في الصورة الأمير مولاي عبد الله عن يمين المغفور له محمد الخامس خلال استعراض عسكري بفاس قال الأمير مولاي هشام في حق أبيه الأمير مولاي عبد الله: ".. لقد تعلمت الكثير من تجربة والدي القريب من الحسن الثاني.. فوالدي كان رفيق الكفاح بجانب عمي الملك.. لقد كان الجندي المجهول.. ودأبت على نعت قبر أبي بقبر الجندي المجهول، كما أسر لي يوما رئيس لدولة لا داعي لذكره وذكرها..". "" قال البعض إن الكتابة عن الأمير المغيب، الراحل مولاي عبد الله نادرة جدا بفعل اعتقاد ساد طويلا، وهو الرامي إلى أن مثل هذه المواضيع ذات حساسية، لذلك سكت عنها الكثيرون، سواء في عهد الملك الراحل الحسن الثاني أو بعد وفاته، واستدام السكوت بفعل الخرجات الإعلامية غير المنتظرة لابنه، الأمير مولاي هشام. من التساؤلات الكبيرة التي ظلت تؤرقني ونحن نحاول قلب صفحات من تاريخ المغرب من جديد، وبوعي جديد، بعدما انكشفت أمامنا جملة من الحقائق الوازنة التي ظلت مغيبة، تغييبا إراديا مفعولا فيه مع سبق الإصرار والترصد، التساؤل التالي: لماذا ظل الأمير مولاي عبد الله، الابن الأصغر للملك محمد الخامس وشقيق الملك الحسن الثاني، مغيبا من التاريخ المغربي الرسمي كأنه لم يكن موجودا؟ وما هي أسباب هذا التغييب رغم استدامة ظهوره على الصورة، سواء في عهد والده أو في عهد أخيه؟ ولماذا لا أثر له في مجريات تاريخ المغرب المعاصر؟ فهل كان مجرد متفرج ومحايد، لا يهمه أمر بلده ومستقبلها؟ ومن كانت له المصلحة في محاولة مسح اسم هذا الأمير الوسيم من ذاكرة التاريخ الرسمي، علما أنه ظل حاضرا، وبقوة، رغم أنف مهندسي خطة التغييب، في ذاكرة التاريخ الشعبي؟ هذه بعض الأسئلة التي مازالت تنتظر الجواب الصريح في إطار إعادة كتابة تاريخ المغرب الحديث، وإن لم يتم ذلك سيظل هذا التاريخ مبثورا، أراد من أراد وكره من كره. سألنا جملة من الشباب عن الأمير الراحل مولاي عبد الله، فكادوا يجمعون على أن كل ما يعلمون بهذا الخصوص، هو المركب الرياضي الذي يحمل اسمه والكائن بالعاصمة الإدارية، الرباط، وأنه والد الأمير مولاي هشام. لقد أثارنا الأمر فعلا عندما علمنا أن الكثير من شباب المغرب لا يعلمون إلا النزر القليل عن الأمير الوسيم وشخصيته، مما دفعنا إلى التساؤل من جديد، لماذا هناك غموض، بل جهل جلي فيما يتعلق بهذا الموضوع في صفوف شباب مغرب اليوم؟ فكيف لا يعلم شباب اليوم أي شيء عن الابن الأصغر للملك محمد الخامس وشقيق الملك الحسن الثاني؟ قد أثارنا ما صرح لنا به أحد الشباب الواعين المتتبعين نسبياً لتاريخ المغرب الحديث حيث، قال: ".. نحن جيل السبعينيات لا نعرف عن الأمير الوسيم مولاي عبد الله، عم الملك محمد السادس الشيء الكثير"، وبمحض الصدفة كان هذا الشاب من أبناء المحمدية، والذي أضاف قائلا: ".. لكوني أقطن مدينة المحمدية، فللأمر معزة كبيرة لدى سكانها كون الأمير الوسيم كان يعيش فيها لمدة طويلة وكان مندمجا مع سكانها، ولازال الكثير منهم يذكرونه بكل تقدير نظرا لطيبوبته وتواضعه مع الصغير والكبير..."، وأسر لنا شاب آخر من جيل السبعينيات كذلك، قائلا: ".. لازلت أذكر، وأنا طفل، ذاك الأمير الوسيم الجميل وهو يقف خلف الملك الحسن الثاني، كما أذكر وأنا في مرحلة الشباب الأولى، يوم رحيله، ولن أنس أبدا مشهد شقيقه الراحل الملك الحسن الثاني وهو ينحني ليقبل نعش الأمير الوسيم ودموعه الغزيرة لا تكف عن السيلان، أبكى بها الحجر والشجر...". الأمير الوسيم الأمير مولاي عبد الله، هو الابن الأصغر للملك محمد الخامس، أخ الملك الحسن الثاني وعم الملك محمد السادس، تزوج الأميرة لمياء الصلح المنحدرة من العائلة الأميرية اللبنانية الذائعة الصيت، عائلة الصلح، وهي نجلة رياض الصلح، الوزير الأول اللبناني، وكان الزفاف يوم 9 نوفمبر 1961، قبيل وفاة والده الملك محمد الخامس، اهتمت الأميرة لمياء الصلح منذ حلولها بالمغرب، بالمكفوفين وترأست منذ نشأتها سنة 1967، المنظمة العلوية لرعاية المكفوفين بالمغرب، أنجبت الأمير مولاي هشام والأمير مولاي إسماعيل والأميرة لالة زينب. تابع الأمير مولاي عبد الله دراسته بالمعهد المولوي بالمشور بالقصر الملكي، إذ منذ إحداثه سنة 1942 من طرف الملك محمد الخامس، تم فتح قسمين، الأول خاص بولي العهد آنذاك (الملك الحسن الثاني)، والثاني خاص بأخيه الأمير مولاي عبد الله. عاش الأمير الوسيم في الخفاء، وراء الستار، وحسب المقربين منه لم يسبق أن أبدى أي اهتمام بالأمور السياسية أو بدواليب الحكم، وظل يفضل أن يظل بعيدا عن دوائر المسؤولية وعن الخوض في الدائرة السياسية، وذلك رغم أنه كان متتبعا للأمور وصاحب خبرة ودراية في معالجة الأمور وصاحب حس دبلوماسي مشهود له رغم قلة المهام الرسمية التي كلفه بها شقيقه الملك الحسن الثاني، لاسيما تمثيله والنيابة عنه في بعض المأموريات بالخارج، خلال فترة وجيزة بعد الانقلابين، عندما فقد الملك الحسن الثاني الثقة بالمحيطين به. تأليب وتسميم العلاقات بين الأخوين الملك والأمير لم يكن الأمير مولاي عبد الله ضحية مؤامرات من طرف ذيول الخيانة فقط، وإنما كان مستهدفا من طرف تدبير مخابراتي خاص ولصيق، كثير من جوانب هذه المؤامرة لم يكن الملك على علم بقيامها، وقد تمكن الأمير من التعالي عليها وعدم الاهتمام بها نظرا لطيبوبته وعدم اهتمامه بدواليب سدة الحكم، ولكونه لم يكن يعرف لا الكره ولا الانتقام، واعتبارا لسعيه إلى العيش كإنسان مهتم بمشاغله والنمط الحياتي الذي اختاره. لذلك قد يبدو أن بعض اللوبيات المحيطة بالملك قد نجحت ظرفيا في تسميم العلاقة بين الأخوين. تعرض الأمير مولاي عبد الله لأكثر من مؤامرة، ساهم في حبك خيوطها مغاربة وأجانب لتسميم علاقاته مع شقيقه الملك الحسن الثاني، لاسيما في الفترات العصيبة التي اجتازها المغرب. على امتداد سنوات، أكد أكثر من مصدر أن عسكريين ومدنيين عملوا كل ما في وسعهم لإبعاد الأمير مولاي عبد الله عن شقيقه الملك الحسن الثاني، لاسيما في الفترات العصيبة التي اجتازها المغرب، وكانت لمحاولات هؤلاء انعكاسات وخيمة، ليس على علاقات الشقيقين فقط، وإنما كذلك على المسار الذي سارت عليه البلاد. لقد جند الجنرال محمد أوفقير، وبعده الجنرال الدليمي، بعض عناصر المخابرات الموالين لهما، للعمل على تسميم العلاقات بين الشقيقين، الملك وأخوه الأمير، وفعلا، نجحوا مرارا في محاولتهم الدنيئة، إذ لم يتركوا فرصة إلا وحاولوا استغلالها. هناك جملة من القضايا قد يكون الأخوان قد اختلفا بصددها، ومنها ما ارتبط بشروط وضمانات استمرارية النظام الملكي بالمغرب، إذ أن الأمير مولاي عبد الله كان دائما يعتبر أن الضمانة الأساسية لاستمرارية استقرار الملكية بالمغرب هي اعتماد إصلاحها باستمرار، وهذا ما عبر عليه بجلاء، بعد وفاة الأمير مولاي عبد الله، نجله الأمير مولاي هشام. ومن جهة أخرى، كان الأمير مولاي عبد الله على علاقة مع مختلف أقطاب الحركة الوطنية، وظلت هذه العلاقة قائمة حتى بعد الاستقلال، واستمرت حتى حين التحق بعضهم بالمعارضة. آنذاك استغل الجنرال محمد أوفقير وزبانيته الفرصة وجندوا عناصرهم وأعدوا تقارير بخصوص لقاءات الأمير مع جملة من السياسيين وقادة الأحزاب وضمنوها تخريجات تسيء للأمير قصد تأليب الملك عليه، الشيء الذي ساهم في توتر العلاقة بين الشقيقين، الملك والأمير، لاسيما وأن ذلك حدث في وقت كانت فيه الأحوال سيئة بالبلاد والجو متوتر بين الملك والمعارضة. وفي هذا الصدد أكدت بعض المصادر أن الملك الحسن الثاني قال لأخيه الأمير يوما ما معناه، أنه لو وقف في طريقه بجانب أعدائه سيقتله، وقد راجت هذه الحادثة كثيرا بين المثقفين في السبعينيات. من نقط الخلاف بين الأخوين (الملك والأمير)، الدعم العربي الذي كان يحظى به هذا الأخير ومحاولته الحثيثة للدفع لربط مصير المغرب بالشرق الأوسط، وهذا طبعا ما لم يكن في حسبان الملك الحسن الثاني، إذ كان يستبعده في مختلف استراتيجياته واختياراته. ومن مؤشرات الاختلاف في المواقف بين الشقيقين، الملك والأمير، الروابط مع الأمازيغ، إذ أن الحسن الثاني كان أقرب إلى الأمازيغ من أخيه الأمير مولاي عبد الله، وفي هذا الإطار مكن الملك المحجوبي أحرضان من وزارة الدفاع والأمن، وكان ذلك حين كان أحرضان يتحرك في نطاق ما سمي بالحركة الأمازيغية ومكتب باريس، وقتئذ لم يكن الملك قد أسس بعد مخابراته الخاصة. هناك تساؤل قد يتبادر إلى الذهن، وهو هل طبيعة العلاقات بين الشقيقين، الملك والأمير، ظلت حاضرة واستمرت في اختراق علاقات الأمير مولاي هشام مع عمه الملك الحسن الثاني، علما أن الأمير هشام تأثر بوالده رغم أن عمه كان معلمه حسب تعبيره؟ من المعلوم أن الملك الحسن الثاني تكلف بتربية أبناء أخيه الراحل الأمير مولاي عبد الله، ومنذ سنة 1985 بدأت تبرز بعض التشنجات في علاقات الأمير مولاي هشام وعمه الملك الحسن الثاني، علما أن الأمير ظل يعتبر عمه الملك معلمه الأول الذي علمه كل شيء وظلت نقطة الخلاف القائمة بينهما هي إشكالية المواطنة في بلدان العالم العربي، لاسيما وأن هذه الإشكالية كان من شأنها أن تثير جملة من التساؤلات حول الأنظمة السياسية المعتمدة في هذه البلدان، وقد أثار الأمير وضعية المغرب بهذا الخصوص، وتأكد هذا المنحى عندما عبر الأمير هشام عن كشف أفكاره وأطروحاته بكل وضوح، فيما يتعلق ب "الملكية الديمقراطية والحديثة بمساهمة كل الفعاليات الوطنية". وعموما، قد نجح أصحاب المكائد، في أكثر من محطة، في تسميم العلاقات بين الأخوين، الملك الحسن الثاني والأمير مولاي عبد الله، إلى حد أن الملك غضب على أخيه، وقد وصل به الأمر، حسب إحدى المصادر العليمة، إلى حد رفض مقابلته والحد من حريته أحيانا، ولم يكن هذا ممكنا دون التقارير المغرضة التي سهر على تهييئها بعض رجالات المخابرات الموالين للخونة أو أبنائهم. ومهما يكن من أمر، فقد تأكد، بما فيه الكفاية وزيادة، أن جيوب مقاومة التطور الإيجابي ولوبيات المصالح الطفيلية ساهمت بشكل دنيء في تسميم العلاقات بين الأخوين، الملك الحسن الثاني والأمير مولاي عبد الله، وذلك على امتداد حياة هذا الأخير الذي ظل مغيبا اسمه من الكتابات التاريخية الرسمية، علما أنه ظل حاضرا، وبقوة برغم أنف أصحاب المكائد، في ذاكرة التاريخ الشعبي. ومن المفارقات أن أغلب المسؤولين عن هذا التغييب المخطط له مع الإصرار وسبق الترصد، أغلبهم هم خونة الأمس بما فيهم أبناءهم وأقاربهم، وبالتالي فلا غرابة، ما دام هؤلاء ظلوا يشكلون جيوب عرقلة التطور المتزن والطبيعي للمجتمع المغربي لأنه، بكل بساطة،فمآل مسار هذا التطور كان سيعصف بمصالحهم المبنية على الانتهازية والطفيلية، إن آجلا أم عاجلا، وقد تنبه الأمير مولاي عبد الله لهذا الأمر مبكرا، وكان هذا كذلك من أسباب الخلاف مع أخيه الملك الحسن الثاني في أكثر من مناسبة. ورغم كل إساءات الجنرال محمد أوفقير للأمير مولاي عبد الله، أضحى من المعروف حاليا، أن الأمير ظل يرأف بعائلة الجنرال رغم خيانته، وحسب عبد الجليل البوصيري، ظلت العلاقة متوترة بين الأمير والجنرال على امتداد تواجده قريبا من الملك ورجل ثقته. لقد دأب الجنرال على اختلاق الأحداث والمواقف لتأليب الملك الحسن الثاني على أخيه الأمير مولاي عبد الله، لاسيما منذ الستينيات إلى حدود لقاء حتفه في غشت 1972. وحسب أكثر من مصدر وظف الجنرال محمد أوفقير جملة من رجاله وعملائه لمحاولة تشويه صورة الأمير سواء في الداخل أو الخارج. وحسب مصدر جيد الإطلاع، كان الأمير مولاي عبد الله ضحية للشلة المحيطة به من الأصدقاء، إذ أن الكثيرين منهم أساؤوا إليه باستغلال اسمه والقرب منه، دون علمه، لخدمة جملة من مصالحهم الذاتية، وأحيانا كثيرة، كانت مصالح دنيئة، وقد انكشف أمر جملة من القضايا وتجلى الاستغلال الدنيء لهؤلاء لقربهم من الأمير سواء في إطار الاستفادة، بدون وجه حق، من الأراضي المسترجعة أو من قانون المغربة أو السطو على بعض الأراضي أو تحقيق "خبطات" في مجال الأعمال والسطو على بعض القطاعات الاقتصادية، وفي هذا الصدد تبرز قضية أراضي أولاد خليفة في منطقة الغرب، التي سقط ضحيتها الكثير من الفلاحين في فجر السبعينيات. الأمير مولاي عبد الله ومجلس الوصاية يقر عمر بندورو، أستاذ القانون الدستوري، أن دستور 1962 هو الذي تبنى مجلس الوصاية وخول له مهامه في حالة عدم بلوغ الملك سن الرشد. وإذا كان هذا الدستور حدد سن رشد الملك في 18 سنة، إلا أن التعديل الدستوري الذي أقره استفتاء 23 مايو 1980 خفض سن رشد الملك إلى 16 سنة فقط، ورفع من أعضاء مجلس الوصاية من أربعة (دستور 1962) إلى أربعة عشر عضوا بناء على دستور 1996. قبل 1980 كان رئيس مجلس الوصاية هو أخ الملك، الأمير مولاي عبد الله، لكن الأمر تغير بعد استفتاء 23 مايو 1980، وأصبح الرئيس هو الرئيس الأول للمجلس الأعلى للقضاء بعضوية رئيسي مجلس النواب ومجلس المستشارين ورئيس المجلس العلمي لمدينتي الرباط وسلا و10 أعضاء يختارهم ويعينهم الملك بمحض إرادته. علما أن الجديد الذي جاء به دستور 1962 والدساتير اللاحقة (1970 و1972 و1992 و1996) هو أن الوراثة على العرش أصبحت مقتصرة فقط على ذرية الملك الحسن الثاني، كما تم الاستغناء عن البيعة في اختيار ولي العهد وتنصيب الملك الجديد، وهذا ما أدى بالبعض إلى انتقاد هذا التغيير الجذري بخصوص مسطرة اختيار الملك باعتبارها مناقضة لمبادئ التقاليد الدستورية المحلية، وقد عبر على هذا الرأي العالم محمد بن العربي العلوي، وكان آنذاك من كبار العلماء ومستشارا للبلاط، وبعد دسترة الوراثة على الحكم والاستغناء عن البيعة برز تساؤل بخصوص مسطرة البيعة ومغزى المسطرة الجديدة. علما أنه في التقاليد الدستورية المغربية تعني البيعة بالأساس الموافقة على تنصيب الملك الذي يلتزم بالعمل على احترام الشريعة الإسلامية والقوانين والسهر على الوحدة الترابية والدفاع عليها، أي أن البيعة عقد بين الأمة والملك، وبالتالي في حالة عدم احترام الملك لالتزاماته وواجباته يحق للأمة عدم الخضوع لأوامره وفسخ هذا العقد. لكن من الناحية المبدئية، يبدو أنه لا يجب الاحتفاظ بالبيعة مادام أن الدستور قد قنن مسطرة الوراثة وأخضعها لشروط واضحة، وإذا كانت هناك رغبة في الاحتفاظ بها وجب التنصيص عليها في الدستور وتبني المسطرة المعمول بها في تاريخ الدولة العلوية، وبالرجوع لموقع شقيق الملك، الأمير مولاي عبد الله، في مجلس الوصاية بعد تعديل 1980. إذ لم يعد عضوا فيه، وقد طرح هذا التغيير جملة من التساؤلات آنذاك، لاسيما فيما ارتبط بمغزى إلغاء عضوية أخ الملك. فهناك من قال إن هذا التعديل استهدف سحب الطبيعة الشخصية للمجلس في شخص أخيه رغبة في جعل المجلس أكثر ديمقراطية. إلا أن آخرين ذهبوا إلى تأويل هذا التغيير في اتجاه مختلف، وفسروه بخوف الملك الحسن الثاني من أن يحول رئيس مجلس الوصاية، آنذاك أخوه الأمير مولاي عبد الله، الوراثة على العرش إلى شخصه وذريته، لاسيما وأن اختصاصات مجلس الوصاية كان منها ما هو تقريري ومنها ما هو استشاري إلى غاية بلوغ الملك سن 16 كاملة. الأمير مولاي عبد الله وأطروحة عبد الصادق الكلاوي خطط التهامي الكلاوي، باشا مراكش، لخيانة المغرب والمغاربة للحفاظ على استمرارية الملكية بالبلاد، هذه هي الأطروحة التي اعتمدها ابن الباشا عبد الصادق الكلاوي بحثا عن صيغة من صيغ إعادة الاعتبار لوالده، إلا أن مجهوداته ذهبت سدى بفعل ما ألحقه أبوه بالمغرب وبالمغاربة، علما أن ما قام به باشا مراكش، وما اقترفه من خيانة عظمى، قام به عن قناعة وخدمة لمصالح آنية ومستقبلية أكيدة لا تمت بصلة بما يدعيه ابنه، لكن ما موقع الأمير مولاي عبد الله ضمن أطروحة عبد الصادق الكلاوي؟