاسد في النهاية اهون الشرور" معربة عن القلق من "تغطية ظاهرة داعش (تسمية اخرى لتنظيم الدولة الاسلامية) على جميع انحاء القضية السورية الاخرى". في فرنسا، اقتصرت هذه الاصوات في البدء على الاوساط الموالية لروسيا او جمعيات لدعم مسيحيي الشرق. لكنها امتدت لاحقا لتبرز في اوساط الاستخبارات، حيث شهد التعاون مع دمشق على مستوى مكافحة الارهاب فترات مثمرة في السابق. واعتبر رئيس الاستخبارات الداخلية السابق بيرنار سكارسيني الاربعاء عبر تلفزيون بي اف ام تي في "لا يمكننا العمل على داعش وضد داعش من دون المرور بسوريا، اي ان استئناف الحوار الزامي". واقر دبلوماسيون اوروبيون مؤخرا ان "الكثير من اجهزة الاستخبارات تحبذ العودة الى دمشق" واشاروا الى ان باريس ولندن ما زالتا تتخذان في الاتحاد الاوروبي موقفا "متشددا جدا" ازاء استئناف الاتصالات ولو بحدها الادنى مع دمشق. وكرر وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في 15 الشهر الحالي ان "فكرة امكانية التوصل الى السلام في سوريا عبر الثقة ببشار الاسد واعتبار انه مستقبل بلاده فكرة خاطئة حسب اعتقادي".