بما أن الأمير مولاي هشام أصر، مرة أخرى، على الخوض في القضايا السياسية المغربية، ومارس، كعادته، في منبر صحفي أجنبي، ما سماه حقه «في التعبير بحرية تامة ودون خطوط حمراء» عن تقييماته وانتقاداته ومؤاخذاته لنظام الحكم في المغرب، وعن زعمه من أنه «شخص غير مرغوب فيه في القصر»، فليعذر قيام مواطن عادي، مثل عبد ربه كاتب هذه السطور، بالإفصاح عن رأيه، بصراحة، في خرجات الأمير الإعلامية، دون الإخلال بالاحترام الواجب لعضو من الأسرة الملكية. أولا، إذا كان للأمير مولاي هشام مشاكل وخلافات مع ابن عمه فعليه طرحها، والبحث عن حلول لها داخل العائلة، وليس في الساحة العمومية على صفحات الصحف والمجلات، وعبر القنوات التلفزية. ليس من حقه زرع بذور الشقاق وتغذيتها، لأن ذلك ليس في صالح وحدة البلاد واستقرارها. إن الأمير مولاي هشام ليس مواطنا مغربيا عاديا، ولا يخضع لما يخضع له المواطن المغربي العادي، وبالتالي فمن واجبه، إذا كان يحب هذا البلد ويريد له الخير، التقيد بواجب التحفظ، والتحلي بنفس السلوك الذي كان يتصف به والده، الأمير مولاي عبدالله، رحمة الله عليه، ويستمر في إدارة أعماله ومشاريعه المزدهرة في المغرب وخارجه. ثانيا، استمراره في الخوض علانية في الشأن السياسي المغربي، يطرح إشكالية حقيقية، ويثير التساؤل عن النوايا الخفية لمخططات الأمير مولاي هشام. والسؤال الذي يخترق الذهن بعنف وقلق شديد، هو: هل يطمح الأمير مولاي هشام إلى اعتلاء عرش المغرب بدل محمد السادس الذي يملك مشروعية خلافة والده المرحوم الحسن الثاني؟ إذا كان هذا هو طموحه، فليعلن ذلك بكامل الشجاعة. أما إذا كان الأمر غير ذلك فعليه التوقف، نهائيا، عن التشويش على الحياة السياسية في بلادنا، وليترك للمواطنين العاديين ولمنظماتهم السياسية والمدنية ممارسة الحقوق التي يضمنها لهم الدستور، ومن بينها حق التعبير عن الرأي، وحق الاختيار، وحق اقتراح البرامج السياسية، وحق الوصول إلى السلطة.